إعلان

فيلم "إن شئت كما في السماء".. القضية الفلسطينية "بدون دبابات"

07:45 م السبت 30 نوفمبر 2019

فيلم إن شئت كما في السماء

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-رنا الجميعي:

يُخيل إليك حالما تقرأ عن وجود فيلم فلسطيني، أنك ستشاهد المدافع والدبابات واللغة العبرية تخترق أذنيك، لكن في فيلم المخرج الفلسطيني "إيليا سليمان" لن تجد ذلك، الفيلم الذي شارك في مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ 41، هو تجربة مُختلفة عما تعرفه عن السينما الفلسطينية.

يعتبر "إن شئت كما في السماء" هو الفيلم الرابع لمخرجه، والذي يحكي فيه عن رؤيته للعالم عن طريق تعرّض البطل-وهو مخرج الفيلم أيضًا- للعديد من المشاهد التي تجري أمامه دون أن يتفاعل معها، فهو مُجرد متفرج مثلنا، يرى البطل العالم بعينيه في ثلاثة مُدن؛ الناصرة وباريس ونيويورك.

ورغم حُدوث تلك المشاهد أمامه، ورغم أنه يُمكن أن يتعرض للخطر، لكنه لا يرد مُطلقًا، فلا تدرك شعوره سوى من الانفعالات التي تجري على صفحة وجهه، ولا تحتاج أكثر من ذلك لتستلقي من كثرة الضحك، حيث اعتمد المخرج في تكوين مشاهده على الكوميديا السوداء، لتُدرك أنه يسخر من العالم ومن سُلطاته التي تتحكم في البشر.

برع المُخرج في استخراج مفارقة من كل مشهد فانتازي تجعل المتفرج مُتفاعلًا، أحيانًا دون أن يكون هناك داخل المشهد كلمة واحدة، حيث يسير البطل مُتنقلًا في شوارع مدينته الفلسطينية الناصرة، يرى أهلها وتعامل الشرطة العنيف معهم، ثُم يسافر إلى عاصمة النور، باريس، ليعرض فيلمه على شركة إنتاج هناك، وفي باريس يرى عالمًا مُختلفًا، لكنه عنيف أيضًا، كذلك حين يتجه إلى نيويورك، والتي يرى أهلها حاملين للسلاح، حتى الأطفال منهم.

شارك الفيلم في مهرجانات دولية كثير، كما أنه نال تنويه خاص من مهرجان كان السينمائي، إضافة إلى جائزة النقاد.

2

ويعتبر الفيلم رؤية ذاتية جدًا للمخرج، يحكي فيها عن طريق سرد غير تقليدي رؤيته للعالم، وتعامل شركات الإنتاج معه، حين يعرض عليهم سيناريو فيلم فلسطيني لا يوجد به كلام للحصول على تمويل، تلك النظرة الُمختلفة عن فلسطين لا تُعجب شركات الإنتاج، حيث تحتاج من نوعية الأفلام تلك حديثًا عن المقاومة والمستوطنات والاحتلال الإسرائيلي بشكله الواضح، لكن سليمان في فيلمه لا نراه من ذلك النوع المُحِب للشعارات.

إذا كنت تريد من الفيلم الفلسطيني الطنطنة والحديث عن الاحتلال والحرية وما إلى ذلك، فلن تجد ذلك داخل "إن شئت كما في السماء"، ولكن فلسطين حاضرة بشحمها ولحمها داخل الفيلم بطريقة مُغايرة، في أحد المشاهد نرى سيدة بجناحين أبيض اللون ومرسوم على جسدها علم فلسطين، كما كتبت أيضًا "الحرية لفلسطين"، ومن دون كلمة واحدة تجري الشرطة الفرنسية وراءها للقبض عليها، لكنها تتمكن من الإفلات منهم.

3

عبر مشهد واحد فقط تمكّن سليمان من التعبير عن رأيه، وأنه مهما بلغت قوى العالم في إسكات القضية الفلسطينية، ستجد طريقها مُفلتة من بين أياديهم.

"أنا ناصري.. من فلسطين".. تلك كانت الجُملة الوحيدة التي نطق بها البطل طيلة الفيلم، كأنه يريد التأكيد على هويته مهما سافر وراح، قالها البطل لسائق تاكسي أمريكي حينما أدرك فلسطينيته عامله كأنه أسطورة، حتى أنه اتصل بزوجته يُخبرها بأنه قابل فلسطينيًا، وهو ما أوضحه الشاعر مريد البرغوثي في سيرته "رأيت رام الله"، حين قال "العالم معني بوضع القدس، بفكرتها وأسطورتها، أما حياتنا في القدس، وقدس حياتنا، فلا تعنيه"، وهكذا وضع العالم هالة مقدسة حول فلسطين، يُعامل أصحابها على إثرها كأنهم ليسوا بشر عاديين.

4

في فيلم واحد قال سُليمان الكثير دون أن ينطق، كما استخدم الأغاني لقول ما يريده أيضًا، فكل أغنية كانت لها مكانها المُحدد، وبالأخص أغنية "عربي أنا" ليوري مرقدي، التي تم تشغيلها في نهاية الفيلم، ففي ملهى ليلي يرقص شباب على نغمات "عربي أنا"، شباب قد انتزعت هويتهم وتحوّلت إلى أغنية راقصة.

فيديو قد يعجبك: