ماجستير عن توظيف التراث في بعض روايات عمار علي حسن
كتب : محمد شاكر
ماجستير عن توظيف التراث في بعض روايات عمار علي حسن
كتب- محمد شاكر:
نوقشت في كلية الآداب جامعة "الوادي الجديد" رسالة ماجستير بعنوان: (توظيف التراث في روايات عمار علي حسن.. "شجرة العابد" و"جبل الطير" و"بيت السناري" نموذجًا)، أعدتها الباحثة ميار أسامة عبد العزيز محمد، تحت إشراف الدكتور عماد حسيب محمد أستاذ النقد الأدبي بالكلية، والدكتورة منى رياض محمد مدرس الأدب العربي الحديث بالكلية نفسها. فيما تكونت لجنة المناقشة والحكم من الدكتور محمد عبد الله حسين أستاذ الأدب والنقد بجامعة المنيا، والدكتور سري هاشم الشريف أستاذ البلاغة والنقد بجامعة الوادي الجديد.
وتنطلق الباحثة في أطروحتها هذه من أن التراث بات مخزنًا معرفيًا وفنيًا يوظفه الأدباء، في الرواية والقصة والشعر والمسرح، وفق ما يماثل تفكيرهم وذوقهم، وهنا تقول: "موضوع توظيف التراث في الأدب العالمي عمومًا والأدب العربي خصوصًا من الإشكاليات المطروحة في النقد الأدبي المعاصر."
واستهدفت الباحثة من أطروحتها معرفة دور التراث في الإبداع المعاصر، والكشف عن مواطن التداخل بين النصوص القديمة والحديثة، والوقوف على تجارب فنية جديدة في النصوص الأدبية عبر ربطها بالجذور الراسخة في التربة الثقافية والمعرفية.
وبررت الباحثة اختيار بعض أعمال عمار علي حسن لتحقيق هذه الأهداف قائلة: "يمتلك هذا الكاتب خلفيات معرفية متعددة، تنهل من عوالم التاريخ والفلسفة والديانات بما يمنح نصه بعدًا رؤيويًا مغايرًا على مستوى الطرح الدلالي، والاشتغال السردي، كما أن جانبًا من المنجز الروائي لديه يأتي معبرًا عن قلق معرفي وأسئلة تثير المتلقي، وتفتح الباب أمام علاقات التأويل النقدي.. فيما تعكس كتاباته عمومًا تنوعًا بين ألوان أدبية ومعرفية وفكرية عدة، إلى جانب تجديده في طرائق الكتابة."
وأضافت: "تضمنت كتابات عمار علي حسن اللغة الصوفية، والشاعرية، والأساطير، والملاحم الشعبية، والتاريخ، والدين، والسياسة، والواقعية الاجتماعية." موضحة أن رواية "بيت السناري" توظف أحداثًا تاريخية، فيما تستدعي رواية "جبل الطير" التراث الديني في مصر القديمة والحقبة المسيحية ثم الإسلامية، أما "شجرة العابد" فقد استلهمت التراث الصوفي والأسطوري، وجاء الحديث فيها عن مصير الإنسان، والعوالم الخفية، والأمور الغيبية المتداولة.
واتبعت الباحثة في دراستها المنهج الوصفي القائم على استقراء الظاهرة والإلمام بجميع جوانبها، مع اعتماد التحليل حين يقتضي الأمر ذلك، وقالت: "الرسالة تركز على موضوعية نقد الأفكار، وتحديد التيمات الكبرى أو الفرعية، واستخلاص المشكلات أو المسائل المهمة في الأعمال الروائية، وتسعى إلى تناولها عبر دراسة علمية، ما اقتضى اختيار منهج يدرس الأعمال الكتابية دراسة تقوم على التحليل والشرح والتفسير، مع انفتاح على المناهج النقدية الأخرى، وتركيز على فهم المعنى، والرسالة التي يحملها النص الأدبي."
قسمت الباحثة دراستها إلى عدة فصول، تسبقها مقدمة منهجية، وتمهيد يشرح مفهوم التراث، ومصادره، وتجلياته، وبواعث توظيفه، ومفهوم التوظيف نفسه وآلياته، ثم نبذة عن الروائي. ويتناول الفصل الأول توظيف التراث التاريخي في رواية "بيت السناري"، فيما يتناول الثاني توظيف التراث الديني في رواية "جبل الطير"، أما الثالث فيتعرض لتوظيف التراث الأسطوري في رواية "شجرة العابد".
ومن أبرز النتائج التي توصلت إليها الباحثة أن التراث معين غني يغترف منه المبدعون في المواضع التي يُحسن فيها استعماله، وأن هناك قضايا متعددة انشغلت بها الرواية العربية واختلفت في مسار تناولها، وأصبحت تهتم بنقل الصراعات والتناقضات الحاصلة داخل المجتمع العربي نفسه.
وفي هذا الشأن قالت الباحثة إن عمار علي حسن تمكن من توظيف التراث في أعماله محل الدراسة عبر الرجوع إلى مصادر مختلفة ومرجعيات ثقافية متنوعة كالمرجعية الدينية، والتاريخية، والأسطورية، والمرجعية المصرية القديمة، وتابعت: "الراوي مزج بين التاريخ والوهم، الحقيقة والخيال، وقد تلمسنا هذا في أعمال بطولية لشخصيات خيالية."
ومضت الباحثة: "من خلال الروايات الثلاث محل الدراسة يمكن القول إن مؤلفها أسهم في التعبير عن آرائه ومشكلات مجتمعه، بشكل فني واضح، من خلال توظيفه التراث في كتاباته." ثم دعت إلى دراسة بعض روايات الكاتب من منظورين صوفي أو رمزي.
وتُعد هذه الأطروحة واحدة من عشرين رسالة جامعية، بين ماجستير ودكتوراه، أُعدت وسُجلت حول روايات عمار علي حسن وقصصه، داخل مصر وخارجها، سواء في دول عربية أو تركيا وإيران.
ومن بين هذه الرسائل اثنتان في الأدب المقارن، تتناولان موضوعي التهميش والحداثة بين روايات عمار علي حسن وروايات اثنين حاصلين على جائزة نوبل في الآداب هما التركي أورهان باموق، والبيروفي فارجاس يوسا. وهناك رسالة باللغة الإنجليزية عن معجم روايات عمار علي حسن. كما كتب أكاديميون كُثُر دراسات ترقياتهم إلى درجات جامعية أعلى حول الأعمال الأدبية للكاتب، فيما اهتم بها جيل جديد، حيث كانت محور أبحاث تخرج لدى بعض دارسي الأدب العربي.
وعمار علي حسن هو أديب ومفكر، تخرج في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ـ جامعة القاهرة، ويحمل الدكتوراه في العلوم السياسية، وله أكثر من ستين كتابًا، نصفها أعمال أدبية عبارة عن روايات ومجموعات قصصية ودواوين شعر ومسرحية ومجموعة قصص للأطفال، ودراسات في النقد الأدبي والثقافي والتصوف والحركات السياسية الإسلامية والاجتماع السياسي والتعليم.
