إعلان

بعد بيان أديس أبابا الأخير.. هل يتصاعد العداء العلني بين مصر وإثيوبيا؟

كتب : سهر عبد الرحيم

03:42 م 04/12/2025

مصر وإثيوبيا

تابعنا على

أثار البيان الأخير الذي أصدرته وزارة الخارجية الإثيوبية بشأن مصر، انتقادات مصرية واسعة، إذ صعدت فيه أديس أبابا لهجتها ضد القاهرة بشكل غير مسبوق، متهمة مصر بـ"العقلية الاستعمارية"، زاعمة أنها ترفض الحوار بشأن مياه نهر النيل.

وربما يُنذر هذا البيان غير المسؤول، الذي يحمل رسائل مبطنة وأخرى صريحة، بتصعيد العداء العلني بين مصر وإثيوبيا.

نقطة تحول خطيرة

في هذا الشأن، حذر الدكتور محمد محمود مهران، أستاذ القانون الدولي العام والأمين العام للجنة الدولية للدفاع عن الموارد المائية، من أن البيان الإثيوبي الأخير ضد مصر يمثل نقطة تحول خطيرة تدخل البلدين في مرحلة العداء العلني غير المسبوقة، لافتًا إلى أن "المنطقة باتت على حافة الصدام والخطوط الحمراء تم تجاوزها بشكل لا رجعة فيه".

وقال مهران في تصريحات لـ "مصراوي"، إننا لم نعد أمام خلاف دبلوماسي تقليدي، بل أمام حالة عداء معلنة وصريحة، موضحًا أنه عندما تتهم دولة دولة أخرى بالعقلية الاستعمارية علنًا وتهدد أمنها المائي بشكل مباشر، فهذا يعني أن كل قواعد الدبلوماسية قد انهارت وأن الطريق إلى المواجهة بات مفتوحًا على مصراعيه.

وأضاف مهران، أن إثيوبيا اختارت بوعي كامل طريق العداء الشامل، وهذا قرار كارثي سيدفع ثمنه الجميع في المنطقة، مؤكدًا أن البيان الإثيوبي يمثل إعلان حرب مائية واضحًا على مصر والسودان.

كما أوضح أن لغة البيان العدائية غير المسبوقة والاتهامات المباشرة والتهديدات المبطنة تعكس قرار النظام الإثيوبي بالذهاب إلى أقصى درجات التصعيد دون اعتبار للعواقب الوخيمة، مشددَا على أن اثيوبيا تعلم تمامًا أنها تدفع المنطقة بأسرها نحو الهاوية، لكنها اختارت هذا الطريق الانتحاري رغم كل التحذيرات الدولية والإقليمية.

مصر أمام خيارات محدودة.. وإثيوبيا ستندم

لفت الدكتور محمد مهران، إلى أن مصر أصبحت الآن أمام خيارات صعبة ومحدودة، مؤكدًا أن الدبلوماسية وصلت إلى طريق مسدود تمامًا بعد 15 عامًا من التلاعب الإثيوبي، والقانون الدولي تم استنزافه بالكامل دون جدوى، ولم يبق أمام مصر سوى خيارات أخرى أكثر حسمًا وقوة لن تكون سهلة أو مريحة لأي طرف.

وحذر من أن استمرار إثيوبيا في هذا النهج الاستفزازي العدائي يعني بكل وضوح أننا على أعتاب أزمة إقليمية كبرى قد تشعل المنطقة بأسرها وتدخلها في دوامة صراع لا يمكن التنبؤ بنهايته.

وتابع: "البيان الإثيوبي ليس مجرد كلمات دبلوماسية عابرة، بل هو إعلان واضح وصريح بأن أديس أبابا قررت المواجهة الشاملة مع مصر، وعندما تختار دولة المواجهة مع دولة وجودها وحياة 115 مليون مواطن فيها مرتبطة بالمياه، فالنتيجة معروفة ومحسومة سلفًا".

وأختتم الدكتور محمد مهران حديثه بالقول، إن إثيوبيا ستندم ندمًا تاريخيًا على هذا القرار الأرعن والمتهور الذي اتخذته بإصدار هذا البيان الاستفزازي الخطير غير المسبوق في تاريخ العلاقات المصرية الإثيوبية.

رسائل مبطنة وصريحة خلف البيان الإثيوبي

من جانبه، قال الدكتور رأفت محمود، خبير أمن الممرات الملاحية والمائية والشأن الإفريقي، إن البيان الإثيوبي الأخير البيان الإثيوبي لا يمكن قراءته بمعزل عن التطورات الإقليمية المحيطة، إذ يحمل رسائل مبطنة وصريحة تعكس توترًا متصاعدًا لدى أديس أبابا من الدور المصري في المنطقة.

