إعلان

حماتي.. ملاك!

نهاد صبيح

حماتي.. ملاك!

نهاد صبيح
07:00 م الأحد 27 سبتمبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

هل تعد الموروثات المجتمعية في عصرنا الحالي إرثاً متهالكاً وغير ذي جدوى، أم أنها ما زالت مرجعاً نرجع إليه ونجتره كأمر مسلّم به في كثير من الأحيان؟!.. أي وبكل بساطة: هل ما تربينا عليه من معتقدات مجتمعية ما زال متناسباً مع عصرنا الحالي- عصر مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت؟!

فمثلاً، هل ما زلنا نعتقد أن (العَمة عقربة سامة)؟ هل ما زلنا نؤمن أن (ضل راجل ولا ضل حيطة)؟ هل ما زالت معتقداتنا عن زوجة الأب أنها (مرات الأب لا بتحب ولا تنحب، وأن (الحما حما ولو كانت ملاك من السما)؟!

إن حكمنا على أي تجربة حياتية لا بد له أن يقترن بزمن تلك التجربة؛ فما كان مناسباً في الماضي من سلوك وأفعال لن نجزم بأنه يمكن أن يناسب عصرنا الحالي الذي شهد من التطور ما لم يكن تخيله أو تصوره.

فمن منا كان يتخيل أن يصبح في أيدينا جهاز صغير يطلعنا على أحداث العالم كله في نفس لحظة حدوث هذا الحدث؟!

وأصدقكم القول، فقد اقتربت كثيراً من أحوال الناس على كل الأشكال والمستويات والطبقات الاجتماعية، وتابعت من كثب بعض التغيرات والطفرات التي حدثت في المجتمع من القرى الريفية إلى القرى السياحية.

لقد أصبحت حياتنا العصرية مرتبطة ارتباطا وثيقًا بالمادة والمصلحة. صحيح أن ذلك ليس في كل حين، ولكن للأسف هو في أغلب الأحيان، فأصبح (اللي معاه قرش يسوى قرش) وهذا مثل من كثير من الأمثلة يقول إن الإنسان ذا الثروة له مكان في المجتمع بقدر ثروته، أو (يا بخت من كان النقيب خاله) هذا المثل يقول إن من كان له سلطة زاد حظه ومكانته في المجتمع بقدر هذه السلطة.

وليت الأمر يقتصر على سلوكنا نحن، بل المبكي أننا نربي أولادنا على ذلك؛ فهم يحاكون ما نسلكه ونفعله دون أن ندري، لأننا قدوتهم الحياتية.

وهناك قصة أسطورية شهيرة تحكي عن رجل كان يطعم والده المسن فى طبق كلبه! فلما مات هذا الوالد المسن جرى الحفيد ليحتفظ بطبقه وسط دهشة الأب وسؤاله عن سبب الاحتفاظ بهذا الطبق، ليرد الحفيد: كي أطعمك فيه حين تكبر يا والدي كما فعلت مع جدي.

إننا بحاجة لوقفة مع أنفسنا للتغيير، للتطوير، لتحسين الذات؛ لأن كل ما نفعله مردود إما لنا بالحسنى أو علينا بالإثم، فما من علو أردناه بظلم إلا عاد إلينا ذلا بعدل، فليس هناك إنسان على الأرض معصوما، فكلنا أخطاء، وعلينا أن نتقبل غيرنا كما يتقبلنا الآخر.

وليس من العيب أبداً أن نراجع أنفسنا فى علاقتنا أولاً برب العباد، فإذا صلحت صلحت لنا الدنيا من حولنا، فمن أحبه الله حبب فيه عباده، ثم مع أنفسنا ثانيا بالمصارحة الحق، وبالمكاشفة والسؤال: هل فعلاً ما قيل لنا صحيح؟

هل زوجة الأب لا بد أن تكون سيئة! أما من مثل بل أمثلة حولنا تخبرنا أن هناك منهن من يستحققن الشكر والثناء؟ ألم توجد أمثلة أخرى لحماة هي أم قبل أن تكون حماة؟

إنني أدعو من كل قلبي لزوجات أبنائي، وأعتبرهن فعلا بناتى اللاتي جاد بهن الزمان عليّ، وليرحم الله ويغفر لأم زوجي، فقد كنت أحبها، وكنت أقول لصديقاتي إنها بالفعل مثل أمي التي ولدتني، وكنت أيضا أقول لهن إن حماتي ملاك.

إعلان