من وسط الركام.. فلسطيني يصنع طرفًا صناعيًا من "ماسورة مجاري" بعد بتر قدمه
كتب : محمد جعفر
فلسطيني يصنع طرفًا صناعيًا من ماسورة مجاري
في مشهد يلخص وجع غزة المحاصرة، وثّق مقطع مصوّر بثته قناة الجزيرة معاناة المواطن الفلسطيني إبراهيم عبد النبي، الذي فقد ساقه خلال الحرب الإسرائيلية المتواصلة على القطاع، ووسط الحصار الخانق وانهيار المنظومة الطبية، لم يستسلم عبد النبي لعجزه، فابتكر طرفًا صناعيًا بدائيًا من أدوات منزلية بسيطة، متحديًا الألم والإعاقة بكرامة لا تنكسر.
يقول إبراهيم، وقد وقف على ساقه الاصطناعية المصنوعة يدويًا: "هذه ماسورة مجاري... تبع الشبابيك الألمنيوم، ثبتّها بمسامير وسلوك"، في إشارة إلى الطرف الذي صمّمه بنفسه بعد أن سُدّت في وجهه كل سبل العلاج.
رحلة الألم التي أصابت إبراهيم بدأت حين توجه يوم 27 مايو 2025 إلى منطقة العلم، حيث كانت تُوزّع مساعدات غذائية أمريكية في القطاع، فذهب الشاب الفلسطيني للمنطقة لعله يجد ما يسد به رمق أطفاله الجياع.
ويوضح: "قالوا لنا لازم تجيبوا الهوية.. جبت هويتي ورحت على المساعدات، وما إن وصلت إلا وأُصبت بطلق ناري متفجر، بتروا رجلي في المكان نفسه، وبقيت أنزف مكاني لأكثر من ساعة ونصف قبل أن أنقل إلى مستشفى الصليب، حيث بترت ساقي بعدها".
وبعد شهر ونصف عاد إلى أبنائه الذين وجدهم قد صنعوا الخبز من العدس، و"المكرونة" دون صلصة، في مشهد يعكس شبح الجوع المخيّم على كل بيت في غزة.
ولم يكن إبراهيم بعد عودته من المستشفى يمتلك ثمن طرف صناعي، ولا وجد من يتبرع له به، فقررت زوجته أن تحاول من جديد تأمين المساعدات، ولكن دون جدوى، حينها قرر أن يتحدى واقعه بنفسه.
وعن كيفية صناعة قدمه الجديدة، يقول إبراهيم: "عملته بماسورة مجاري، شلتها من الحمام، غسلتها، عقّمتها، فرشتها... وجبت حديدة من شباك ألمنيوم، وثبتها بمسامير وسلوك. والحمد لله، صارت طرفًا أقدر ألبسه وأكمل حياتي فيه."
لم يكن الطرف من معدن متطور ولا من تقنية حديثة، بل كان من كرامة رجل لم يسمح لعجزه أن يُقعده، ولا لحربٍ غاشمة أن تسرق ما تبقى من إنسانيته، وبهذا الطرف، وبروح لا تعرف الانكسار، بعث إبراهيم الحياة في جسده من جديد، تمامًا كما تبعث غزة الحياة من تحت الركام في كل يوم.