إعلان

عدوى "جيتس" التي أصابت بيزوس!

الكاتب الصحفي سليمان جودة

عدوى "جيتس" التي أصابت بيزوس!

سليمان جودة
07:00 م الأحد 07 فبراير 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لا بد من أنه نبأ مفاجئ أن يقرأ الناس في بلدنا وفي العالم أن جيف بيزوس قرر السير في الطريق نفسه الذي سبقه إليه بيل جيتس.

ففي وقت سابق كنا قد عرفنا أن جيتس قرر التخلي عن رئاسة شركة مايكروسوفت والتفرغ تماماً للأعمال الخيرية، وما لبثت زوجته ليندا حتى شاركته التوجه ذاته، ثم ما لبثت أعمال الاثنين في وجوه الخير أن زادت وتناثرت في أركان الأرض.

ولا بد من أن الشيء الذي أعطى أعمالهما مذاقاً خاصاً أنها تميزت بطابع إنساني مجرد، فلم تقتصر على الولايات المتحدة التي يحملان جنسيتها، ولكنها امتدت إلى مناطق كثيرة فقيرة، في كل مكان، وبالذات في قارتنا السمراء التي يحتاج الملايين من أبنائها دعماً في الجهود الخيرية أكثر مما يحتاجه سواهم في كل قارة أخرى باتساع الأرض.

ويبدو أن هذا النهج من جانب بيل جيتس قد أصاب كثيرين من أصحاب المال بالغيرة، وجعلهم يفكرون في اللحاق به وربما في منافسته والتفوق عليه.

وتستطيع وأنت تتلفت حولك أن ترى أن ما أصاب جيتس في البداية قد تحول إلى ما يشبه العدوى، وأنه قد راح يتنقل من صاحب مايكروسوفت إلى غيره، وأن كثيرين قد آمنوا بجدوى ما بادر جيتس به، ولكنه يبقى هو الأشهر بالطبع ومعه بيزوس.

ومن الجائز أن يكون هذا السبب هو الذي جعل جيف بيزوس يسارع قبل أيام فيعلن تخليه عن رئاسة شركة أمازون في الربع الثالث من هذه السنة، ويقول إنه سوف يتفرغ بعدها للأعمال الخيرية، وأن جزءًا لا بأس به من وقته سوف يجري تخصيصه لهذه الأعمال دون سواها.

كان لافتاً أن يعيد بيزوس تذكير الجميع بأن رحلته مع الإدارة دامت 27 عاماً، وأنه لا يزال يتذكر كيف أن أمازون كانت في وقت من الأوقات مجرد فكرة لا اسم لها، وأنها قد انتقلت خلال ثلاثة عقود تقريباً من فكرة هائمة غير مستقرة إلى كيان عملاق يوظف مليوناً وثلاثمائة ألف من الموهوبين والمخلصين!

ليس هذا وفقط، ولكن هناك مسألة أخرى لا تقل أهمية، هي أن قيمة الشركة بأصولها المتنوعة تصل هذه الأيام بين باقي الشركات إلى تريليون وسبعمائة مليون دولار.

ولا معنى لهذا سوى أن العمل الحر الذي لا يتقيد بالروتين الحكومي قادر على أن يحلق بطبيعته في آفاق واسعة وممتدة، وأن على الحكومات التي تدرك ذلك وتراه أن تظل طول الوقت تدعم مثل هذا العمل وتعزز مكانته، وأن تظل تشجع القطاع الخاص بإزالة كل عقبة في طريقه.

هذا هو الرهان الذي على كل حكومة أن تراهن عليه، لأنه الحصان الرابح على الدوام في عالم الاقتصاد، ولأنه هو الرافعة التي لا تتوقف عن دفع الجسد الاقتصادي إلى الأمام.

وإذا جاز لأحد منا أن يدعو الله بشيء في هذا المقام، فهذا الشيء هو أن تنتقل عدوى جيتس إلى آخرين حول العالم بخلاف جيتس وبيزوس، وأن يزداد أصحاب المال والأعمال اقتناعاً في كل أرض، بأن ما بادر به صاحب مايكروسوفت وصاحب أمازون معاً هو عمل يستحق أن يبادر به الآخرون، لأنه عمل ينتمي إلى نوع من المبادرات، يبقى طويلاً في الذاكرة العامة، ولا يفارقها في كل الأوقات.

إعلان