إعلان

صناعة النجاح

صناعة النجاح

خليل العوامي
09:00 م الإثنين 25 يونيو 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

النجاح ليس أمرا عشوائيا، ولا يتحقق بالمصادفة أو بمجرد الأمل فيه أو الاستعداد له، وإنما له قواعد وتخطيط مسبق وعوامل مساعدة وكلها تضاف إلى الاستعداد والإرادة.

يستوي في قواعد النجاح الشخص والمجموعات والمؤسسات والمجتمعات والحكومات كل على حد السواء. فالنجاح هو صناعة مثل باقي الصناعات الناجحة التي تحتاج لتخطيط ومقومات وعمل شاق، بل إن صناعة النجاح للبشر تحتاج مجهودا أكبر لبناء شخصية الإنسان وفق قيم وقواعد العمل الحقيق وتحمل المسؤولية وعدم التواكل.

قد أكون من بين الأقل تأثرا بخسارة المنتخب المصري أمام نظيره الروسي، وخروجه من دور المجموعات لكأس العالم، وهذا ليس لقلة انتماء أو نقص وطنية، وإنما هو عدم اهتمام كبير بكرة القدم من جانب، وإدراك حقيقة أن المقدمات تقود حتما إلى النتائج، والمنتخب المصري لم يقدم ما يحقق له نتائج أفضل.

ما ظهر عليه المنتخب المصري، ونتائجه يعبر بصورة واقعية عن المستوى الحقيقي للفريق، وإمكانيات لاعبيه وخطط مدربه.

لم يظلم المنتخب، كما لم يكن المنتخب الروسي محظوظا، وإنما فاز عن جدارة بنفس القدر الذي استحق به منتخبنا الخسارة، وهذا طبعا لا علاقة له بتوقعات عشاق الكرة المصريين والخبراء الرياضيين، أو أمنيات ملايين المصريين الذين صدمهم الواقع المرير الذي حاولوا إنكاره أو غض البصر عنه.

فكرة التوفيق وعدم التوفيق موجودة وقائمة، فقد يقف الحظ أو الصدفة معك مرة أو ضدك مرة، إلا أنها حالة مؤقتة في مناسبة أو بطولة بعينها، ولا يمكن أن تكون صفة لصيقة بفريق طوال حياته، ونتائجنا في المونديال على مدار التاريخ تؤكد أننا لم نصل بعد إلى مستوى المنافسات العالمية، ذلك أننا لم نخطط للنجاح، ولم نفعل ما توجب علينا فعله لصناعة النجاح.

الكرة في مصر كغيرها من الألعاب الرياضية تموج بالعشوائية والفساد وسوء التخطيط، إن لم يكن انعدامه، ناهيك من غياب العزيمة والإرادة لدى عدد كبير من لاعبي كرة القدم المصريين في الوصول للعالمية، ولكي تعرف حجم الكارثة انظر إلى عدد اللاعبين المصريين المحترفين في الخارج، وكم منهم ناجح، مقارنة بدول أفريقية أقل من مصر في عدد السكان والمستوى الاقتصادي والتعليمي والمؤسسي.

لن تتقدم كرة القدم المصرية أو غيرها من الألعاب إن لم تتحول إلى صناعة، تُعنى بالمكسب والخسارة، ولن تصل الرياضة المصرية إلى العالمية إن لم يتم التخطيط لها على مستويات قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، بصورة مدروسة وعلمية، وليست الخطط التي نسمع عنها من المسؤولين الرياضيين بعد كل انتكاسة رياضية للهروب من المسؤولية.

ما يغيب عن تفكيرنا هو تحويل الرياضة في مصر إلى مشروع قومي، وهو ما يتطلب خطة استراتيجية لمدة 20 عاما على الأقل، ويكون هدفها الأساسي هو تخريج 20 ألف ناشئ ذي قدرات ومهارات كروية محترمة، وهذا الرقم ليس كبيرا في بلد يعشق كرة الكرة وتعداد سكانه تجاوز المائة مليون، هذا الحلم يتطلب تحركا سريعا من وزير الرياضة الجديد لاكتشاف هذه المواهب في القرى والنجوع والمراكز والأحياء على مستوى الجمهورية، وتحويل مراكز الشباب لخلايا نحل في كافة الرياضات، وتوفير ميزانيات لاكتشاف هذه النماذج والإنفاق عليها حتى يحقق المشروع المرجو منه.

هذا المشروع يتطلب عملا شاقا وجادا على مدار الساعة من مسؤولين على مستوى عالٍ من الكفاءة والمسؤولية، وفق قواعد صارمة لمنع الفساد والمحسوبية والتدليس.

هذا المشروع يحتاج إلى زرع الأمل في نفوس الناشئين بأن البقاء للأفضل، وأن النجاح سبيله الوحيد العرق والعمل الجاد.

إعلان