إعلان

هذه الإشارات المعاكسة!

سليمان جودة

هذه الإشارات المعاكسة!

سليمان جودة
07:00 م الأحد 07 مارس 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

الظاهر أمامنا أن ما جرى في مطار أربيل شمال العراق، الشهر الماضي، وما جرى في الأنبار غرب العراق، في الثالث من هذا الشهر- ليس سوى رسائل سياسية إيرانية تبعث بها حكومة المرشد خامنئي في طهران إلى حكومة الرئيس الأمريكي جو بايدن في واشنطن، وهي بالكاد تتحسس خطواتها في المنطقة.

ففي حالة المطار جرى استهدافه بعدد من الصواريخ الإيرانية الصنع، ليس عن رغبة من المستهدفين في ضرب المطار في حد ذاته، ولكن على سبيل إرسال إشارة إلى الأمريكيين مفادها أن الإيرانيين هنا وقادرون على الحركة!

وفي الحالة الثانية في الأنبار، كانت الرسالة المراد إرسالها أوضح وأقوى؛ لأن الاستهداف كان متجهاً إلى قاعدة عين الأسد العسكرية التي تضم قوات أمريكية!

في الحالتين كان الاستهداف مدروساً بشكل جيد فيما يبدو، بحيث يؤدي إلى ضجة في حد ذاته، ولا يؤدي إلى خسائر بشرية ولا حتى غير بشرية تذكر، فلم يسقط فيهما أحد باستثناء متعاقد مدني أمريكي واحد سقط في عين الأسد، وما عداه فكل شيء سليم، ولا إصابات.

لك أن تتصور استهداف قاعدة عسكرية بعشرة صواريخ مرةً واحدة، فلا يسقط أحد سوى المتقاعد المسكين، ولا يصاب أحد رغم أن الصواريخ من نوع جراد الإيراني الدقيق الصنع والقدرة على إصابة أهدافه بكفاءة عالية!

ولم تكن صواريخ أربيل والأنبار هي الوحيدة التي جرى إطلاقها في سماء المنطقة، وراحت تلعلع في فضائها؛ فالمملكة العربية السعودية استيقظت أكثر من مرة خلال أيام قليلة مضت على صواريخ من اليمن تستهدف العاصمة- الرياض نفسها، وقد نجحت قوات تحالف دعم الحكومة الشرعية اليمنية في اعتراض الصواريخ وتدميرها، ولكنها في كل الأحوال كانت ذات صدى واسع في منطقتنا، وكانت كذلك محل استنكار سعودي طبعاً وعربي وإقليمي ودولي بالدرجة نفسها.

وكان من اللافت أن يقول تركي المالكي، المتحدث باسم هذه القوات، أن عدد الطائرات المسيرة التي استهدفت جنوب السعودية خلال السنوات الأخيرة بلغ ٥٢٦ طائرة، وأن عدد الصواريخ الباليستية بلغ ٣٤٦ جرى إطلاقها في اتجاه المملكة!

وهذه الصواريخ والطائرات المسيرة لم يطلقها الشيطان من اليمن في الجنوب، ولم تطلقها كائنات هبطت من الفضاء، ولكن أطلقتها جماعة يمنية مارقة، اسمها الجماعة الحوثية، تعيش على أرض اليمن، ولكنها لا تخفي ولاءها لإيران، ولا تنكر أنها تتلقى منها الطائرات والصواريخ وغير الطائرات والصواريخ.

فكأن حكومة المرشد تريد أن تبعث إلى إدارة بايدن بما معناه أنها حكومة قادرة على إطلاق الصواريخ وإصابة الأهداف في أقصى شمال الجزيرة العربية وفي أقصى جنوبها.

هي تفعل ذلك حتى إذا جلست معها إدارة الرئيس الأمريكي تناقش برنامجها النووي وضعت ذلك كله في الاعتبار.

ليس هذا فقط، ولكن تشكيل الحكومة الجديدة في لبنان عاجز عن الخروج إلى النور منذ أسابيع وربما منذ شهور، وتستطيع هذه الحكومة أن ترى النور خلال ساعات إذا أرادت إيران.. ولكنها ورقة سياسية أخرى في يد طهران تغازل بها بايدن وإدارته.

هكذا تبدو إيران فاعلة في المنطقة ومعربدة، بينما العرب في وضع المفعول بهم، والأمريكان منحازون إلى الفاعل حتى لو أعطوا إشارات معاكسة!

وهل هناك أكثر من أن تلغي إدارة بايدن عقوبات فرضها ترامب على دبلوماسيين إيرانيين في نيويورك، وترسل روبرت مالي، مهندس الاتفاق النووي مع إيران ٢٠١٥ مبعوثاً إليها، وترفع الجماعة الحوثية من قائمة الإرهاب، ثم تتكلم رغم ذلك عن وقوفها في وجه سلوك إيران في الإقليم؟!

إعلان