إعلان

"نفسي أستر بناتي قبل ما أموت".. قصة "أسامة" صاحب حقيبة الحلوى على "فيسبوك"

02:42 م الأربعاء 02 أكتوبر 2019

حقيبة الحلوى

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- محمد نصار:

"أنا فاقد نعمة السمع، أي قطعة بـ2 جنيه، عفوًا أنا لا أتسول، ولكن لا أجد عملًا آخر لعدم سمعي"، كلمات على لافتة صغيرة مثبتة بنهاية حقيبة سفر بها مجموعة من الحلوى والبسكويت، ومن خلفها رجل أربعيني أخذ منه الزمن ما أخذ، انتشرت بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي مع دعوات للتعاطف والمساعدة.

من بعيد وإن كنت لا تعرف المكان يلفت انتباهك على مرمى البصر تجمع عدد من المواطنين على شيء ما يذهبون ليأتي غيرهم، المكان لا يخلو من الناس على مدار الساعة، والسؤال.. ماذا يوجد هنا؟ وعلى أي شيء يتجمع هؤلاء الناس؟ تقترب لتخترق ببصرك صفوفهم غير المنظمة لتجد أسامة عبدالجواد ماكثًا في مكانه.

على ناصية جانبية من شارع شهاب بمنطقة المهندسين، يجلس أسامة، رجل في منتصف العقد الخامس من عمره، واضعًا أمامه حقيبة سفر مثبتة على كرسي خشبي وتحمل بداخلها بضاعة يقتات منها ليعود في نهاية اليوم بما يسد احتياجات أسرته، يقف هناك من وقت الظهيرة حتى الساعة السابعة مساء.

حمله خوفه على مشاعر بناته في البداية إلى رفض الحديث، لكن بعد عدة محاولات، وافق على الحديث، وكانت المشكلة في طريقة التعامل معه، فقد ابتلاه الله بمنعه عن السمع والكلام، لكنه عوض عن ذلك قدرته على القراءة والكتابة، فكانت الوسيلة الوحيدة ليروي قصته ورحلة حياته مع رزق الشارع التي بدأها منذ سنوات عدة.

60931715-f1d5-4dd6-8ddd-2e7d2110228a

كان حبه الشديد لأسرته وخوفه عليها سببًا في الوضع الذي يعانيه الآن صاحب هذه اللافتة: "أنا كنت كويس قبل كده، كنت بتكلم وبسمع كويس، أنا مش مولود كده، بس أنا اتعرضت لأزمة حياتية شديدة أفقدتني القدرة على السمع والكلام، نتيجة لأزمة عائلية حادة".

بادرته بالسؤال عن تفاصيل هذه الأزمة لكن بكاءه ودموعه التي بدأت في الانهمار من عينيه أحدثت حالة صمت وقطعت سريان السؤال، وانقضت دقائق حتى عاود الكتابة بعد أن التقط أنفاسه: "مش قادر أتكلم عن التفاصيل، وأرجوك بلاش نتكلم في الموضوع ده، بلاش تفكرني بيه".

رحلة يومية تستغرق قرابة الساعتين يقطعها أسامة من منزله في أحد أحياء المنطقة الجنوبية للعاصمة، إلى شارع شهاب في المهندسين، حاملًا معه مصدر رزقه ليعود في النهاية بالأموال لبناته ليستكملين مسيرة تعليمهن: "دينا في ثانوية عامة ومتفوقة في دراستها، وهدير 2 إعدادي بس مش حابة التعليم، أنا دلوقتي مفيش غيرهم يهموني ولا ليا غيرهم في الدنيا".

وعن عدم التحاقه بوظيفة تكفل له حياة كريمة حتى بلوغ هذه السن المتقدمة يقول: "جربت اشتغل كتير قبل كده بس الشغل اللي موجود بيكون عامل نظافة أو أي شغلانة تانية، المشكلة في حالتي وطريقة التعامل معايا اللي ضيعت مني وظائف كتيرة، كمان المرتب ضعيف جدًا لا يكفي لحياة فرد واحد فقط، ما بالك بأسرة وبها 2 في مراحل تعليم مختلفة، إلى جانب إيجار شقة قانون جديد".

ورغم كونه بائعًا متجولًا وتحارب أجهزة المحافظة هذه الظاهرة وانتشارها إلا أنه لا يتعرض له أي من موظفي الحي نظرًا لحالته: "بيعدوا عليا كتير بس محدش منهم بيقرب مني هما شايفين ظروفي، بحاول أكسب رزقي بالحلال، وكل همي وأمل في الدنيا أستر بناتي قبل ما أموت".​

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان