إعلان

تعزيز بناء ثقافة الحوار العلمي

د. غادة موسى

تعزيز بناء ثقافة الحوار العلمي

د. غادة موسى

أستاذ مساعد - كلية الاقتصاد والعلوم السياسية - جامعة القاهرة 

09:01 م السبت 08 فبراير 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

يهدف الحوار إلى تقوية التواصل الإنساني وتوصيل وتبادل المعلومات وإقناع الآخرين بفكرة أو أفكار، بالإضافة إلى تطوير التعامل مع الآخرين.

والحوار ليس مهماً فقط في حياتنا العملية، ولكنه مهم في حياتنا الشخصية والأسرية.

والحوار من المحاورة، أي مراجعة الكلام والمخاطبة والمنطق. كما أن الحوار من الاستنطاق.

أما اصطلاحاً، فهو الكلام المتبادل بين طرفين مع تقديم الأدلة المقنعة من أجل تقريب وجهات النظر بينهما.

ويمكن اعتبار الحوار منهجاً للإصلاح ووسيلة للتعليم، كما أنه نقطة الالتقاء والتقارب بين الأفراد.

وللحوار دور بارز في تهدئة الصراعات وإظهار الحق دون حدوث خسائر.

والحوار في أي مجال ليس مبارزة أو تفاخرا أو مباهاة، وإنما هو عملية لها شروط وآداب.

ومن هذه الآداب البعد عن الهوى وإظهار النفس إلى العمل على إظهار الحقيقة. فالهدف من الحوار ليس إضاعة الوقت أو الانتصار لرأي دون برهان. كما أنه لا بد أن يكون المحاور متواضعاً وذا خلق حسن، وأن ينتقي كلمات سهلة وألفاظاً مفهومة للجميع. وأيضاً لا بد أن يستمع المحاور لغيره جيداً، فالحوار لا ينحصر بطرف دون غيره.

ولكي يكون الحوار مثمراً لا بد أن يكون المحاور ذا علم، فالعلم شرط رئيسٌ لإتمام وإنجاح أي حوار. فبدونه يصبح الحوار ضعيفاً بلا جدوى. وفي هذا الإطار لا بد من الحرص في التحاور على موضوع يعرفه المتحاورون، وذلك لتسهيل عملية تبادل الآراء ولإثراء النقاش.

وبما أننا نتحدث عن تعزيز بناء ثقافة الحوار العلمي، فلا بد من أن يُبنى الحوار على الأدلة والبراهين العقلية الصحيحة. ويجب الابتعاد عن الأدلة الظنية مجهولة أو ضعيفة المصدر.

والحوار قد يأخذ صورة الجدل أو المناظرة أو النقاش بهدف إقناع الأطراف المتحاورة بفكرة أو وجهة نظر ما.

وجميعها حوارات شفهية. أما الحوار المكتوب، فهو الذي يتم فيه استخدام العقل بطريقة جدلية، ويحتاج إلى مدة أطول لأنه يتم من خلاله مناقشة الأفكار.

ومع العمل على بناء ثقافة الحوار العلمي من الأهمية بمكان تجنب استخدام العاطفة، وهو أمر غاية في الصعوبة، خاصة إذا احتوى الحوار على انتقاد. وهنا يميل كل طرف إلى الدفاع عن رأيه باعتباره الأكثر صواباً.

وفي الواقع، فإن عدم التمييز بين ما هو عاطفي وما هو علمي يفسد الحوار، ويحيله إلى حوار متحيز.

لهذا كثيراً ما نسمع عن عدم قدرة عديد من الأفراد على بدء أو فتح حوار بسبب ما قد يسفر عنه هذا الحوار من غضب وخلاف.

ومرجع ذلك هو تغليب العاطفة على البرهان، وإهمال المنطق لصالح الإدراك الشخصي.

وباستعراض تاريخ حياتنا على المستوى الشخصي، نلحظ في معظم الأحيان غياباً للحوار العلمي وتغليباً للمصلحة الشخصية على الشأن العام.

أما على مستوى المجتمعات، فقد صار تخلف العلم والعمل وطرق التفكير طريقاً ممهداً لنشوب النزاعات وللقطيعة.

وما أحوجنا إلى أن يكون الحوار منهجاً للتواصل فيما بيننا جميعاً، وأن يكون عماد حياتنا بما يعزز الثقة بين أفراد المجتمع، ويؤدى إلى تقدم العلم.

إعلان