إعلان

التسليح وإيران.. كيف غيّرت إدارة بايدن سياسات أمريكا حيال الخليج؟

05:05 م الخميس 28 يناير 2021

الرئيس الأمريكي جو بايدن

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا أسامة:

فيما يمضي الرئيس الأمريكي جو بايدن مُسرعًا لمحاولة ترميم ما أفسده "إرث" سلفه الجدلي دونالد ترامب، أعلن عن تغيير شامل لسياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وينطوي هذا التغيير على مراجعة للدعم العسكري للخليج واستئناف الحوار مع إيران "بعد بعض الوقت"، في خطوة اتسقت مع توقعات مُراقبين.

"نووي إيران"

قبل تنصيب الرئيس الـ46 لأمريكا، توقّعت مؤسسة "كارنيجي" الأمريكية للسلام الدولي، ألأ يُفضّل بايدن إرجاء حسم الملف النووي إلى مرحلة لاحقة أو إلى ولاية رئاسية ثانية، كما كان يفعل كثير من الرؤساء الأمريكيين في الملفات الخارجية.

وعزت ذلك إلى سببين: أولهما حجم الضرر الذي وقع في عهد ترامب، والثاني عُمر بايدن (78 عامًا)، وهو أكبر رئيس سنًا في التاريخ الأمريكي، بما يُزيد من احتمالات أن يكون أقل نشاطًا في مرحلة لاحقة أو في ولاية ثانية.

وأشارت في الوقت نفسه إلى إعلان مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني أن "الجبان ترامب قد رحل"، فور خسارة الأخير في انتخابات الرئاسة الأمريكي، بما بعث برسالة واضحة بأن خيار طهران كان بايدن، وبالتالي قد تلجأ إلى ملاقاته في منتصف الطريق، وربما أبعد، بعد أن أُزيحت عنها "غمامة ترامب"، بحسب تقرير "كارنيجي".

وذكّرت إيران، بايدن، بعد يومين فقط من توليه رئاسة أمريكا، بما تعتبره متطلبات لإنقاذ الاتفاق النووي.

ويبدو أن هذه التوقعات صدقت. قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، في أول مؤتمر صحفي له بعد توليه منصبه، إن "الرئيس بايدن أوضح أنه إذا أوفت إيران مجددا بكل التزاماتها بالاتفاق النووي المُبرم عام 2015، فإن الولايات المتحدة ستفعل الأمر نفسه".

وأضاف أن إيران "توقفت عن الوفاء بالتزاماتها على جبهات عدة"، مُشيرًا إلى أن الأمر سيستغرق بعض الوقت إذا اتخذت هذا القرار للعودة إلى المسار الصحيح، وسيستغرق الأمر وقتًا حتى نتمكن من تقييم ما إذا كانت تفي بالتزاماتها. ما زلنا بعيدين جدا عن ذلك. هذا أقل ما يمكن قوله".

ويفترض أن يمنع الاتفاق الذي أبرم في 2015، إيران من امتلاك قنبلة ذرية. وفي 2018، أغلق الرئيس الجمهوري السابق الباب معتبرا أن الاتفاق لا يكفي لوقف "الأنشطة المزعزعة للاستقرار" للجمهورية الإسلامية في الشرق الأوسط.

وبموجب تلك الخطوة الأحادية، أعاد فرض كل العقوبات الأمريكية ثم شدّدها على إيران، التي تراجعت بدورها تدريجيا عن القيود المفروضة على برنامجها النووي.

بيد أن المفاوضات ستكون شاقة -على الأرجح- لأن إيران تطلب العكس، وتريد أن تقوم واشنطن بالخطوة الأولى من خلال رفع العقوبات الأمريكية قبل أي شيء، وفق وكالة "فرانس برس". ولم يوضح بليبنكن الطريقة التي ينوي بها حل هذه المشكلة.

وتزامنت تصريحات الوزير الأمريكي مع لقاء أجراه أمس الأربعاء مع نظرائه الفرنسي والبريطاني والألماني المتمسكين جدًا بالاتفاق الإيراني. وسبقتها دعوة روسية إيرانية إلى "إنقاذ الاتفاق النووي لتحترم إيران التزاماتها".

قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف لدى استقباله نظيره الإيراني محمد جواد ظريف، يوم الثلاثاء، إن "القضية المطروحة جدا راهنا هي إنقاذ (الاتفاق) ونحن، مثل إيران، نتمنى العودة إلى تنفيذه التام والكامل".

ويرى بايدن أنه يجب إنقاذ هذا الاتفاق قبل كل شيء لتجنب ظهور إيران نووية.

وفي مقال سابق بمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، كتب وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف "على الحكومة الجديدة في واشنطن حسم خيار أساسي: تبني سياسات إدارة ترامب الفاشلة ومواصلة السير على طريق ازدراء التعاون والقانون الدوليين... أو يمكن أن يختار بايدن طريقا أفضل عبر إنهاء سياسة (الضغوط القصوى) الفاشلة التي تبناها ترامب والعودة إلى الاتفاق الذي تخلى عنه سلفه".


"تجميد صفقات"

بالتوازي، أطلقت إدارة بايدن مراجعة لقرارات مثيرة للجدل أقرّها ترامب قبل مغادرته منصبه، لعا أبرزها تجميد مبيعات أسلحة إلى الإمارات والسعودية.

وقال متحدث باسم الخارجية الأمريكية إن الخطوة تهدف إلى منح فريق بايدن فرصة لمراجعة العقود، مُضيفًا أنه "إجراء إداري روتيني في حال أي انتقال للسلطة، ويُظهر التزام الإدارة بالشفافية والحكم الرشيد".

وأوضح أن الوقف المؤقت لصفقات الأسلحة يهدف إلى "ضمان تلبية مبيعات الأسلحة الأمريكية لأهدافنا الاستراتيجية المتمثلة في بناء شركاء أقوى وأفضل في التعاون ولديهم قدرات أمنية أكثر".

كان ترامب وافق على صفقة بقيمة 23 مليار دولار لبيع أبوظبي طائرات "إف-35"، بعد إقامتها علاقات دبلوماسية مع إسرائيل.

وكان من المُفترض أن تصبح الإمارات أول دول عربية وثاني دولة شرق أوسطية، بعد إسرائيل، تحصل على هذا النوع من الطائرات، بعد موافقة أبوظبي على تطبيع العلاقات مع إسرائيل.

وأعرب مشرعون من الحزب الديمقراطي عن مخاوفهم من هذه الصفقة لبايدن، خوفًا من أن تؤدي إلى سباق تسلح في المنطقة، لكنهم فشلوا في مجلس الشيوخ في عرقلة البيع بينما كان لا يزال ترامب في المنصب.

وشملت الحزمة إلى الإمارات أيضا طائرات بدون طيار غير مسلحة، في حين كانت الولايات المتحدة تستعد لبيع كميات كبيرة من الذخائر والقنابل الذكية إلى السعودية.

ودعم ترامب -صراحة- مبيعات الأسلحة على أسس تجارية، وقال إن "السعوديين كانوا يساهمون في توفير وظائف للأمريكيين عن طريق الشراء من الشركات المصنعة الأمريكية".

وبحسب فرانس برس، فإن هذه القرارات تعكس تغييرًا جذريًا في توازنات التحالفات الأمريكية؛ إذ إن السعودية كانت مع إسرائيل، الركيزة الأساسية لسياسة ترامب المناهضة لإيران.

كما يشكل تعليق بيع الإمارات طائرات "إف-35" تطورًا رمزيًا؛ لأنه تقرر في الخريف بعد سنوات من الرفض، مقابل الاعتراف بإسرائيل.

بدورها، لم تُبدِ الإمارات استغرابًا من الخطوة. وقال سفيرها لدى واشنطن، يوسف العتيبة، إن بلاده "توقعت تلك المراجعة من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة على وجه التحديد".

وشدد العتيبة، في بيان نُشر بالإنجليزية على الحساب الرسمي للسفارة عبر تويتر، على أن "حزمة بيع طائرات إف 35، هي أكثر بكثير من مجرد صفقة معدات عسكرية مع شريك مثل الولايات المتحدة".

وقال إنها "تسمح للإمارات بالحفاظ على رادع قوي للعدوان، وبالتوازي مع الحوار الجديد والتعاون الأمني، فإنها تساعد أيضًا على طمأنة الشركاء الإقليميين"، مُشيرًا إلى ترحيب بلاده بالجهود المشتركة لتهدئة التوتر وتجديد الحوار الإقليمي.

فيديو قد يعجبك: