إعلان

15 عامًا على رحيل "متى المسكين".. الأب الروحي لدير الأنبا مقار وصاحب الخلافات الشهيرة مع البابا شنودة

03:47 ص الأربعاء 09 يونيو 2021

الأب متى المسكين

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

حلت يوم الثلاثاء، الذكرى الخامسة عشر لوفاة الأب متى المسكين، الأب الروحي لدير أبو مقار بوادي النطرون، أحد أشهر رهبان الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في القرن العشرين، والذي أعاد للكنيسة القبطية مدرسة الدراسات الآبائية، وصاحب الخلافات الشهيرة مع البابا الراحل شنودة الثالث.

وُلد باسم يوسف اسكندر عام 1919 بمدينة بنها بمحافظة القليوبية، وكان من عائلة غنية، تخرج في كلية الصيدلة عام 1943، واشتغل في المهنة حتى سنة 1948 حيث كان يمتلك صيدلية في دمنهور، ولكن في عام 1948 قرر الدخول للرهبنة وتوجَّه إلى الرهبنة بدير الأنبا صموئيل العامر بجبل القلمون. واختار هذا الدير لأنه كان أفقر دير وأبعد دير عن العمران وأكثرهم عزلة.

وفي عام 1950 ترك الدير وتوجّه إلى وادي الريان للتوحد، وانضم إليه 7 رهبان آخرين في عام 1960، وزاد العدد إلى 12 راهبًا في عام 1964.

سرعان ما هزلت صحته بسبب فقر الدير الشديد، ولكنه أُجبر على الانتقال إلى دير السريان ـ وادي النطرون (سنة 1951). ورُسم قسا على يد الأنبا ثاؤفيلس رئيس دير السريان عام 1951، باسم القس متى المسكين على اسم قديس بالكنيسة يعود للقرن الثامن الميلادي، قبل أن يقرر أن يكون راهبا متوحدا في مغارة تبعد عن الدير 40 دقيقة مشيًا على الأقدام.

وفي في 1954 اختاره بابا الإسكندرية الأنبا يوساب الثاني وكيلاً له في مدينة الإسكندرية بعد أن رفع درجته الكهنوتية إلى "قمص"، حيث مكث حوالي سنة وشهرين، إلا أنه في أوائل عام 1955 آثر العودة إلى مغارته بالدير ليكمل حياته الرهبانية في الوحدة والسكون، وعاد بالفعل إلى دير السريان بعد إعفاءه من البابا يوساب ليعود إلى مغارة في وادي النطرون، ومنها إلى دير الأنبا صموئيل مرة أخرى، حيث ظل به هناك 3 سنوات.

رشح القمص متى المسكين في عام 1957 للكرسي البابوي، قبل أن يستبعد بسبب عدم انطباق شروط الترشح عليه الصادرة في لائحة 1957 لاختيار البابا، ليتجه القمص متى المسكين بعد ذلك بعام ويُنشئ بيتًا للمكرسين من الشباب المتبتل الذين يرغبون في الخدمة دون الرهبنة، وكان مقره المؤقت في حدائق القبة.

انتقل في أوائل عام 1959 إلى حلوان، وأقام فيها هو و12 راهبًا من دير الأنبا صموئيل، ثم قام البابا كيرلس السادس في 1960 بعزله من الرهبنة والكهنوت، ليتوجه القمص متى المسكين إلى صحراء وادي الريان هو ومن معه من الرهبان وحفروا كهوفًا عاشوا بها لمدة تسع سنوات، وكان بعض المعارف يرسلون لهم طعامًا كل شهرين على قوافل جِمال. وفي هذه الفترة ألّف كتبًا كثيرة.. فيما أعلن الأنبا ثاؤفيلس أسقف دير السريان في جريدة الأهرام تجريد هؤلاء الرهبان من رتبهم وأسمائهم الرهبانية.

وعام 1969 أرسل البابا كيرلس السادس، يطلب لقاءه لإجراء مصالحة وإعادته للرهبنة، هو معه جماعته الرهبانية التي تضم 12 راهبًا، حيث دعاه للانتقال إلى دير الأنبا مقار الذي كان يشرف عليه في ذلك الوقت الأنبا ميخائيل مطران أسيوط، والذي عاونه الراهب متى المسكين في مسئولية إعادة إعمار الدير وإعادة تخطيطه، وإدارة شؤون الدير والرهبان والعمال والزراعة والإنتاج الحيواني.

في عام 1971 رُشح القمص متى المسكين ضمن 9 رهبان آخرين للكرسي البابوي، ولكن لم يتم ذلك أيضا، وتم انتخاب البابا شنودة الثالث، وكان قبل رسامته بطريركًا، صديقا وتلميذًا للقمص متى المسكين قبل أن يختلفا عام 1956، وتتطور لخلافات عقائدية عام 1960. وأثناء سنوات الخلاف بين البابا شنودة والرئيس أنور السادات، التقى السادات بالقمص متى المسكين مما فجّر الخلاف بين البابا والقمص متى، بالإضافة إلى الخلاف اللاهوتى فى وجهات النظر والقناعات والعقائد الكنسية وصلت إلى حد اتهام القمص متى المسكين ومدرسته بإفساد العقيدة فقد كان القمص متى يؤمن بضرورة إبعاد الكنيسة عن السياسة وهو ما عبر عنه في كتابه الكنيسة والدولة الصادر عام 1963.

فى سنوات خدمة البابا شنودة، كان الدير بعيدًا عن الكنيسة الرسمية ويخضع للقمص متى المسكين وتوجهاته وأفكاره الإصلاحية، حتى إنهم لم يرتدوا "القلنسوة الرهبانية" (غطاء رأس) التى كان يرتديها الرهبان فى كافة الأديرة.

ورغم أن القمص متى المسكين له العديد من الكتب والعظات والمقالات الدينية، إلا أن الكنيسة ترى أن بعضها يحتوي على أخطاء عقائدية تختلف في درجتها، ووصف بعضها الأنبا بيشوي مطران كفر الشيخ والبراري، بـ"الهرطقة"، وقام البابا شنودة الراحل بالرد على بعض تلك الكتب، في مؤلفات مثل مجموعة "اللاهوت المقارَن"، وكتاب "بدع حديثة" وهما للبابا شنودة الثالث.

بعد وفاة القمص متى المسكين حدثت خلافات داخل الدير بين المجموعة القديمة التى تتمسك بصرامة الرهبنة (تلاميذ متى المسكين)، ومجموعة حديثة موالية للبابا شنودة – تمت رسامتهم على أيديه- وأدى هذا الانقسام إلى تخلى الأنبا ميخائيل عن رئاسة الدير وأصبح الدير تابعا للبابا شنودة مباشرة، وظلت هذه الخلافات مستمرة حتى حادثة مقتل الأنبا ابيفانيوس أسقف ورئيس الدير داخل ديره عام 2018.

وأمام مؤتمر في دير كاثوليكي بإيطاليا تحدث الأنبا ابيفانيوس عام 2016 عن أستاذه القمص متى وقال إنه من الصعب على غير الدارسين لتاريخ الكنيسة القبطية فى العصر الحديث أن يُدركوا مدى الأثر الذى تركه الأب متى المسكين في نظرة الأقباط للكنائس الأخرى، أو مدى تأثير الأب متى المسكين على الحياة الرهبانية، وحقل الدراسات الآبائية والإنجيلية في مصر.

واعتبر الأنبا أبيفانيوس أن كتابات الأب متى المسكين أحدثت تغييراً ملحوظاً في مجال التعليم في الكنيسة القبطية مرجعا السبب الحقيقي وراء هذا التغيير، إلى أن الأب متى المسكين لم يتتلمذ على اللاهوت القبطي المعاصر أو المستحدث الذى كان منتشراً في ذلك الوقت؛ إذ أنه بتدبير إلهي، حصل على مجموعة كاملة لأقوال الآباء مُترجمة إلى اللغة الإنجليزيـة، فقرأها بنهم. فانطبع فكر الآباء على تفكيره، واصطبغت حياته بسيرْ قديسي الكنيسة. فخرجت كتاباته لها طعم كتابات آباء الكنيسة.​

فيديو قد يعجبك: