إعلان

دعوة للتنحّي و"ألفاظ نابية".. كيف توتّرت العلاقات بين البحرين والعراق؟

02:33 م الإثنين 29 أبريل 2019

زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- رنا أسامة:

تتصاعد حِدة الأزمة الدبلوماسية بين بغداد والمنامة يومًا تلو الآخر، بعدما أشعلت فتيلها دعوة مقتدى الصدر زعيم التيار الصدري في العراق لتغيير الحكم في مملكة البحرين.

ومنذ ذلك الحين، تتواصل حلقات التصعيد بين البلدين؛ بدءًا من تصريحات وزير خارجية البحرين التي عدّها العراق "إساءة" لرموزه الدينية، ثم استدعاء القائم بأعمال السفارة العراقية بالإنابة لدى المنامة، ومُطالبة البحرين بـ"اعتذار رسمي"، وسط احتجاج المئات من أنصار الصدر أمام مبنى سفارات المنامة في أنحاء العراق.

ولا تُعد هذه المواجهة الأولى بين العراق والبحرين؛ ففي 2011 علّق البرلمان العراقي إحدى جلساته في إطار ما وصفه بـ"التضامن مع المتظاهرين في المنامة". وفي 2013، طالب الصدر بإغلاق السفارة البحرينية في بغداد، بعد قيام السلطات البحرينية بتوجيه مذكرة اعتقال بحق رجل الدين البحريني عيسى القاسم.

وكانت آخر زيارة لوزير الخارجية البحريني إلى بغداد عام 2017، التقى خلالها مسؤولين عراقيين، بينهم رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، والرئيس العراقي السابق فؤاد معصوم.

كيف بدأت الأزمة؟

بدأت الأزمة الدبلوماسية بين البلدين يوم الجمعة، بعد أن نشر زعيم التيار الصدري في العراق، مُقتدى الصدر، وثيقة عبر تويتر دعا خلالها كلًا من العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى، والرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، والسوري بشار الأسد، إلى التنحّي فورًا.

وقال الصدر إن "العراق واقع بين طرفين متصارعين هما إيران وتحالف ترامب ونتنياهو"، مُشيرًا إلى أنه ليس بصدد الاختيار بين دعم الجارة إيران أو دعم الاتحاد الثنائي فدعم الأخير ممنوع ومحرم في ديننا وعقيدتنا وشرعنا ولا يجوز الاستعانة بهم فضلا عن دعمهم ونفعهم"، وفق الوثيقة.

وتضمّنت الوثيقة 9 مقترحات لتهدئة الأزمات في المنطقة، بينها "إيقاف الحرب في اليمن والبحرين وسوريا، وتنحّي حكامها فورًا، والعمل على تدخل الأمم المتحدة من أجل الإسراع في استتباب الأمن فيها، والتحضير لانتخابات نزيهة بعيدة عن تدخّلات الدول أجمع، وحمايتها من الإرهاب الداعشي وغيره".

كما لوّح الصدر، الذي قاتل الأمريكيين إبان غزو العراق في 2003، بغلق السفارة الأمريكية في بغداد حال تورّط العراق في صراع واشنطن مع طهران "لكبح لجام الاستكبار والاستعمار العالمي، وإلا ستكون السفارة في مرمى المقاومين مرة أخرى"، بحسب الوثيقة.

كيف ردّت البحرين؟

بدوره انتقد وزير الخارجية البحريني، خالد بن أحمد آل خليفة، بيان الصدر بتغريدة هجومية عبر تويتر، وصف فيها زعيم التيار الصدري بـ"الأحمق والمُتسلّط"، كما نعته بـ"الكلب".

وغرّد آل خليفة عبر تويتر، أمس السبت: "مقتدى يبدي قلقه من تزايد التدخلات في الشأن العراقي. وبدل أن يضع إصبعه على جرح العراق بتوجيه كلامه للنظام الإيراني الذي يسيطر على بلده، اختار طريق السلامة ووجه كلامه للبحرين".

وتابع "أعان الله العراق عليه (مُقتدى الصدر) وعلى أمثاله من الحمقى المتسلطين".

وفي تغريدة منفصلة، هجا الوزير البحريني الصدر ببيت شعري للشاعر العبّاسي أبواليمن الكندي، جاء فيه "كم من كلاب بالنفوس وإنها لتظن من صور الجسوم رجالا"، مُذيّلًا إياها بهاشتاج #مقتدى.

ولم تكتفِ البحرين بتغريدتيّ وزير خارجيتها اللتين أثارتا غضبًا وسخطًا واسعين في العراق، ولكنها همّت باستدعاء القائم بأعمال السفارة العراقية لديها بالإنابة، نهاد رجب عسكر العاني، احتجاجًا على بيان الصدر الذي قالت إنه تضمّن "إساءة مرفوضة".

واعتبرت أن بيان زعيم التيار الصدري "تدخّل سافر في شؤون المملكة البحرينية، وخرق واضح للمواثيق ومبادئ القانون الدولي، وإساءة إلى طبيعة العلاقات بين مملكة البحرين وجمهورية العراق"، حسبما أكّد وكيل وزارة الخارجية للشؤون الإقليمية ومجلس التعاون بالبحرين، السفير وحيد مبارك سيار.

وحمَّلت وزارة الخارجية البحرينية، في بيان نشرته وكالة الأنباء الرسمية، حكومة العراق "مسؤولية أي تدهور أو تراجع في العلاقات بين البلدين"، كما حمّلتها مسؤولية "السماح لمثل هذه الأصوات غير المسؤولة والمسيئة، التي تثير الفتنة وتشكل معاول هدم وتهديد خطير على الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة".

وأعربت عن قلقها من تعرّض سفارتها في بغداد لهجوم، مُطالبة الحكومة العراقية "بالقيام بدورها وتحمُّل مسؤوليتها في حماية أمن وسلامة سفارة مملكة البحرين في بغداد وقنصلية المملكة في النجف الأشرف، وفقًا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية"، بحسب البيان.

كما ناشدتها التدخل الفوري لوقف مثل هذه البيانات والتصريحات التي وصفتها بـ"المُعادية لمملكة البحرين وغير المسؤولة"، سواء كانت من المسؤولين أو من أي جهة عراقية كانت، والتي هدفها التأزيم وإخلال الأمن والاستقرار في البحرين والمنطقة، وفق البيان.

وسلّم السفير العراقي مذكرة احتجاج بهذا الشأن إلى القائم بأعمال سفارة بغداد بالإنابة.

اعتذار رسمي

في المقابل، لم يتأخّر العراق كثيرًا في الرد على تحرّكات البحرين، وسارع لإصدار بيان دعا خلاله المنامة إلى تقديم اعتذار رسمي لما وصفه بـ"التغريدة النابية" لوزير خارجية البحرين، بعد بضع ساعات من نشرها على حسابه عبر تويتر.

وقالت الخارجية العراقية في بيان رسمي يوم السبت، إن "كلمات وزير الخارجية البحريني تُسيء لمُقتدى الصدر بكلمات نابية، وغير مقبولة إطلاقًا في الأعراف الدبلوماسية"، مُشيرة إلى أنها "تسيء أيضًا للعراق وسيادته واستقلاله، خصوصًا عندما يتكلم الوزير البحريني عن خضوع العراق لسيطرة الجارة إيران".

وشدّدت على أن "العراق الذي دحر تنظيم داعش الإرهابي بعد أن عجزت جيوش جرارة عن دحره في مناطق أخرى، قادر على الدفاع عن حرياته واستقلاله. وعلى الجميع معرفة حدودهم، والالتزام بالحقائق، واللياقات الدبلوماسية". وطالبت دولة البحرين بتقديم اعتذار رسمي.

وذكرت أنها سلّمت "مذكرة احتجاج" للسفير البحريني لدى بغداد، وطالبت بضرورة مراعاة اللغة الدبلوماسية التصريحات الرسمية، مؤكّدة أن العراق يقبل الرؤى المختلفة ويكفلها بالإضافة إلى التعبير والمواقف السياسية.

تضامن عراقي

وفي خِضم الاستنكار البحريني والشجب العراقي، نظّم العشرات من أتباع التيار الصدري تظاهرة، مساء السبت، أمام القنصلية البحرينية في محافظة النجف، ذات الغالبية الشيعية، احتجاجا على تصريحات الوزير البحريني، فيما أغلقت القوات الأمنية في المحافظة كل الطرق المؤدية للقنصلية.

وفي العاصمة بغداد، خرج أتباع التيار الصدري، أمس الأحد، في وقفة احتجاجية أمام السفارة البحرينية، في منطقة المنصور، حاملين الورود "تضامنا مع الشعب البحريني المنكوب"، مستنكرين "تطاول جهلاء آل خليفة على رمز الاعتدال والداعي إلى السلام الزعيم العراقي السيد مقتدى الصدر"، وفقاً لمدير مكتب الصدر، إبراهيم الجابري.

"وردة" الصدر

ودعا الصدر كل من يريد التظاهر أمام السفارة البحرينية إلى حمل "وردة" كهدية للشعب البحريني.

وكتب صالح محمد العراقي المُقرّب من الصدر، عبر فيسبوك، السبت: "يقول قائدي: شكرا لكل من آزرنا، وأدعو كل من يريد التظاهر أمام السفارة أو القنصلية البحرينية أن يسلمهم (وردة) على أن يعطوها هدية للشعب البحريني".

وأضاف "هذه الوردة هدية مني لهم وأنتم أيها المتظاهرون تمثلونني بذلك.. فشكرا لكم صالح محمد العراقي". وأرفق المنشور بصورة لزعيم التيار الصدري في حديقة يبدو أنها منزلية وهو يقترب من الورود.

ما موقف السعودية والإمارات؟

دعمت المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة جارتهما البحرين في أزمتها مع العراق.

وقالت وزارة الخارجية السعودية، الاثنين، عبر تويتر: "نرفض التدخل بالشؤون الداخلية لمملكة البحرين وكل ما يمس بسيادتها وأمنها واستقرارها".

فيما دعت وزارة الخارجية الإماراتية، في بيان لها، أمس الأحد، العراق إلى "الالتزام بمبدأ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية". وقالت إنها "تتابع باهتمام كبير وقلق بالغ البيانات والتصريحات الواردة من العراق تجاه مملكة البحرين وقيادتها".

وأضافت أن "التدخل في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين الشقيقة، والتجاوز على حرمة ومكانة قيادتها الكريمة، أمر غير مقبول على الإطلاق، وتدخل مرفوض"، على حدّ تعبيرها.

وتابعت أن "عدم تدارك ما يسيء إلى العلاقات بين الأشقاء لن يؤدي إلا إلى اتساع الفجوة وزيادة التوتر، في ظروف نحن أحوج ما نكون فيها إلى التعاون والتواصل واحترام السيادة الوطنية ومبدأ عدم التدخل بالشأن الداخلي"، وفق البيان.

فيديو قد يعجبك: