إعلان

في مولد السيدة نفيسة.. المقابر "عمرانة" بحِس زوار آل البيت (صور)

10:54 م الأربعاء 13 فبراير 2019

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت - شروق غنيم:

تصوير - محمود بكار وشروق غنيم:

طيلة ستة أيام فُتحت الضيافات لأهل مولد السيدة نفيسة، الذي بدأت فعالياته الجمعة الماضية، فيما يُقام اليوم الأربعاء الليلة الختامية. في الشوارع الضيقة والرَحبة تُنصَب الخدمات والتي عادة تُصنع من أقمشة فتصير أقرب إلى الخيمة، غير أن في هذا المولد تحديدًا ثمة تفاصيل مختلفة في الضيافة، إذ تنفتح أبواب أحواش المقابر لزوار المولد، يستقرون وسط شواهد الموتى، يذكرون الله، يتلّمسون القرب من "ستنا نفيسة العلوم" كما يصفون.

1

طاف أبو الدهب على موالد عِدة، لا يفوّت تلك المُقامة في بلدته سوهاج غير أن لآل البيت مكانة لا يبلغها أحد بقلبه. يرتحل الشاب العشريني من قريته إلى قلب العاصمة، يبتغي المدد من الحُسين، والسيدة زينب، والسيدة نفيسة، غير أن الأخيرة يعيش معها أجواء مختلفة.

أقبل أبو الدهب على المولد يوم الجمعة الماضية، دلف إلى مكانه المُعتاد كل عام رفقة عائلته، يمكث داخل إحدى المقابر التي تصير خدمة في ليالي الموالد، يُقدّم لهم الطعام، ينالوا حظهم من غطاء يقيهم برد الليل، تُقام أمامهم حلقات الذكر، فيما تطل عليهم شواهد الموتى في كل لحظة. لكل شاهد سِمة خاصة، غير أن اللونين الأخضر والأصفر لا يبرحان كل شاهد، فتطابق الألوان مع جِلباب أبو الدهب، أو "عِمة" خاله خضراء اللون.

2

يؤمن الشيخ نحمده أن المكان هو من اختاره، حين أراد إقامة لإطعام روّاد المولد، تجول داخل أزّقة المنطقة، اطمأن قلبه إلى إحدى المدافن الواسعة، ساحة تتوزّع بداخلها شواهد كتب عليها اسماء الموتى "لكن مفيش حد مدفون تحتها" إذ تنغلق أحواش أخرى داخل المكان نفسه "وده المدفن، اللي تحت الشواهد ده المدخل للقبر".

صار ذلك المكان قِبلة نحمده طيلة خمسة وعشرين عامًا، ينفر البعض من المكوث داخل المدافن "لو في يقين بالله، وبرسوله محدش هيخاف يخطّي العتبة دي". يأتي صاحب السبعة وأربعين عامًا إلى مولد السيدة نفيسة من منطقة الخانكة، بات اسمه معروفًا وسط أصحاب الخدمات "لإن عندي محذورات زي الشيشة مثلًا أو أي شئ يعطّل القلب عن الذكر"، يجلس بينما ينهمر الحضور على الخدمة، عادة أساسية للرجال والسيدات كلما أقبلوا على المكان يبادلون الشيخ التحية أولًا، لا يمّل الرجل الأربعيني من تكرار رده "منورة يا ستنا، كل سنة وأنتِ طيبة.. أدخل يا عمنا تآنس وتنور".

3

يحضر الرجل الأربعيني إلى المكان قبل موعد المولد، يُعده جيدًا كي يصبح لائقًا للحدث "بنعلق زينة ونعمل صوان"، يعتبر المولد "أفراح آل البيت، لإنه أكتر مكان بيجمع الغلابة في مكان"، لذا لا تخلو الخدمة من الأطعمة والمشروبات "عمرانة طول الوقت بحِس آل البيت. أنا وأخويا بنتصدق بالأكل وأما حد بيحب يشارك معانا حتى لو بكيس سكر بنستقبل ده"، غير أن لهم طريقة حازمة في التعامل مع العطايا "عمرنا ما نطلب من حد يجيب حاجة".

تدور موائد الأطعمة على الجالسين، لا تنقطع "صواني" الشاي الساخنة عن التقديم، يصدح منشدين هواة بالذكر بين الحين والآخر، فيما يتكئ آخرون على الشواهد المنصوبة، يُريحيون أجسادهم على بنائها الصلب، باتت الشواهد باهتة اللون، لكن أسماء أصحابها لازالت باقية، تمرر النظرات عليها فتُقرأ الفاتحة، فيما يتسلل الطمأنينة إلى القلب كلما انبعثت كلمة الله داخل المكان.

4

يتبدّل حال الحوش، تُعلّق الأنوار المبهجة في ليالي المولد، يستحيل وحشته إلى أُنس، فيما لا ينقطع الذكر بداخل المكان. حالة سَكينة تتلبّس أبو الدهب، لا يدّب الخوف بداخله، تذوب مخاوفة كلما حضر مولد، حتى وإن كان يبيت وسط الموتى، يُخيّل إليه حتمية كل شخص فيتقرّب بالذكر أكثر إلى الله "هنا مفيش قلق، بالعكس ببقى مرتاح على طول، لكن حالة الطمأنينة دي بتروح أما المولد يخلص وأخرج برة الحوش ده".

5

فيديو قد يعجبك: