دينا أبو المجد تكتب: "نقيب البيطريين يكشر عن أنيابه"
كتب : مصراوي
دينا أبو المجد
لم يكن تفاؤل عابر ذاك الذي وافق ترشح الدكتور مجدي حسن لمنصب نقيب البيطريين، بل كان استجابة حقيقية لنداءات وأحلام طالما راودت أبناء المهنة في زمن غابت فيه الهبات القدرية وشحّت فيه المنح وضَلّت فيه الحقوق طريقها إلى مستحقيها.
وفوز الدكتور مجدي حسن بمنصب النقيب بغالبية أصوات ومشاركة لم تُسجَّل من قبل لم يكن مفاجئًا لمن يعرف تاريخه ومسيرته الحافلة بالنجاحات والإنجازات، إذ رأى فيه البيطريون تجسيدًا للأمل المفقود وصوتًا صادقًا قادرًا على انتشال المهنة من غياهب التهميش، وإعادتها إلى مكانتها الطبيعية كركيزة أساسية من ركائز المنظومة الصحية والاقتصادية في مصر.
ومنذ تقلّده منصب النقيب دبت الحياة في أركان هذا الكيان العريق وبلغت آمال البيطريين العنان في تحسن أحوالهم، وأصبح التفاؤل بما هو قادم عنوان المرحلة الحالية، ولِمَ لا وقد ارتقى لرئاسة النقابة أحد أهم أعلام الطب البيطري في مصر والوطن العربي، ومن ناحية أخرى يعد من أهم المستثمرين في الصناعة وأقام صروحًا اقتصادية عملاقة تجعل من قصة صعوده كرجل عصامي مرجعًا لمن أراد النجاح والتميز، وأصبحت نجاحاته ملهمة لنا جميعًا.
لم يأتِ ترشح الدكتور مجدي حسن بحثًا عن منصب أو جاه، فقد تقلّد من قبل مناصب رفيعة ومؤثرة، كما لم يكن مدفوعًا برغبة في ملء فراغ وقتي؛ فالرجل بالكاد يجد وقتًا شاغرًا في جدول أعماله المزدحم، وإنما الدافع الحقيقي هو الشعور بالمسؤولية تجاه مهنة أعطته الكثير وواجب رد الجميل لزملائه البيطريين الذين طالما اعتبروه رمزًا وقدوة، ويرى أن بوسعه فعل الكثير والكثير من أجل وضع النقابة في مكانتها التي تستحقها وتصحيح مسار عملها لتصبح عضوًا فاعلًا ومؤثرًا في الجمعية العمومية لاتحاد المهن الطبية، وأنه لا مناص من استعادة هيبة الطبيب البيطري ووضعه على قدم المساواة في اكتساب الحقوق مع أقرانه وأعضاء الجمعيات العمومية الأخرى للاتحاد. ولن أُبالغ إذا قلت إنه ينبغي على نقيب البيطريين النحت في الصخر لكي يحقق هذه الأهداف، ولِمَ لا في ظل رغبة الكثير من الجهات بألّا تقوم للنقابة قائمة؟ بل إن بعض الجهات المنوط بها دعم هذا الكيان الكبير ومد يد العون له لا يروق لها أن تكون النقابة قوية وغنية بمواردها، ويقفون حائلًا دون تحقيق ذلك، ويعملون بكل ما أوتوا من قوة ونفوذ وسلطان لدفعها نحو الانحراف عن مسار عملها السليم وتغييب دورها الفعّال عن عمد في المشاركة بالاقتراحات والرقابة والمتابعة كعضو جمعية عمومية وفقًا للقوانين واللوائح المنظمة لعملها، ويُراد لها أن تظل منكفئة على نفسها تصارع مشاكل واضطرابات داخلية مصطنعة لها.
ولم تقف اليد الخبيثة عند هذا الحد بل امتدت لتطال الطبيب البيطري وسلبت أبسط حقوقه وأهمها الحق في التعيين أسوة بأعضاء الجمعيات العمومية الأخرى في اتحاد المهن الطبية، ولكم أن تتخيلوا هول الصدمة التي وقعت على رؤوس الخبثاء وذوي النفوس المريضة بالمؤامرات وأرباب المصالح بخبر نجاح الدكتور مجدي حسن نقيبًا للبيطريين، فهم يدركون جيدًا أنهم أمام رجل غير تقليدي، تحركاته وخطواته غير نمطية وقراراته تتسم بالجرأة والرؤية الثاقبة ويمتلك من المهارات الإدارية والنجاحات ما يفوق الوصف، وشبكة من العلاقات القوية بكل عناصر الصناعة والقطاع البيطري والاستثماري بمختلف تخصصاته، وأكثر ما يقلقهم أنه يحظى بشعبية جارفة ومساندة ودعم منقطع النظير من أعضاء جمعيته العمومية وتقدير واعتزاز لمكانته المرموقة من أعضاء الجمعيات العمومية الأخرى التابعة للاتحاد.
فلا يُنتظر من نقيب البيطريين أن يغضّ الطرف عن حقوق نقابته وأعضائها لدى الجهات المعنية.. وقد تكللت مجهوداته المضنية بالنجاح واستطاع انتزاع قرار بالموافقة على تعيين قرابة خمسة آلاف طبيب بيطري كخطوة أولى قد تتبعها خطوات أخرى، ولم يقتصر جهده عند هذا الحد بل امتد إلى إعادة تنظيم البيت النقابي من الداخل من خلال إعادة هيكلته ماليًا وإداريًا وتنظيميًا بما يتماشى مع رؤية الدولة في رقمنة عمل الكيانات النقابية وحوكمتها بما يحقق أعلى درجات الشفافية ويصون المال العام.
وفي ظل ظروف مالية صعبة، وموارد دخل شحيحة استطاع أن يرتقي بمستوى الخدمات الطبية والاجتماعية والمالية لأعضاء نقابته، والعمل على مشاريع جارية لتنفيذها لتعزيز موارد النقابة المالية واستدامتها، ورأينا جميعًا حرصه الدائم على أن تخرج مناسبات النقابة وفعالياتها بالشكل اللائق الذي يعكس عراقتها ومكانتها تنظيمًا وحضورًا. كل هذا وأكثر ما هو إلا إيذانًا بعودة نقابة البيطريين ككيان فعّال ومؤثر في المشهد النقابي والمجتمعي. ولكن للأسف يبدو أن هذه العودة تزعج البعض – وقد تجلّى ذلك.. رأيناه بأم أعيننا وعلى شاشات المواقع الإلكترونية حين طالب نقيب البيطريين من إدارة الاتحاد القيام بإصلاحات مالية وإدارية شاملة تحفظ المال العام وتحقق مزيدًا من الشفافية في أوجه الصرف والمحاسبة بما يتماشى مع سياسة الدولة في الحوكمة والرقابة، وهو ما قوبل بالرفض والصياح والتهديد والوعيد والاشتباك العلني فقط لأنه طالب بتحقيق ما تنادي به الدولة من إصلاح إداري ومالي يعزز النزاهة ويصون مقدرات العمل النقابي.
وبرغم كل الترهيب النفسي والمعنوي الذي تعرّض له لم يتراجع نقيب البيطريين عن موقفه أو مطالبه، بل عقد العزم على المضيّ قدمًا في طريقه ونضاله من أجل حماية المال العام وتعظيم الاستفادة من أصول وموارد اتحاد المهن الطبية بما يعود بالنفع والخير على أعضاء النقابات وزيادة مواردها – مدعومًا بثقة زملائه الذين اصطفوا خلفه صفًا واحدًا كالبنيان المرصوص رافعين شعار "الحقوق لا تُوهب بل تُنتزع"، مؤمنين أن قوتهم في وحدتهم وأن نقيبهم يقودهم بثبات نحو مستقبل أفضل.
إن التاريخ لا يرحم والمستقبل لا ينتظر، ونقابة البيطريين لن تعود إلى الظل مادام على رأسها أحد شيوخها العظام، وبدعم منقطع النظير حملتموه أمانة تاريخكم العريق وصنع حاضركم وبناء مستقبلكم بما يليق بكرامتكم وعزتكم، مصرّين على استكمال مسيرة العزة والشموخ معًا، ولا يراودني شك في عودتها مرة أخرى عصية على كيد الكائدين منيعة ضد مكر الماكرين، ولكن عليكم بالصبر حتى نجني حصاد ما زرعه الشرفاء منكم، لأن ما هُمِّش وجُرِف مع سبق الإصرار لعقود لن يعود بين ليلة وضحاها.