إعلان

كتيبة الفيس بوك والشيخ نصر

كتيبة الفيس بوك والشيخ نصر

عادل نعمان
09:01 م الإثنين 01 يناير 2018

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

هي كتيبة محاربة ومقاتلة، سلاحها ليس ككل الأسلحة، حروبها ليست ككل الحروب، سلاحها قلم، ميدان المعركة ورقة على طول صفحات التواصل الإنساني والاجتماعي، تنتفض كما ينتفض غيرها للباطل، تنتصر للمظلوم كما ينتصر غيرها للظالم، ترى، وتسمع، وتشعر ما يراه ويسمعه ويشعر به الناس، كما يغيب عن البعض منهم ويضلون، فلا يسمعون ما يسمعه الناس، ولا يحسون بما يحسون به وما يشق عليهم. إلا أن الصادقين منهم كثر، والمتجاوبين منهم مع هموم الناس وآلامهم أعظم منهم أمرا، وأجل منهم شأنا، والصادقين منهم يبحثون عن الحق حتى يعلنوا الحقيقة على الناس، فتنجلي ويشرق شمسها، فيراها الغافل والضال، فيراجع من يراجع نفسه إذا اهتدى، ويعود إلى الصواب من رأى في الصواب طريقه.

وليس كل هؤلاء وهؤلاء على الحق سائرين، فمنهم من يخدم جماعته، ومنهم من يخدم أيديولوجيته، ومنهم من يخدم دينه، وكلٌ يصيب من الصواب قدر ما عرفته جماعته عن الحق فالتزمت به، وقدر ما رأت أيديولوجيته من حاجات الناس صدقا وعدلا، وقدر ما سمع وقرأ من دينه عن العدل والسلام والخير والمحبة، فيصيب من الخطأ قدر ضلال المضللين، وكذب الكذابين من جماعته، أو تجار الأيديولوجيات أو حتى تجار الدين، فأفلح كلُ الصادقين، وخاب كلُ المضللين حتى لو كان باسم الدين.

هذه الكتيبة من الشرفاء على فيس بوك هي سند من لا سند له، ومعين من لا معين له، وملجأ وملاذ من لا ملجأ ولا ملاذ له، فكانت سندا لشيخ حكم عليه بالسجن ثمانية عشر عاما في "قضايا نقل"، وفى أخرى "قضايا قول"، فما نقله الشيخ المسكين ليست بضاعته، وما قاله الرجل ليس قوله، بل نقل بضاعة غيره دون إضافة أو زيادة، فاتهموه بفسادها وعطبها، وقال قولة غيره، كما هي دون زيادة أو نقصان، فاتهموه بالكذب والتضليل والتلفيق والنحل. وما زاد الرجل المظلوم كلمة واحدة فوق ما قاله غيره، وما زاد على البضاعة جراما واحدا عن صناعة الأولين، حتى يكون مصيره السجن والعزل، وحسبي أنه قد كشف مستترا، وأفشى سرا، وأخرج من الجراب ما كان واجبا أن يخفيه، ويتركه بلا مزمار يحركه، ويخرجه من كهوفه وسراديبه، لأنه منهم، يعلم ما لا نعلم ، ويسمع ما لا نسمع، ولم يدر بخلدهم أننا معهم نسمع ما يسمعون، ونقرأ أكثر مما يقرأون، ونسمع أكثر مما يسمعون، لكن الفارق أننا نسمع ونقرأ ونرى في وقت واحد، وهم يسمعون ولا يقرأون، وإذا قرأوا لا يسمعون، وإذا قرأوا وسمعوا لا يبصرون، فكان قولهم كالعمى، وكانت بضاعتهم عصية على الهضم والتصريف. وما نقله الرجل عن إقدام النبي على الانتحار خمس مرات من على شواهق الجبال، وفى كل مرة يتراجع عن الانتحار لظهور جبريل في لحظته الأخيرة، وتأكيده له أنه رسول الله حقا في كل مرة، قد جاءنا على لسان البخاري في صحيحه، نصا لا ريب فيه، مكتوباً ومصححاً وثابتا وقائما، وهو أصدق كتاب بعد كتاب الله، وليس من خيال صاحبنا أو من خرافاته. وما نقل الشيخ عن سحر النبي، جاءنا عن البخاري أيضا، بل روي عن أم المؤمنين عائشة أنه قد سحر على يد لبيد بن الأعصم اليهودي، فصار يخيل إليه أنه فعل بعض الأشياء مع أهله، ولم يفعله، وهو ناقل لما قاله البخاري عن عائشة، دون إفك أو تدليس، وتساءل: كيف يقبل التراث هذا الخيال عمن عصمه ربه من الناس وحفظه وحماه؟ وكأن سؤاله ليس بريئا، ولم يسأل الشيخ سؤالا لم يسأله غيره، بل سأله على مر التاريخ ملايين البشر. وأنا أشفق على الشيخ محمد نصر فيما قاله نصا، أو فيما نقله وزناً، وأوذي بسببه ومازال، بل إن فيما جاء في صحيح البخاري عن لسانه نفسه، ولسان الرواة والنساخ، ما هو أقسى وأمر مما نقله أو رواه صاحبنا الشيخ، وربما لو عرج قليلا عما نقله وقاله لعاقبوه بالإعدام، وهو بريء من النقل ومن القول براءة الذئب من دم ابن يعقوب.

