إعلان

محلل استراتيجي: التركيز على إيران لا يضمن استقرار الشرق الأوسط

10:39 ص الأربعاء 14 أبريل 2021

تخصيب اليورانيوم في ايران

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

واشنطن - (د ب أ):

الآن وبعد أن أصبحت العودة إلى الامتثال للاتفاق النووي المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" الذي يفرض قيودا على البرنامج النووي الإيراني، قريبة وإن لم تكن مؤكدة، يجدر التذكير بمدى استثنائية القيود التي ألزمت إيران نفسها بها من خلال التوقيع على هذا الاتفاق.

وبحسب بول بيلار المحلل الاستراتيجي ومسؤول إدارة الشرق الأدنى وجنوب آسيا في مجلس المخابرات الأمريكية تعتبر هذه القيود أشد من القواعد العامة التي تنطبق على الدول الأخرى والتي تسمح لأي دولة أخرى في العالم غير إيران بتخصيب ما تريد من اليورانيوم، في حين أن دولة أخرى في الشرق الأوسط لا تلتزم بأي قواعد ولا تخضع أنشطتها النووية لأي رقابة دولية، وقامت ببناء ترسانة غير معروفة ولكن يُفهم على نطاق واسع أنها ترسانة من الأسلحة النووية.

ويقول بيلار في تقرير نشرته مجلة ناشونال انتريست الأمريكية إن إيران لم تحصل مقابل القيود التي ألزمت نفسها بها على أي مزايا خاصة. على سبيل المثال لا تبحث إيران عن مساعدة أمريكية في برنامجها النووي كالتي تحصل عليها دول أخرى في المنطقة. وكل ما تريده إيران هو المعاملة الطبيعية مثل أي دولة، وبخاصة في مجال التجارة والاستثمار.

فالولايات المتحدة لم تتنازل عن أي شيء سواء في صورة مساعدة أو أي شيء آخر، بموافقتها على الاتفاق النووي الإيراني، بعيدا عن رفع العقوبات التي فرضتها على طهران بهدف إجبارها على المشاركة في المحادثات التي أسفرت عن الاتفاق النووي عام 2015. في الوقت نفسه فإن رفع العقوبات الأمريكية عن إيران يفيد ولا يضر الاقتصاد الأمريكي، بحسب بيلار.

في الوقت نفسه فإن الولايات المتحدة غير مطالبة بالوفاء بالتزاماتها بموجب الاتفاق النووي إلا بعد أن تفي إيران بكل التزاماتها وبشكل يمكن التحقق منه، بما في ذلك التخلي عن معظم اليورانيوم المخصب، وتفكيك أجهزة الطرد المركزي، وتفكيك مفاعل نووي، واستكمال جميع أعمالها الأخرى بموجب الاتفاق. في المقابل فإن مخاوف القطاع الخاص الأمريكي والجمود في إيران حالت دون تحقيق المكاسب الاقتصادية التي كانت واشنطن تتوقعها من الاتفاق حتى قبل أن تنسحب إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من الاتفاق النووي وتشن حربا اقتصادية مفتوحة ضد إيران.

ويقول بول بيلار الذي عمل كرئيس لوحدات تحليل البيانات في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التي تغطي عمليات الوكالة في الشرق الأوسط والخليج وجنوب آسيا، إن الممارسات الإيرانية التي تعتبرها وزارة الخارجية الأمريكية ممارسات إرهابية، تعتبر ردا على ممارسات مماثلة من جانب دول اخرى ضد إيران. وكانت الهجمات التي استهدفت دبلوماسيين إسرائيليين، ردا انتقاميا من جانب إيران على سلسلة الاغتيالات التي استهدفت علماء نوويين إيرانيين. وقد استأنفت إسرائيل حملة الاغتيالات حيث استهدفت في نوفمبر الماضي عالما نوويا إيرانيا.

وبحسب بيلار فإن ما تقوم به إيران ويثير للاضطرابات في منطقة الشرق الأوسط، تمارسه دول أخرى في المنطقة، كما هو الحال في اليمن والهجمات الجوية الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، والحرب البحرية غير المعلنة في البحرين الأحمر والمتوسط. كما أن الهجوم بالطائرات المسيرة بدون طيار على المنشآت النفطية السعودية في سبتمبر 2019 جاء ردا على محاولة إدارة الرئيس ترامب تدمير قطاع النفط الإيراني.

ويقول بيلار الذي عمل في مجلس المخابرات الوطني كعضو في مجموعة التحليل، إن دولا عديدة في الشرق الأوسط تتبنى نمطا متشابها، في اقتناء القدرات الدفاعية. فإذا كان لدى إيران صواريخ طويلة المدى، فهناك دول أخرى في المنطقة تمتلك نفس الصواريخ، وبعضها موجه إلى إيران. ليس هذا فحسب بل إن تدهور حالة سلاح الجو الإيراني نتيجة عشرات السنين من العقوبات الغربية، جعل الترسانة الصاروخية إحدى الوسائل القليلة للردع التي تمتلكها إيران في مواجهة خصومها الإقليميين.

ويرى بيلار أن التركيز الأمريكي المعتاد والمتجذر في التاريخ والسياسة الأمريكية على إيران - ينتج صورة مشوهة وغير كاملة بشكل خطير لمصادر انعدام الأمن وعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، كما يجب الاعتراف بخطة العمل الشاملة المشتركة (الاتفاق النووي) باعتباره طريقة عرضية وناجحة للتعامل مع القضية النووية، مطالبا بعدم السعي إلى توسيع نطاق هذا الاتفاق ليشمل قضايا أخرى لم تكن مطروحة أثناء التفاوض بشأن هذا الاتفاق.

أخيرا، إذا نجا الاتفاق النووي الإيراني وعاد إلى الحياة مرة أخرى، فستحتاج مفاوضات المتابعة بشأن القضايا التي تتعلق بإيران إلى تجاوز التركيز الضيق على إيران. فالاتفاقات المحتملة التي ستؤثر على الصواريخ الإيرانية، على سبيل المثال، ستفرض قيودًا، مثل تحديد مدى الصواريخ ، على دول الشرق الأوسط الأخرى أيضًا. وبشكل عام لا يكمن الوصول إلى شرق أوسط أكثر استقرارًا وأمانًا من خلال مزيد من المحاولات لشل قدرات لاعب واحد في المنافسات الإقليمية. ولكن يمكن الوصول إلى هذا الهدف من خلال إدارة الخلافات بين جميع الخصوم وإيجاد طرق يمكن من خلالها التعايش بسلام.

فيديو قد يعجبك: