إعلان

سلاح ذو حدين.. دور مواقع التواصل الاجتماعي في حرب أوكرانيا!

08:18 م السبت 30 يوليه 2022

الجيش الأوكراني

(دويتشه فيله)

تلعب منصات التواصل الاجتماعي دورًا رئيسيًا في توثيق جرائم الغزو الروسي لأوكرانيا وحشد الدعم الدولي لكييف. لكن في المقابل يتم استغلال هذه المنصات لتزييف الحقائق ونشر الأخبار الكاذبة أيضا.

قبل أن تفجع الأم الأوكرانية إيرينا دميتريفا بمقتل طفلتها ليزا ذات الأربع سنوات في قصف استهدف جنوب غربي البلاد، قامت بنشر مقطع قصير للطفلة المصابة بمتلازمة داون وهي تلعب في شوارع مدينة فينيتسا.

بيد أنه بعد وقت قصير، استهدف قصف روسي المدينة في الرابع عشر من يوليو طال مستشفى ومتاجر ومبانٍ سكنية وأودى بحياة 24 شخصا من بينهم الطفلة ليزا، فيما كانت والدتها إيرينا من بين أكثر من 200 مصاب.

وعقب القصف وفيما كانت إيرينا تتلقى العلاج في أحد مستشفيات أوكرانيا، انتشر المقطع المصور الذي صورته لطفلتها ليزا قبل الهجوم بشكل كبير حول العالم، حيث جرى مزجه بصور الطفلة وهي ملقاة وسط الركام عقب سقوط الصواريخ الروسية.

وحظيت قصة الطفلة على اهتمام إعلامي واسع النطاق حتى أن وسائل إعلامية دولية مثل صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أفردت حيزا لتغطية مراسم تشييعها.

وفي ذلك، تقول يوليا تيشكيفسكا، المديرة التنفيذية لمعهد "آسبن إنستيتيوت كييف" البحثي، إن "قصة ليزا موجعة وتُظهرالواقع الوحشي للغزو الروسي، لكن بدون وسائل التواصل الاجتماعي، لم يكن ليعرفها العالم". فانتشار قصة ليزا حول العالم يظهر الدور الذي باتت وسائل التواصل الاجتماعي تلعبه في نقل مجريات الحرب في أوكرانيا التي أضحت الأكثر انتشارا وتوثيقا في التاريخ.

ملايين المراسلين الحربيين!

في منتصف العقد الأول من الألفية، ظهرت منصات التواصل الاجتماعي لأول مرة وكان لها تأثير كبير في نقل الصراعات والحروب، خاصة الحرب في سوريا وإثيوبيا. غير أن التقدم التكنولوجي الذي حدث مؤخرا خاصة ثورة الهواتف الذكية، جعلالصراع في أوكرانيا حالة فريدة؛ إذ بات أي شخص لديه هاتف ذكي بمقدوره أن يكون مراسلا حربيا!

فوفقا لمسح أجرته منظمة أوكرانية غير حكومية في مايو/ أيار الماضي، أكثر من 76 بالمائة من الأوكرانيين يستخدمون منصات التواصل الاجتماعي للبقاء على دراية بمجريات الحرب والتفاعل معها. فيما باتت منصات مثل انستغرام ويوتيوب وفيسبوك أبرز مصادر الأخبار في البلاد.

ويظهر ذلك كيف أصبحت منصات التواصل الاجتماعي ذات تأثير كبير في الحرب الأوكرانية، حيث باتت مصدرا للمعلومات وآلية لتوثيق الخسائر البشرية. بل أضحت أيضا وسيلة لحشد الدعم الدولي لأوكرانيا وجمع التبرعات لضحايا الصراع.

وتعد قصة ماريا بيلينكا المثال الحي للدور الكبير الذي يلعبه العالم الافتراضي، إذ كانت قبل الحرب تنشر مقاطع على تطبيق تيك توك عن البشرة، لكن مع اندلاع الحرب في أواخر فبراير وعقب فرارها إلى ألمانيا، تغير المحتوى الذي تنشره.

وتقول ماريا (25 عاما) المتخصصة في التسويق الإلكتروني، إنها لاحظت قيام الأوكرانيين بنشر مقاطع مصورة على تيك توك تُظهر أوكرانيا المسالمة قبل الحرب مع ربط ذلك بأغاني شهيرة. وفي مقابلة مع DW من هامبروغ، قالت ماريا "إذا كان لدي حساب على هذه المنصة، فلماذا لا أستخدمه لنشر الوعي حيال شكل الحياة في أوكرانيا قبل الغزو؟".

وخلال الأشهر الأربعة الماضية، استطاعت ماريا جمع تبرعات مالية ونشرت معلومات عن المنظمات غير الحكومية في أوكرانيا التي تتلقى التبرعات، مضيفة أن هذا الأمر يعد "أسلوبها الخاص لتذكير العالم بأن الحرب لم تنته بعد". وهي ترغب في "ألا ينسى العالم بأن هناك أناس يقاتلون ويقتلون كل يوم".

وتحظى الفتاة بمتابعة أكثر من 60 ألف مستخدم في جميع أنحاء العالم، خاصة الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا. فيما تؤكد أن تفاعل المتابعين يدل على أن ما تقوم به قد يُساعد بلدها، إذ "تلعب القصص والمعاناة الشخصية دورا مهما للغاية في زيادة الوعي الدولي خاصة بين الأوساط غير السياسية".

ولا يقتصر استخدام منصات التواصل الاجتماعي في نقل الحرب على المواطنيين العاديين وخاصة من الشباب، إذ تجاوز ذلك إلى المسؤولين الأوكرانيين؛ الذين باتوا ينقلون رسائلهم عبر هذه المنصات خاصة رئيس أوكرانيا فولوديمير زيلينسكي الذي ينشر مقاطع مصورة بشكل منتظم ويتابعه قرابة 17 مليون شخص على مختلف منصات التواصل الاجتماعي.

خطر تزييف الحقائق ونشر أخبار كاذبة

لكن رغم ذلك وتلك الإيجابيات، فإن منصات التواصل الاجتماعي يتم استغلالها أيضا لنشر أخبار وفيديوهات مزيفة عن الحرب في أوكرانيا، للتأثير على الرأي العالم.

وفي هذا السياق، يقول يفين فيدشينكو، مدير مدرسة "موهيلا" للصحافة في كييف والمؤسس المشارك لمنظمة "أوقفوا التزييف" غير الربحية التي تراقب الدعاية الروسية على الإنترنت والأخبار المزيفة، إن وسائل التواصل الاجتماعي يمكن استخدامها لأغراض "الخير والشر، إذ قد يُمكن استخدامها كسلاح".

وفي هذا الصدد، قامت روسيا بإطلاق حملة كبيرة على منصات التواصل الاجتماعي لتبرير غزوها العسكري لجارتها أوكرانيا، بما يشمل ذلك نشر الروايات الزائفة التي تسوقها مثل حماية سكان أوكرانيا ذوي الأصول الروسية من الإبادة الجماعية وتطهير أوكرانيا "من النازية" فضلا عن ادعاءات تضاؤل الدعم الدولي لأوكرانيا.

ويقول مراقبون إن روسيا في الغالب تستهدف جمهورا بعينه على منصات التواصل الاجتماعي يتمثل في الروس الذين يعيشون خارج البلاد أو رواد مواقع التواصل الاجتماعي في أفريقيا وآسيا، حيث ترغب موسكو في تعزيز نفوذها.

ولكن هذا الأمر ليس بالجديد يقول فيدشينكو، خاصة منذ ضم روسيا شبه جزيرة القرم عام 2014 حيث جرى نشر كم كبير من المعلومات المضللة عن الحرب.

ويضيف فيدشينكو بأن هذا هو سبب استثمار أوكرانيا على مدى السنوات العديدة الماضية، في تحسين خدمات شبكة الإنترنت فائقة السرعة في جميع أنحاء البلاد ومحو ما يُعرف بـ "الأمية الإعلامية والمعلوماتية"؛ حيث يحصل الطلاب والمدرسون على دورات تعليمية تساعدهم على تحديد المعلومات الزائفة على الإنترنت للحيلولة دون خداعهم.

ويوضح فيدشينكو أن هذا الأمر يمنح أوكرانيا أفضلية في حرب المعلومات المستعرة على الإنترنت، مضيفا "إذا لم تكن هناك مواقع التواصل الاجتماعي، لكانت التغطية الدولية للحرب مختلفة تماما".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: