إعلان

مشروع "مسار".. حُلم أم تبيع كتب الأطفال

06:29 م الجمعة 04 يناير 2019

مشروع مسارلكتب الأطفال

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-رنا الجميعي:

إذا صادف وُجودك داخل أحد معارض الكُتب، ومررت بجوار مشروع "مسار"، ستجد سيدة تقف بحماس فريد تفتح لك الكُتب المغلفة واحدًا واحدًا، لتُفهمك إياها وتمرر لك حُبها تجاه كتب الأطفال، ، لن تتركك إلا في حالة واحدة وهي استيعابك لما تُضيفه تلك الكتب للصغار لبناء شخصياتهم، فهي مؤمنة بشدّة لما تفعله على مدار تسع سنين حتى الآن.1

في يناير 2010 كانت دُعاء تقوم بالطقس المعتاد؛ اصطحاب ابنها للتمرين داخل واحدة من الأكاديميات الرياضيات، ذات مرة استوقفها وجود المعرض الذي يُباع فيه مواد استهلاكية كطعام الأطفال، ومُنتجات للأمهات "لقيت المعرض كله حاجات استهلاكية مفيش حاجة موجهة للطفل تخاطب عقله"، من فرط غيظها ذهبت للإدارة تسأل عن امكانية المُشاركة في المعرض، وقدمت المبلغ المطلوب لإقامة مكان مخصص لها، واندفعت خارجًا "فكرت إنه لازم أعمل مشروع خاص لكتب الأطفال، رغم إني مكنش عندي أي سابق خبرة".

بعد شهرين فحسب، كانت دعاء واقفة ضمن العارضين وسط الأكاديمية الرياضية، شعرت بخوف وتردد حيال الأمر، هي التي تكفّلت بشكل ذاتي شراء عدد مبدئي من الكُتب، لتُقيس مدى نجاح الفكرة، لم يكن هدف دعاء البيع فقط، بل توعية الآباء والأمهات حول كُتب الأطفال "لا الأب ولا الأم عندهم وقت ينزلوا يختاروا كتب لولادهم"، تفاجئت دعاء حين لفت أب منظر الكتب "قالي هودي ابني التمرين وأرجعلك"، هُنا تيقنت صاحبة مشروع مسار امكانية تحقيق الفكرة فعليًا "بقيت أعرض هناك من وقت للتاني، والناس بتبقى رقبتها ملووحة على الكتب".

2

في طفولتها تربّت دعاء عباس على حُب كتب الأطفال، حيث وُلدت بدولة الكويت، هُناك تعرّضت دعاء لكتب مُتنوعة بنت شخصيتها في ذلك الوقت، وملأت قلبها الصغير بحُب شديد تجاه تلك النوعية من الكتب، وهو ما حملته معها طيلة سنوات حتى أصبحت مُلمّة بكل ما يحدث في مجال كتب الأطفال، من باب الهواية ثُم لتربية أبنائها بعد ذلك "كنت بقرا كل يوم مع ولادي قصة".

لا يقتصر دور دعاء على البيع، بل تقوم بتوعية أولياء الأمور بكتب الأطفال "لازم أفتحلهم الكتاب يلمسوه ويشوفوا أد ايه هو مهم لطفلهم، أنا مش هفرح إنه يشتريه وانتهينا على كدا"، في كل مرة تبيع فيها الأم لطفلين كتاب تتأكد من أنها تجربة عصية على النسيان بالنسبة لعملائها "عشان يحسوا إنهم واخدين خدمة مش متعودين عليها".

تُركّز دعاء على بيع كُتب تُهم الأطفال في عمر الرابعة حتى السابعة عشر، ويتراوح ثمنها من خمسة جنيهات وحتى أربعمائة، كما تخلو منضدة الكتب التي تعرض عليها من أبطال القصص الكارتونية، حيث تؤمن أن لبناء شخصية الطفل عليه ألا يُقلّد أحد.

3

تعرّض مشروع مسار لمحطات توقف، كانت البداية مع انطلاق ثورة يناير 2011، حيث توقف المشروع لستة أعوام، استأنفت دعاء ثانية مشروعها في أكتوبر 2016، عرضت بعدة أماكن في التجمع الخامس ومصر الجديدة، لكنها أدركت أنها بحاجة لفهم أعمق لكيفة إدارة مشروع، فقامت بدراسة دبلوم تنمية ثقافية، بكلية آداب جامعة القاهرة، "قابلتني مشاكل كتير في الإدارة خاصة الجزء المالي، وكنت محتاجة أدرس عشان أقدر أكمل المشروع".

توقفت دعاء ثانية في ابريل 2017 حين أدركت حاجتها للدراسة، حتى يقف المشروع على قدمين، لا قدم واحدة، لكنها خلال فترات عرضها للكتب، تمكّنت من الحصول على قاعدة من المهتمين، كانت دعاء تُدوّن كل من اشترى منها اسم اسم، تكتب بجوار كل منهم الكُتب المشتراة، وما هي حاجته التي لم يجدها من الكتب، لتعود إليه في كل مرة تعرض فيها ثانية "بسأل عليهم من وقت للتاني، وأعرف استفادوا من الكتب اللي اشتروها ولا لا، الناس أوقات مبتكونش مصدقة إني بسأل وبتابعهم".

هناك العديد من دور النشر والمبادرات التي تهتم بكتب الأطفال، إلا أن المُختلف الذي تُقدّمه دعاء بحسب قولها هو التنوع "عندي كتب في كل المجالات من الدين والعلوم لحد التخصصات الدقيقة زي كتاب عن تعليم الأطفال برامج هندسية على الكومبيوتر، أو كتاب إزاي يقدر طفل يعمل ميزانية وهو صغير"، تُشير المُدربة في كتب الأطفال أيضًا إلى أن هُناك نقص في المحتوى العربي للأطفال "معظم الشغل دا بيكون مترجم".

قدِم هذا التنوع في الكتب عبر اهتمام دعاء بالبحث وراء جميع دور النشر ومكتبات التوزيع "بدور كويس جدًا، وعارفة كل الدور اللي بتنزل كتب أطفال، لدرجة إن بلاقي كتب مترّبة ومهملة"، تجتهد دعاء أيضًا في تقديم الكتاب بشكل حسن، تقوم بتنظيفه، تُغلف الكتب في أكياس مُخصصة لها "عشان أحسس كل طفل إن الكتاب دا ليه لوحده".

4

يتنوّع أيضًا اهتمام الآباء والأمهات، هُناك من يُريد كتب علمية لابنه، وآخر دينية، لكن هناك سلاسل كتب تنتهي عند دعاء في كل مرة، منها سلسلة كتب إدارة الغضب، تُخاطب الأطفال من سن التاسعة حتى الرابعة عشر "دي بتشرح أسباب غضب الطفل، وفي آخر الكتاب لعبة يطبقوا من خلالها اللي تعلموه للتحكم في غضبهم وفيه ارشادات ازاي الطفل يتصرف لما يحس بالغضب".

دراسة الدبلوم أفادت دعاء كثيرًا "فهمت في الإدارة أكتر، كمان عرفت إني لازم أعمل أنشطة، مكتفيش بالمعرض"، حُلم الأم كبير، حيث يتسع خيالها ليهيم حول إنشاء مؤسسة متكاملة للأطفال، يكون لديها فروع في محافظات مصر، كما ترغب في إقامة أضخم معرض لكتب الأطفال في الشرق الأوسط، مازال المشوار طويل أمام دعاء لكنها توقن بـ"إن الحاجة اللي بتتعمل بقلب بتوصل للناس".

فيديو قد يعجبك: