إعلان

توماس فريدمان: "عزيزي جو بايدن.. النووي الإيراني ليس المشكلة.. الشرق الأوسط قد تغير"

11:57 م الإثنين 30 نوفمبر 2020

الكاتب الأمريكي توماس فريدمان

كتب - محمد صفوت:
عقدَ اغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة، مهمة الرئيس الأمريكي المنتخب جو بايدن، في الشرق الأوسط، رغم أنه شغل منصب نائب الرئيس باراك أوباما ويعرف المنطقة جيدًا، وربما تتعثر آماله في إعادة بلاده إلى الاتفاق النووي مع إيران، الذي انسحب منه الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب.

وتحت عنوان "عزيزي جو، لم يعد الأمر يتعلق بالأسلحة النووية الإيرانية" وجه الكاتب الأمريكي توماس فريدمان، نصيحة إلى بايدن عبر مقال له بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، قائلاً: "إنه ليس الشرق الأوسط الذي تركته قبل أربع سنوات".

ويرى الكاتب، أن أفضل طريقة لبايدن لتقدير الشرق الأوسط الجديد، دراسة ما حدث في الساعات الأولي في 14 سبتمبر 2019، إذ استهدفت إيران بـ20 طائرة مسيرة وصواريخ كروز معملين تابعين لشركة أرامكو السعودية في منطقتي بقيق وهجرة، مشيرًا إلى أنه حدثًا سياسيًّا بالغ الأهمية. ووصف المحللون العسكريون الإسرائيليون -وقتها- الحادث بـ"بيرل هاربور" الشرق الأوسط، إذ تمكنت المسيرات الإيرانية من التحليق على ارتفاع منخفض للغاية ونجحت في التخفي من رادارات السعودية وأمريكا في المنطقة، مؤكدين أن الحادث أعاد تشكيل المنطقة من جديد. لم يفعل ترامب شيئًا، ولم يأمر بعملية انتقامية نيابة عن الرياض، رغم هجوم إيران على قلب البنية التحتية السعودية.

أرسل ترامب، 3 آلاف جندي أمريكي وبعض البطاريات المضادة للصواريخ إلى الرياض، لتعزيز دفاعها بعد أسابيع من الضربة الإيرانية، وبرسالة في 11 أكتوبر 2019، كتب: "سنرسل قوات وأشياء أخرى إلى الشرق الأوسط لمساعدة الرياض ولكن هل أنتم مستعدون؟ ووافقت السعودية بناء على طلب مني على دفع تكلفة كل شيء سنقوم به، وهذا أولاً".

يرى الكاتب، أن طلب ترامب يعكس التغيير العميق في الرأي العام الأمريكي، وأن رسالته كانت: "أعزائي السعوديين، أصبحت أمريكا أكبر منتج للنفط في العالم، وسنخرج من الشرق الأوسط، ويسعدنا بيع الأسلحة لكم، لكن لا تعتمدوا علينا لخوض معارككم.. إذا كنتم تريدوا القوات الأمريكية فعليكم إظهار الأموال"، هذا التحول في الموقف الأمريكي يظهر أول العناصر الجديدة التي سيواجهها بايدن في المنطقة، متمثلة في اتفاقيات سلام إسرائيلية إماراتية بحرينية، ومستوى جديد من التعاون الأمني السري، فضلاً عن زيارة سرية لنتنياهو إلى السعودية (نفتها الرياض على لسان وزير خارجيتها).

يرى الكاتب أن ترامب أجبر إسرائيل والدول العربية السنية، على أن يكونوا أقل اعتمادًا على بلاده والبدء في التفكير في التعاون المشترك بشأن التحديات الموجودة مثل التهديدات الإيرانية، بدلاً من استمرار الصراعات القديمة مثل فلسطين، وربما يكون هذا أهم إنجاز لترامب في السياسة الخارجية، حيث مكن بلاده من تأمين مصالحها في المنطقة بأقل تضحيات ممكنة.

ويقول الكاتب، إنه في الوقت الذي يسعى فيه جون بايدن إلى إعادة بلاده للاتفاق النووي الإيراني، قد يواجه تحالف إسرائيلي عربي مناهض لطهران، ما يُعقد مهمته.

يُشير الكاتب إلى أن إيران عن التزاماتها النووية واحدة تلو الأخرى بعد انسحاب ترامب من الاتفاق، لكن منذ انتخاب بايدن، قالت طهران إنها ستعود "تلقائيًا" إلى التزاماتها النووية إذا رفع بايدن العقوبات الأمريكية عنها، مشيرة إلى أن رفع العقوبات يسهل بحث في القضايا الإقليمية.

يوضح الكاتب، أن تلك النقطة ستثير المشاكل لبايدن، فإسرائيل والدول العربية السنية، يريدون التأكد من أن طهران لن تمتلك سلاحًا نوويًا، في نفس الوقت، يستبعد الخبراء العسكريين الغسرائيليين، احتمالية استخدام إيران للسلاح النووي حال امتلاكها أحدهم، لأنه بمثابة انتحارًا.

ويشير الكاتب، إلى أن ما يقلق إسرائيل من طهران ليس السلاح نووي، لكنها الصواريخ الموجهة بدقة، التي استخدمت في الهجوم على أرامكو، والتي تصنعها إيران، وتصدرها إلى وكلائها في لبنان وسوريا واليمن والعراق، مما يشكل يشكل تهديدًا لتل أبيب والرياض وأبو ظبي والقوات الأمريكية في العراق والمنطقة.

ويرجح أن يواجه بايدن مقاومة من إسرائيل والسعودية والإمارات، حال حاول العودة إلى الاتفاق النووي كما كان، وتخلى عن العقوبات الاقتصادية على إيران، قبل التوصل إلى تفاهم بشأن تصديرها الصواريخ الموجهة بدقة.

ويوضح السبب في ذلك مستندًا إلى حرب 2006، بين إسرائيل وحزب الله وكيل طهران في بيروت، الذي أطلق نحو 20 صاروخًا غير موجهة على أمل تدمير هدف إسرائيلي واحد، لكن مع وجود صواريخ دقيقة التوجيه يمكن لحزب الله استهداف إسرائيل وبنيتها التحتية وقواعدها العسكرية بسهولة.

ويكشف أن تلك الصواريخ هي السبب في حرب "الظل" التي تخوضها إسرائيل ضد إيران على مدى الخمس سنوات الماضية لمنع الأخيرة من تحقيق هدفها بتطويل الأولى عبر وكلائها في المنطقة، بتصدير صواريخها الموجهة بدقة.

ويقول كريم سجادبور الباحث في معهد كارنيجي، إنه بالتفكير في الفرق بين الهواتف القديمة والهواتف الذكية، يمكنك أن تفهم النتيجة، موضحًا أنه على مدى عقدين استنفذنا كل الجهود لمنع إيران الحصول على سلاح كبير، لكن الأسلحة الذكية الصغيرة التي تنتجها إيران أصبحت هي التهديد الحقيقي لجيرانها.

ولهذا السبب فلا تريد إسرائيل وحلفاؤها في الخليج أن تتخلى أمريكا عن نفوذها، المتمثلة في العقوبات المتعلقة بالملف النووي قبل أن تحصل على التزام إيراني بالتوقف عن تصدير هذه الأسلحة الدقيقة لوكلائها، وستجد إدارة بايدن صعوبة في التفاوض.

فيديو قد يعجبك: