إعلان

"أكذوبة" عهد التميمي.. !

"أكذوبة" عهد التميمي.. !

د. أحمد عبدالعال عمر
09:01 م الأحد 31 ديسمبر 2017

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أنا لا أحب تسليم عقلي لأحد، وأرى موضوع البنت الفلسطينية "عهد التميمي" من زاوية مختلفة تمامًا، تُناقض كل ما هو رائج في الإعلام عنها، ويجعل منها هي وأسرتها أبطالًا.

أكيد هناك تخطيط مخابراتي إسرائيلي خلف كل ما نشاهده عنها، وأن كل ما نراه فيلمًا مصنوعًا ببراعة لخداعنا واللعب بعقولنا. وعهد التميمي بتمثل في هذا الفيلم دور البطولة، وهدفهم من هذا الفيلم صنع "أيقونة كاذبة" للمقاومة والثورة، لكي يُكرّسوا حضورها في المشهد، ويُسَوِّقوا بعد ذلك- من خلالها- لرسائلهم الضمنية المُوجّهة، ومخططاتهم الخبيثة.

ومن لم يقتنع بوجهة نظري، فليفكر معي قليلًا في طريقة تصوير الفيديوهات الخاصة بها، ودقتها ومسافتها وسرعة انتشارها. وكمان في علة الاحتفاظ بالفيديوهات منذ أكثر من خمس سنوات؛ منذ أول اشتباك لها مع الجنود الإسرائيليين، وهي عمرها 12 سنة، إلى أن تم القبض عليها وهي في سن 17 سنة، وبداية محاكمتها الجارية للآن.

وكذلك تأملوا معي شجاعتها في مواجهة جنود الاحتلال الإسرائيلي، وكيف قامت بضرب أحدهم على وجهه، دون أن تحسب حسابًا لردة فعله، وما يمكن أن يصيبها جراء هذا الفعل من حساب وعقاب.

أليست تلك مشاهد مُريبة، تجعلنا نشك في صحتها ودوافع ونوايا المشاركين فيها؟ وأن "عهد التميمي" تمثل دورًا مرسومًا لها بعناية، وهي في النهاية مشروع جاسوسة إسرائيلية لاختراق وعْينا وعقول أطفالنا وشبابنا، ولكنها جاسوسة مُعتمدة بختم الوطنية والمقاومة والثورة؟

كما يجب ألا يغيب عنا أن هذه الطفلة الشقراء، لا تحمل أصلًا ملامح عربية، وهي غير محجبة، وطالعه في فيديوهات بتغني لمطربة "مسيحية" بتاعة مقاومة وثورة، هي "جوليا بطرس" وبتقول: "نحن الثورة والغضب، نحن أمل الأجيال، من هون من عندنا انكتب تاريخ الأبطال".

يعني هي ثورجية، وبتدعو الأطفال والشباب للثورة، عشان البلاد العربية تخرب أكثر من الخراب اللي حصل فيها أثناء وبعد ثورات "الربيع العبري". ولهذا انتبهوا وتجاهلوا أكذوبة "عهد التميمي" التي يروّجون لها. وتجاهلكم لها كفيل بقتل الكذبة وإفشال مخططات أصحابها.

ثم ما هي علاقتنا أصلًا في مصر بما يحدث في فلسطين؟ وهل يغيب عنا أن الفلسطينيين أقرب لليهود من العرب، وأنهم يكرهون بشدة المصريين؟ ولهذا يجب علينا أن ننظر بحذر لكل ما يأتي من فلسطين...

لحظة عزيزي القارئ، لا تثُـر وتتسرع في توجيه الشتائم لشخصي، فما طرحته من وجهة نظر أعلاه لا يخصّني، بل قرأته على صفحات فيسبوك، فاستفزني كما حدث معك، وجعلني أتساءل: هل بلغ بنا القبح العقلي وهاجس نظرية المؤامرة، ودواعي الوطنية الضيقة والساذجة، أن نشوّه أجمل ما فينا، ونوجه سهام الغدر لـ"صبية فلسطينية أصيلة" تقاتل من أجل أكثر قضايا التحرر الوطني في تاريخ العرب المعاصرين عدالة ومشروعية، بدلًا من أن ندعمها وندعم قضيتها، ولو دعمًا معنويًا؟!

وهل يُدرك من يروّجون لتلك الافتراءات التي لا أساس لها من الصحة، أنهم- ربما- على غير وعي منهم، ينفذون مخططات الإسرائيليين لتشويه نموذج "عهد التميمي"، بعد أن صدمهم تأثير صورتها في وعي الأجيال الجديدة من الفلسطينيين والعرب، وأنها بحضورها وشجاعتها ووعيها، أحيت الوعي بالقضية الفلسطينية وتاريخ الصراع العربي الإسرائيلي في عقول تلك الأجيال، بعد كل ما أنفقه الإسرائيليون من أموال وجهد ووقت لمسح ذاكرتهم ومسخ وعيهم.

في النهاية، يقول الراحل الأستاذ عباس محمود العقاد في كتابه عبقرية الصديق: "إن الإعجاب بالبطولة في التاريخ الإنساني شيء عظيم؛ ليس بعد البطولة منزلة يشرف بها الإنسان أشرف من منزلة الإعجاب بها والركون إليها؛ لأن الفضيلتين معًا لازمتان جنبًا إلى جنب في كل أمر جليل تم في تاريخ الإنسان، وكل طور من أطوار التقدم ارتقى إليه".

ولهذا سلامٌ على البطلة "عهد التميمي" في سجنها، ولها منّا كل الإعجاب والتقدير؛ فهي الحرة رغم القيود، وهي الثائرة والمقاومة الصادقة في قضية مشروعة وعادلة، في زمن الثورات العربية الزائفة، والقضايا المغلوطة، وتخبط العرب في حروبهم الأهلية. وهي التي تستحق أن تكون ملهمة للأجيال الحالية والقادمة، في إيمانها بقداسة أرضها ووطنها، ومشروعية رفض ظلم وقبح الأمر الواقع، وحتمية أن يصبح على هذه الأرض ما يستحق الحياة.

إعلان