إعلان

في ذكرى استعادة صلاح الدين للقدس.. الطريق بدأ من مصر

04:56 م الأربعاء 03 أبريل 2019

القدس

كتب – هاني ضوه :

دائمًا ما تأتي ليلة الإسراء والمعراج بالهدايا على مر التاريخ، فيوم السابع والعشرين من شهر رجب يوافق ذكرى استعادة القدس من الصليبيين على يد السلطان صلاح الدين الأيوبي سنة 583 هـ، بعد 91 سنة من سيطرة الغزاة عليها.

وكانت بداية الطريق إلى القدس من مصر، حيث حرص نور الدين محمود على ضم مصر إلى حكمه وبالفعل تم له ذلك على يد قائد جيوشه أسد الدين شيركوه وابن أخيه صلاح الدين الأيوبي سنة 564هـ/1229م، واستقبله أهل القاهرة استقبالا حماسيا حارا.

كانت تلك الخطوة مهمة جدًا للقضاء على الدولة الفاطمية التي كان بعض ولاتها يتحالفون مع الغزاة للحفاظ على ملكهم، لذلك قام شيركوه وصلاح الدين الأيوبي بإعدام الوزير الغادر شاور السعدي بعد دخولهما لمصر، الذي طالما لعب على الجانبين، مرة يستغيث بنور الدين محمود ومرة يتحالف مع الأعداء ضده.

تولى صلاح الدين الأيوبي الوزارة في مصر، ونجح في توحيد صف قوي من المسلمين في مواجهة الغزاة بدلا من التشتت الذي كان الشائع في وقته – فاستطاع أن يجمع مصر وسوريا واليمن والحجاز وتهامة والعراق في دولة واحدة يتحرك فيها ويساند بعضها بعضا – مما سهل عليه كثيرا تحركاته أمام أعدائه ومهاجمة قلاعهم ومدنهم الواحدة تلو الأخرى.

كان كل ذلك تمهيدًا مهمًا لمعركة حطين، وهي المعركة الحاسمة والتي قضت على الكثير من قادتهم، ففي بداية المعركة كان النصر قريبًا من جيش الغزاة، إلا أنه في النهاية انقلبت الكفة تماما لجيش المسلمين بقيادة صلاح الدين، فتشتت جيش الغزاة ووقع أغلب حكامه في الأسر وعلى رأسهم ملك القدس نفسه "غي آل لوزينيان" وأخيه وأرناط آل شاتيون حاكم "الكرك" الذي طال أذاه المسلمين على مدار سنوات.

وبعد انتصار المسلمين بقيادة صلاح الدين الأيوبي في معركة حطين يوم 25 ربيع الآخر سنة 583 هـ، أصبح الطريق أكثر تمهيدًا نحو مدينة القدس الشريف، وكانت المدينة قد أصبحت ملجأ للأمراء الصليبيين والجنود الفارين حيث تحصنوا بها وبلغ عدد حوالي ستين ألفًا.

هنا تحرك صلاح الدين الأيوبي بجيشه نحو أسوار مدينة القدس وقام بحصارها في 15 من شهر رجب سنة 583 هـ، وكان الأمراء والجنود الصليبيون الذين تحصنوا في القدس قد قرروا أنهم لن يتركوها حتى الموت.

استمر حصار المسلمين لمدينة القدس، وقاموا بعدة محاولات لاقتحامها، بعد أن ضربوها بالمجانيق، وحميت المعارك بين وأوشكت مدينة القدس على السقوط. ولم يجد أمير الصليبيين في القدس "باليان" مفرًا إلا طلب الصلح مع صلاح الدين وتسلم مدينة القدس سلميًا، في مقابل تأمين أرواحهم وأموالهم، ولكن صلاح الدين الأيوبي أراد أن يريهم بأس المسلمين فرفض وقال: بل أفتحها عنوة كما أخذتموها عنوة، وكان رد صلاح الدين على الأمير صادمًا، مما جعله يهدد صلاح الدين بأنه إن لم يقبل الصلح سيعود ويقتل النساء والأطفال وكذلك الأسرى من المسلمين وكان عددهم حوالي 4 آلاف أسير، وأنه سيهدم المسجد الأقصى وقبة الصخرة، ثم يخرج بجيشه ليحارب صلاح الدين وجيشه حتى الموت، وهنا وافق صلاح الدين على الصلح حقنًا لدماء الأبرياء، وقبل الصلح مع اشتراط الفدية.

وفي يوم الجمعة 27 من شهر رجب سنة 58 هـ تسلم صلاح الدين مدينة القدس، ودخل جيش المسلمين إلى القدس بعد 91 عامًا ظلت فيها في يد الغزاة منذ سنة 492 هـ، ولما دخل الناصر صلاح الدين مدينة القدس حافظ على عهده لمن فيها من أهلها، وسمح لهم بالخروج بعد دفع الفدية المتفق عليها، وكان قد رتب على كل باب من أبواب المدينة أمينًا من الأمراء لجمع المال من الخارجين.

ونادى بعض المسلمين عندئذ بهدم كنيسة القيامة، حتى تنقطع الزيارة لها، لكن صلاح الدين رفض ذلك، وأمر باحترام الأماكن المسيحية المقدسة، وقال: عندما فتح أمير المؤمنين عمر بن الخطاب القدس أقرهم على هذا المكان، ولم يأمر بهدم البنيان.

فيديو قد يعجبك: