إعلان

هذه الأغطية ستُنزع يوماً!

عصام شيحة

هذه الأغطية ستُنزع يوماً!

عصام شيحة
07:17 م الثلاثاء 09 يونيو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

لا شك أن مجلس النواب لم يتمكن من إنجاز العديد من القوانين في أوقاتها المناسبة، ما أدى إلى تراجع في وتيرة مسيرة الوطن على نحوٍ ما كان ينبغي أن نسمح به مهما كانت الظروف. لا يقلل ذلك من حجم ما أنجزه مجلس النواب من تشريعات، لكن ما تبقى لا يقل أهمية، وربما يزيد.

والواقع أن اتهام جائحة كورونا لا يُعد أمراً مقبولاً أو منطقياً؛ ذلك أن تشريعات بعينها تأخرت عدة سنوات ولا أقول شهوراً. لعل أهمها من وجهة نظري هو قانون المحليات، الذي ناله من التعطيل ربما ما لم ينله غيره. وربما تعود الأسباب في ذلك إلى عوامل تخرج عن أسوار البرلمان.

فلا ينبغي أن نتجاهل أن معركة الانتخابات المحلية شديدة البأس. كثير من القيادات الحزبية عاشت، وتعيش على وعود منحتها لمن حولها تتمحور حول قدرة حزبها على تحقيق إنجازات بعيدة في هذا السباق. وهو أمر سينكشف تماماً إذا ما أُجريت الانتخابات، وظهرت النتائج مُعلنة إفلاس الكثير من الأحزاب ذات الأصوات العالية.

وبدلاً من أن نتهم جائحة كورونا بالتسبب في هذا الأمر، لنسأل أنفسنا: كم عامًا مضى ولم يتحرك قانون المحليات خطوة واحدة يُعتد بها على طريق إقراره؟

وهو أمر أراه يخصم الكثير من تقييمنا لأداء مجلس النواب. والأهم أنه ينبغي أن يقلل من حجم قناعاتنا بأن لدينا أحزاباً تُعلي من شأن المصلحة الوطنية العليا.

كلنا نذكر كم كانت الأحزاب تصرخ بأنها غير جاهزة عندما يحين أجل استحقاقات برلمانية ماضية، رغم أن الأمر لم يكن مُفاجئاً، لكنه الخطاب المعتاد من قيادات حزبية لا تملك أكثر من الخداع، ومناورة الحقائق، وكسب الوقت؛ إذ إنها تكاد تكون في الرمق الأخير من مشوارها السياسي الضعيف! ولا حاجة لها إلى بناء مستقبل سياسي؛ إذ بات مستقبلها خلفها منذ زمن ليس بالقليل.

كذلك، أين قانون الإيجارات الشائك الذي يغوص في أعماق سحيقة داخل طيات الوطن، بما يُعلي من حجم المخاطرة السياسية لكل من سيتقدم للمناقشة علانية وطرح أفكاره، بينما الكل ينظر إلى الانتخابات المُقبلة ولا يريد أن يفقد طائفة من الشعب، سواء أصحاب العقارات، أو المستأجرون.

وأين قانون الأحوال الشخصية الذي نال من الشهرة الكثير، وتفجرت بسببه صراعات حزبية شتى، وراجت حوله أحاديث براقة لم تبتعد عن الفرقة الإعلامية، وهو أيضاً قانون شديد الحساسية، وتعدد الآراء فيه يحمل خطورة كبيرة على أصحابها في أي استحقاقات مُقبلة.

لا أريد أن أعدد كم القوانين التي تأخرت عن الظهور ومباشرة تأثيراتها في المجتمع. ولكنني هنا أود طرح رؤية أراها تُلخص الأمر. ذلك أننا في مصر لا نملك على نحو كافٍ ثقافة العمل الجماعي! ولا نجيد فنون التفاوض بعيداً عن أدوات التخوين والتهميش والتخويف.

لو أن راحة الناس لا يمكن قياسها بمعيار المصلحة العامة، ربما لصعوبة رصد الأثر اللحظي والمستقبلي، سواء في قانون الأحوال الشخصية أو قانون الإيجارات العقارية، فإن الأمر على خلاف ذلك تماماً فيما يتعلق بقانون المحليات.

فواقع الأمر أن جائحة كورونا ألهتنا كثيراً عن أمور شتى لا يصح أن نظل نتجاهلها بضغط ظروف الجائحة، ومنحت البعض فرصة تغطية مواقفه المتخاذلة. فوجود محليات منتخبة قوية، قادرة على ممارسة مهامها الوطنية بكفاءة لا يمكن إنكار دورها المفقود في تهيئة وإعداد وتنفيذ خطة الدولة لمجابهة الجائحة، بما كان مفترضاً فيها من خلق قيادات محلية شبابية قادرة على العطاء، تحمل على عاتقها مسؤولية التغلغل داخل خبايا المجتمع.

لست أصب رؤيتي هذه على تأخر مجلس النواب وحده عن إنجاز أمور في صميم عمله. فكثير من الجهات ربما وجدت في الجائحة فرصة للتراخي، لانشغال الوطن بما هو أهم في نظرها.

من ذلك ماذا فعلنا في قضية تجديد الخطاب الديني؟ وماذا فعلنا في ملف الإعلام وتخليص ماسبيرو من تبعيته المرهقة لموازنة الدولة؟ أمور شتى على هذا المنوال لا أرى أن جائحة كورونا سبب فيها، قدر ما هي غطاء تم استعماله فيما لا يفيد المصلحة الوطنية. وهي أغطية سيتم نزعها آجلاً أو عاجلاً لتنكشف الحقائق، لنكتشف أن الأحزاب لم تقم بدورها الطبيعي في دراسة هذه القوانين، ولم تستعد لإجراء الانتخابات المحلية، ولا تملك رؤية تعبر عن حقيقة توجهاتها، كما أن جهاتٍ بعينها ليست على قناعة تامة بما تُعلن وتقول.

إعلان