نستطيع الآن أن نقرر أن لنا سندا وعونا ودرعا وسيفا، ومعينا على الفيس بوك، كتيبة مقاتلة في الحق، قادرة على أن يعلو صوتها قويا في معركة حامية الضجيج والتلفيق والتزوير، ليس بالسب أو التشويه، كما يصنع الجهلاء والموتورون، بل بالبحث عن الأسانيد والدفوع والآراء المؤيدة، والبحث في كتب التراث عن حقيقة ما قيل وما نقل، وكان الشيخ محمد نصر أحد هؤلاء الذين انتصروا له، أو نصره لقريب، وكانت قضية المحامي نبيه الوحش والحكم بحبسه الذي انتصروا عليه، وتنفيذ حكم حبسه ليس ببعيد، وكانت شيرين رضا والحملة الشرسة عليها قد انتصروا لها، حين وصفت صوت بعض المؤذنين بالجعير، وكاد الهلاك يحيط بها لولا كتيبة المقاتلين، حتى جاءت الكتيبة بما قاله المشايخ، فكان ما قالته شيرين رضا متواضعا وخجلا أمام ما قاله الشعراوي وغيره، ففلتت شيرين رضا مما كان ينتظرها، وهى التي انتصرت لرجال الشرطة حين أصاب مأمور حلوان هذا الإرهابي المعتوه الذي تجول في شوارع حلوان بعد اعتدائه الوحشي على الكنيسة، وأصاب من أصاب، وقتل غدرا من قتل، وأعادوا اليسير من الحق الضائع، وكانوا في هذه من المنصفين.

كتيبة الفيس بوك كتيبة كل الشرفاء إن أرادت أن يكون الشرف منهجًا لنصرة الحق، وتكون العكس إذا أرادت، لكن هذه الكتيبة بذاتها يقودها مثقفون تنويريون، قد تعاهدوا على نصرة الحق وجلاء الحقيقة، يعرفون أنفسهم، متقاربو الجيرة بلا عنوان، متعاهدون بلا وثيقة، متعاونون بلا مقابل، ومتحدون على هدف واحد، وهى الحقيقة، بعيدة عن سيطرة جماعة أو قبيلة أو مذهب أو دين، هم مصريون من كل الاتجاهات، كل منهم في طريق ربما واحد منهم في الشرق والآخر في الغرب، رجال ونساء شرفاء، مسلمون ومسيحيون وغيرهم من عباد الله عظماء، مجتمعون على هدف واحد، دولة مدنية تقف مع الأديان كلها على مسافة واحدة، حرية الفكر والعقيدة، منتصرون دائما للحرية وللعدل وللخير والسلام، وقبلهم القانون .. تحياتي كتيبة الحق.

إعلان