وأوضح محمود خلال حديثه لـ"مصراوي"، أن هذه الرسائل تتمثل في:

أولًا: الخوف من الثقل المصري في الصومال

هناك شعور متزايد لدى إثيوبيا بوجود ثقل مصري متنامٍ في المنطقة، خصوصًا في الفترة الأخيرة، فالحضور المصري في الصومال أصبح فاعلًا بصورة واضحة. ففي وقتٍ سابق، انتقد السفير الإثيوبي في الصومال الوجود المصري والتنسيق القوي بين القاهرة والقيادة الصومالية، خاصة فيما يتعلق بقوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي (AUSSOM) داخل الصومال، والتدريبات التي تجريها القوات المصرية أو الخبراء الأمنيون المصريون للقوات الصومالية.

ثانيًا: التنسيق المصري الإريتري

هناك تنسيق مصري–إريتري بلغ ذروته خلال الفترة الماضية، بالتزامن مع تصاعد التوتر بين إريتريا وإثيوبيا بشأن السعي الإثيوبي للحصول على منفذ بحري داخل الأراضي الإريترية. وقد كان الموقف الإريتري واضحًا في رفض هذا التوجه، إلى جانب الدعم المصري لإريتريا في هذا السياق.

كما أن هناك تنسيقًا مصريًا فاعلًا مع دول الجوار الجغرافي الأخرى، سواء جيبوتي – خاصة ما أُثير بشأن التوجه نحو الحصول على منطقة لوجستية في ميناء دوراليه الجيبوتي، وهو الميناء الذي تُصدَّر عبره معظم الصادرات الإثيوبية – أو في كينيا وأوغندا والكونغو الديمقراطية، إضافة إلى السودان.

ثالثًا: الرد على التصريحات المصرية

جاءت التصريحات الإثيوبية الأخيرة، ردًا على تصريحات مصرية واضحة وصريحة؛ منها تصريح الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال "أسبوع المياه" الذي عُقد قبل أيام في القاهرة، والذي أشار فيه إلى التعنت الإثيوبي وغياب اتفاق ملزم ينظم تصريفات المياه بين الجانبين، خاصة خلال سنوات الجفاف والجفاف الممتد، إلى جانب الإدارة العشوائية لسد النهضة.

كما صدرت تصريحات متتالية لوزير الخارجية بدر عبد العاطي، وآخرها خلال زيارته لبرلين ولقائه نظيره الألماني، حيث أكد رفض العودة إلى التفاوض مع إثيوبيا بشأن سد النهضة في ظل فشل جميع الجولات السابقة في التوصل إلى اتفاق ملزم، أو تحقيق إدارة رشيدة للسد.

البحر الأحمر.. جوهر الصراع الخفي

يعتقد الدكتور رأفت محمود، خبير أمن الممرات الملاحية والمائية، أن إثيوبيا تصعّد حاليًا تجاه مصر لشعورها بأن القاهرة تقف في طريق حصولها على منفذ بحري على البحر الأحمر، سواء عبر دعمها للصومال في هذا الشأن أو لمساندتها إريتريا.

ويشير محمود، إلى أنه بالنسبة لإثيوبيا، فإن امتلاك منفذ بحري يُعدّ أمرًا استراتيجيًا وحيويًا، فهي دولة حبيسة ذات تعداد سكاني مرتفع واقتصاد يسعى إلى النمو، كما أنها تعمل على إعادة إحياء قواتها البحرية من جديد، ووقّعت أديس أبابا بالفعل اتفاقيات متعددة مع قوى دولية كفرنسا وإيطاليا وروسيا لتدريب كوادرها البحرية.

ويختتم الدكتور رأفت محمود، حديثه بالقول إن الموقف المصري الرافض لاستئناف جولات التفاوض، والتي لا تحقق أي عائد حقيقي سوى منح إثيوبيا مزيدًا من الوقت لتحقيق مكاسب جديدة كما حدث في السابق عندما استمرت في بناء السد حتى شهدنا تدشينه في شهر سبتمبر الماضي، يبعث برسائل واضحة إلى إثيوبيا بأن مصر ستتجه خلال الأيام المقبلة إلى مسارات أخرى في هذا الملف، ما يُشير إلى أن الوضع قابل للتصعيد وأن كل الخيارات تظل مطروحة.

فيديو قد يعجبك



محتوى مدفوع

إعلان

إعلان