الانسحاب "كلام شعبوي".. هل تنجح مصر في الخروج من عباءة صندوق النقد؟.. خبراء يوضحون
كتبت- أمنية عاصم:
صندوق النقد الدولي
يرى خبراء الاقتصاد الذين تحدث إليهم "مصراوي" أن إنهاء مصر علاقتها مع صندوق النقد الدولي يعد أمرًا مستبعدًا حاليًا لحين انتهاء البرنامج الحالي في سبتمبر 2026، ولكن قد لا تسعى الحكومة إلى نحو فتح برامج قروض جديدة مع تبنيها برنامجا خاصا بها بعد الانتهاء من القرض القائم.
كان الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء قال خلال لقاء مع رؤساء التحرير الأسبوع الماضي إن مصر لن تلجأ إلى برنامج جديد من صندوق النقد الدولي.
يدعم صندوق النقد برنامج الإصلاح الاقتصادي لمصر بقرض بقيمة 8 مليارات دولار حصلت منها على نحو 3.2 مليار دولار.
في حال اعتماد الصندوق المراجعة الخامسة المرحلة مع السادسة الشهر المقبل سيتيح لمصر تسلم دفعتين جديدتين بإجمالي 2.4 مليار دولار من القرض وفق المتفق عليه في البرنامج.
طالب الصندوق مصر تنفيذ بعض الإصلاحات الاقتصادية الهامة لضمان الموافقة على المراجعة الخامسة والسادسة منها تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية وخفض الدعم على البنزين والسولار.
الانسحاب غير دقيق
قال وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، إن الحديث عن إنهاء التعامل مع صندوق النقد الدولي بعد استكمال البرنامج الحالي يعد أمرًا غير دقيق، واصفًا ذلك بـ"الكلام الشعبوي".
وأوضح أن لمصر حصة ثابتة داخل الصندوق، تحصل مقابلها على تقارير دورية استشارية، كما أن انتهاء التعامل مع الصندوق لا يتم إلا مع سداد كافة القروض التي حصلت عليها الدولة.
وأضاف النحاس أن السداد الكامل لتلك القروض سيكون في عام 2048 أو 2049، وبالتالي ستظل علاقة مصر بالصندوق قائمة حتى سداد آخر دولار.
وأشار إلى أن التصريحات الحكومية الأخيرة تعني أن الدولة تسعى إلى عدم الدخول في برنامج قروض جديد بعد استكمال البرنامج الحالي، وليس إنهاء علاقتها مع صندوق النقد الدولي.
ويرى النحاس أن أي انسحاب مفاجئ لرؤوس الأموال الساخنة، في حال استمرار الخطاب الإعلامي حول خروج مصر من عباءة الصندوق، سيكون نتيجة لتقارير دورية غير مشجعة قد يصدرها الصندوق، ما ينعكس سلبًا على ثقة المستثمرين.
الانسحاب ليس الحل
وشدد النحاس على أن الحل ليس في الانسحاب الاقتصادي من البرنامج الحالي – كما يروج في بعض وسائل الإعلام – لأن ذلك سينعكس سلبًا على أداء الاقتصاد، وإنما في "العبور الاقتصادي" الذي يتضمن تسريع تراخيص تأسيس الشركات والمصانع الجديدة، وحل إشكالية وثيقة ملكية الدولة بما يخلق سوقًا تنافسيًا يعيد ضخ السيولة النقدية والإنتاجية في الاقتصاد.
وأوضح أن التخارج الكامل للدولة من الاقتصاد ليس حلًا، لأنه سيترك القطاع الخاص مهيمنًا على السوق المحلي، لافتًا إلى أن الحل يكمن في تحقيق التوازن بين القطاعين العام والخاص ومنح الامتيازات ذاتها لكليهما.
ودعا النحاس إلى الحذر عند الحديث عن طرح شركات مملوكة لمؤسسات سيادية، مؤكدًا أن أي خطوات في هذا الصدد يجب أن تكون محسوبة للحفاظ على سيادة ومصلحة الدولة، مشددًا على أن الطروحات لا يجب أن تتحول إلى "مسمار في نعش الدولة".
بحسب تقرير لوزارة المالية صادر قبل شهرين، فإنه من المقرر طرح 11 شركة في البورصة المصرية خلال العام المالي الحالي لجذب بين 5 و6 مليارات دولار من ضمنها 5 شركات تابعة لجهاز مشروعات الخدمة الوطنية، هي وطنية لتشغيل محطات الوقود، وصافي للمياه المعبأة، وسيلو فودز للصناعات الغذائية وتشيل أوت لتوزيع الوقود.
وأوضح النحاس، أن طرح نسب جزئية من الشركات الحكومية قد يتسبب في أزمات مستقبلية داخل الجمعيات العمومية لهذه الشركات، ما قد يفتح الباب أمام خلافات أو تجاوزات بحق ممثلي الدولة، وهو ما يجعل التخارج الكامل أو عدم البيع من الأساس الخيار الأكثر أمانًا.
وأكد على أن الإصلاح الاقتصادي يحتاج إلى رؤية واضحة وسياسات تنفيذية عملية تواكب الواقع، بعيدًا عن الشعارات الرنانة أو الخطاب الإعلامي المضلل، داعيًا الحكومة وصناع القرار إلى التركيز على الإجراءات التي تخلق سيولة حقيقية في السوق، وتوفر فرص عمل، وتدعم القطاع الخاص دون الإضرار بالكيان الوطني.
إتمام البرنامج القائم لا مفر منه
واتفقت سهر الدماطي، نائبة رئيس بنك مصر الأسبق، مع النحاس حول أن "مصر ستظل مستمرة في التعاقدات الحالية حتى استكمال البرنامج الجاري، وبعدها يمكن النظر في إمكانية الدخول في برامج جديدة من عدمه".
وأشارت إلى أن الصندوق لعب دورًا محوريًا خلال الفترة الصعبة في عامي 2023 و2024، حيث أن التصنيف الائتماني لمصر انخفض حينذاك، إذ ساعد على توفير شهادات ثقة دولية مكنت مصر من جذب الاستثمارات الأجنبية.
وأكدت أن الاقتصاد المصري شهد تحسنًا كبيرًا مؤخرًا، خاصة بعد تطبيق نظام مرن لسعر الصرف، إلا أنه مازال هناك مجموعة من الشروط يضعها الصندوق المرتبطة بتحرير أسعار المواد البترولية، وتقليص الدعم، وزيادة دور القطاع الخاص في الاقتصاد، وهذه متطلبات لا تزال قائمة.
ولفتت الدماطي إلى أنه فيما يتعلق بالموازنة النفطية نجد هناك تحركات تصل لـ 35% تقليل للدعم- ضمن خطة تحرير أسعار الوقود-، في وقت تسعى فيه الحكومة للسيطرة على معدلات التضخم وخفض أسعار الفائدة لتشجيع الاستثمار.
واعتبرت أن الحديث عن إنهاء التعامل مع الصندوق "ليس مطروحًا في الوقت الراهن"، مضيفة أننا بعد انتهاء البرنامج الحالي يمكن مناقشة ما إذا كانت مصر ستحتاج إلى برامج جديدة أو لا، وهذا يتوقف على وضع الاقتصاد الكلي والسياسات المالية والنقدية والأوضاع الجيوسياسية خلال المرحلة المقبلة.
اقرأ أيضًا:
شريف سامي: خفض الفائدة الأمريكية يقلل تكلفة طرح السندات المصرية بالأسواق الدولية
أدوات الدين تستحوذ على 93%.. قفزة تاريخية في تداولات البورصة المصرية لماذا؟
شعبة الدواء: رفع مذكرة لرئيس الوزراء بعد تجاهل هيئة الدواء مطالب الشركات