صوت قرآن الفجر بالمسجد يتسبب في أزمة.. الأوقاف تحسم وعلماء يعلقون
كتب : علي شبل
وزارة الأوقاف
أثارت واقعة في منطقة أبو النمرس بمحافظة الجيزة حالة من الجدل بعد تداول مقطع فيديو يظهر مشادة كلامية بين أحد السكان وعامل في مسجد بسبب ارتفاع صوت القرآن الكريم قبل أذان الفجر.
ووفقًا لفيديو تم تداوله على نطاق واسع، فقد ظهر رجل وهو يعترض على شدة صوت قرآن الفجر المذاع بأحد المساجد، قائلاً: "مش عارفين ننام من الإزعاج... في ناس كبيرة ومريضة!".
وأضاف في مقطع الفيديو:"إحنا مش مشغلين دي جي! الميكروفون ده للآذان، ومينفعش أشتكي كل يوم. حرام نزعج الناس كده، حتى لو قرآن."
وخرج أحمد عبد المجيد (42 عامًا)، صاحب الواقعة، مصرحا بأن أسرته تعاني من الإزعاج المستمر منذ قرابة عام، مشيرا إلى أن طفله الصغير يستيقظ مفزوعا كل صباح من جراء الصوت العالي، ووالدته المسنّة تأثرت حالتها الصحية أيضًا نتيجة اضطرابات النوم المتكررة، موضحًا أنه تقدم بشكاوى متكررة إلى الجهات المعنية دون استجابة، في ظل ما وصفه بـ"اللامبالاة" من بعض العاملين في المسجد، وغالبيتهم من كبار السن.
ويقع مسجد الخليل - صاحب الواقعة - في شارع الصياد بأبو النمرس، وهي منطقة يشكو سكانها، وفق عبد المجيد، من استخدام مكبرات خارجية كبيرة وسماعات داخلية قوية منذ نحو عامَين، رغم أن أنظمة الإذاعة في المساجد تقتصر على الأذان والخطبة، ولا تشمل إذاعة التلاوات لساعات طويلة قبل الصلاة.
أول رد من الأوقاف
وفي أول رد فعل لها، خرجت وزارة الأوقاف ببيان شمل عدة نقاط منها:
. تجديد تعميم المنشور الصادر بخصوص استخدام مكبرات الصوت الخارجية، وقصر استخدامها على مواعيد الأذان وخطبة الجمعة والعيدين، مع الاكتفاء بمكبر خارجي واحد ما دام كافيًا لهذه الغاية؛ إلى جانب تجديد التعميم بشأن ضوابط استخدام المكبرات الداخلية التي يلزم فيها مراعاة مساحة المصلى وعدد الجمهور.
. تجديد التنبيه على ضوابط فتح تجهيزات الصوت واستخدامها، من جانب العمال والمؤذنين والأئمة.
. التجهيزات الصوتية إنما جُعِلَت لتيسير العبادة وتحبيب الناس فيها، لا لتعسيرها وتنفير الناس منها، ناصحة جميع المواطنين بالنأي بالمسجد عن أي خلاف، فإذا وقع خلاف وجب التعامل معه بما يليق بمكانة المسجد في نفوس روّاده بوصفه بيت الله وموضع السكينة، وذلك بالنصح الهادئ الفردي الجميل.
. إذا ارتأى المواطن تصعيد الشكوى لجأ إلى مساره التدريجي المنضبط، بعرض الأمر أولاً على إمام المسجد، ثم على مدير الإدارة، ثم على مدير المديرية؛ والحق مكفول على الدوام للمواطن في اللجوء إلى منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة عبر قنواتها المعروفة.
مظهر شاهين يعلق
في سياق الأزمة، علق الدكتور مظهر شاهين، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، مشددًا على أن الأصل في قراءة القرآن الكريم أن تكون سببًا للسكينة والخشوع، لا مصدر إزعاج أو نفور، وقد قرر الفقهاء أن درء الأذى مُقدَّم، وأن إيذاء الناس – ولو بعملٍ صالح في أصله – غير مقبول شرعًا.
وأوضح، في بيان نشره، أن تشغيل القرآن الكريم بمكبرات الصوت في الأوقات المتأخرة من الليل، وخاصة قبل أذان الفجر، قد يترتب عليه إزعاج المرضى، وكبار السن، والطلاب، وأصحاب الأعذار، وهو ما يتعارض مع مقاصد الشريعة القائمة على اليسر ورفع الحرج.
وأشار إلى أن الالتزام بأن تكون مكبرات الصوت الخارجية مخصصة للأذان فقط هو تنظيمٌ محمود، لا ينتقص من قدر القرآن، بل يحفظ له هيبته، ويحقق التوازن بين حق العبادة وحق الناس في الراحة والسكينة.
ووجه رسالة لمن يطالبون بعدم رفع الصوت، قائلًا: "نقول لهم إن المسلمين متفقون معكم على رفض الإزعاج، مع التأكيد في الوقت ذاته على أن القرآن الكريم سيظل حاضرًا في القلوب والبيوت والمساجد، تعظيمًا وتلاوةً وتدبرًا".
كما وجه رسالة إلى من يتحفظون على هذا التنظيم، قائلًا: "نقول لهم إن خفض الصوت ليس انتقاصًا من القرآن، بل هو من فقه التعامل معه، ومن حسن الدعوة إليه، فكم من حقٍّ أُريد به خير، ولكن أسيء تطبيقه".
وأكد أن تنظيم استخدام مكبرات الصوت، وقصرها على الأذان، خاصة في أوقات السكون قبل الفجر، هو قرار يحقق المصلحة العامة، ويحفظ قدسية الشعيرة، ويؤكد سماحة الإسلام ورحمته بالناس جميعًا.
عطية لاشين يوضح المقصود بـ"قرآن الفجر"
وكان الدكتور عطية لاشين، أستاذ الفقه وعضو لجنة الفتوى بالأزهر، تلقى في سياق الأزمة، سؤالا من شخص يقول في رسالته: حدث خلاف في فجر اليوم بين أحد رواد المسجد وبين عامل المسجد بسبب تشغيل قرآن الفجر قبيل الصلاه فما حكم الدين في ذلك؟!
وفي رده، أوضح العالم الأزهري أن قرآن الفجر الوارد في قول الله تعالى: (وأقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا)، هو القرآن الذي يتلوه الإمام بعد قراءة الفاتحة وهو يؤم الناس في صلاة الفجر وليس الذي يكون كما يقال من شعائر صلاة الفجر والذي يتلى بين الوقت ثم يعقبه التواشيح الدينيه ثم ينطلق نداء الرحمن معلنا دخول وقت صلاة الفجر.
وأضاف عضو لجنة الفتوى بالأزهر، في فتواه عبر صفحته الرسمية على فيسبوك: ورغم ذلك فإنه لا يجيز لأخينا أن يحدث معركة، والمعركة تقودنا إلى فتن في بيت الرحمن الذي هو رمز للهدوء والسكينة والوقار والسلام والأمن والطمانينة.
وختم العالم الأزهري متسائلا: ولماذا لم نجعل شعائر صلاة الفجر تعاونا مع الناس على البر والتقوى واستنهاضا للناس للاستيقاظ لاداء أهم واعظم وأفضل صلاة؟؟.. ولماذا لا يكون التقييم الإيجابي دون ان يكون مصحوبا بانتفاخ أوداج وعلو صوت واحمرار وجه وتوتر أعصاب خاصه أنكم أبناء مكان واحد وكلكم جاء ليرضي الرحمن.. هدى الله الأمة لأقوم سبيل وأرشد طريق.
اقرأ أيضاً:
آخر الأشهر الحُرم.. تعرف على 18 اسماً لشهر رجب لم تسمع بها من قبل