إعلان

الفقيهة والمفتية "فاطمة البغدادية" التي رأى ابن تيمية في المنام الرسول يثني عليها

07:06 م الأحد 17 فبراير 2019

فاطمة البغدادية

كتبت– سارة عبدالخالق:

لقبها العلماء بـ"سيدة نساء زمانها".. ذاعت شهرتها وصيتها في دمشق والقاهرة وتعلم على يديها الكثير من النساء.. أثنى عليها شيخها "ابن تيمية"، وكانت تصعد المنبر وأراد شيخها أن يطلب منها عدم فعل ذلك إلا أن رؤية أوقفته عن هذا المطلب.. إنها الفقيهة الواعظة والمفتية "فاطمة البغدادية".

هي الشيخة، العابدة، المدرسة، المفتية، الزاهدة، بغدادية المنشأ، الفقيهة على المذهب الحنبلي "فاطمة بنت عباس بن أبي الفتح بن محمد الحنبلية البغدادية"، كانت تُكنى بـ"أم زينب"، ولدت في بغداد في القرن السابع الهجري، هي والدة زينب البغدادية الواعظة، وتلميذة الشيخ ابن تيمية، فتعلمت الفقه على يديه وتتلمذت على يد "شمس الدين بن أبي عُمر المقدسي" ما ساهم في إتقانها الفقه إتقانا بالغا.

كان المعروف عن "فاطمة البغدادية" أنها كانت تصعد المنبر لتعظ الناس، وكان ابن تيمية من الذين يحضرون دروسها، وأراد ابن تيمية أن يطلب منها ألا تصعد المنبر، إلا أن رؤيته رسول الله - صلوات الله عليه – في المنام، وهو يثني على فاطمة البغدادية منعته عن ذلك، وكان ابن تيمية معجبا بذكائها وعلمها وخشوعها، وفقا لما جاء في (معجم أعلام النساء) لمحمد التونجي.

- فاطمة البغدادية.. وثناء شيخها

قال ابن كثير صاحب كتاب (البداية والنهاية) عنها: "أن أستاذه ابن تيمية كان كثير الثناء عليها وعلى علمها".

وقال ابن رجب الحنبلي في كتابه (الذيل على طبقات الحنابلة): "أخذت عَن: الشيخ شمس الدين بْن أَبِي عُمَر حَتَّى برعت. كانت إذا أشكل عَلَيها أمر سألت ابن تيمية عَنهُ فيفتيها، ويتعجب منها، ومن فهمها، ويبالغ في الثناء عَلَيهَا".

وتحدث ابن حجر العسقلاني أيضا في كتابه (الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة) مادحاً علمها: "كان ابن تيمية يثني عليها ويتعجب من حرصها وذكائها، وانتفع بها نساء أهل دمشق لصدقها في وعظها وقناعتها ثم تحولت إلى القاهرة فحصل بها النفع وارتفع قدرها وبعد صيتها، وكانت قد تفقهت عند المقادسة بالشيخ ابن أبي عمر وغيره وقلَّ من أنجب من النساء مثلها".

- فاطمة البغدادية.. الواعظة

وأشار صلاح الدين الصفدي في كتابه (أعيان العصر وأعوان النصر) عن وعظها قائلا: "كانت تصعد المنبر وتعظ النساء، فينيب لوعظها، ويقلع من أساء، وانتفع بوعظها جماعة من النسوة، ورقت قلوبهن للطاعة بعد القسوة، كم أذرت عبرات، وأجرت عيوناً من الحسرات كأنها أيكية على فننها، وحمامة تصدح في أعلى غصنها".

وتاب على يديها الكثير من النساء، وانصلح بها حال الكثيرات من نساء دمشق، وانتقلت إلى مصر وذاع صيتها وانتفع بها نساء القاهرة، وكانت على علم كثير ودراية جيدة بالفقه، -وفقا لما جاء في سير أعلام النبلاء للإمام الذهبي– الجزء المفقود.

وكانت واعظة تعظ النساء وتدعو إلى المعروف وتنهى عن المنكر، وكانت شجاعة في مواجهة الابتداع في الدين، وتحدث ابن كثير أيضا عن شجاعتها قائلا: " وكانت من العالمات الفاضلات، تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتقوم على الأحمدية في مؤاخاتهم النساء والمردان، وتنكر أحوالهم وأحوال أهل البدع وغيرهم، وتفعل من ذلك ما لا يقدر عليه الرجال".

وكانت تعلم النساء وتدرسهن وتحفظهن القرآن الكريم، حتى ختمت على يديها الكثير من النساء القرآن الكريم، حتى أن ابن كثير أشار في كتابه (البداية والنهاية) إلى أن أم زوجته كانت ممن حفظن القرآن على يد فاطمة البغدادية حيث قال: "وهي التي ختمت نساء كثيرات القرآن على يديها، منهن أم زوجتي عائشة بنت صديق، زوجة الشيخ المزي جمال الدين المزي، وهي التي أقرأت ابنتها زوجتي أمة الرحيم زينب، رحمهن الله، وأكرمهن برحمته وجنته، آمين".

- فاطمة البغدادية.. الفقيهة

ووصلت درجة علمها بعلم الفقه أنها كانت تحفظ أغلب كتاب المغني لابن قدامة - من مستودعات الفقه الحنبلي الذي يعد من أكبر كتب الفقه في الإسلام -، حيث ذكر ذلك ابن تيمية ونقل عنه ابن كثير قائلا: "وقد كانت تحضر مجلس الشيخ تقي الدين ابن تيمية، فاستفادت منه ذلك وغيره، وقد سمعتُ الشيخ تقي الدين يثني عليها، ويصفها بالفضيلة والعِلم، ويذكر عنها أنها كانت تستحضر كثيراً من "المغني" أو أكثره، وأنه كان يستعد لها من كثرة مسائلها، وحسن سؤالاتها، وسرعة فهمها".

- رباط البغدادية

وعندما انتقلت إلى مصر في مطلع القرن الثامن الهجري، كان هناك ما يعرف بـ"الرباط" قامت ببنائه الأميرة المملوكية "تذكارياي خاتون" بنت الملك الظاهر بيبرس في عام 684 هـ، وكان به مكان للنساء ومكان للرجال، وفي مكان النساء عادة ما تكون هناك شيخة لتعظ النساء، فعندما انتقلت فاطمة البغدادية إلى القاهرة أصبحت هي شيخة هذا الرباط، حتى أن وصلت درجة تأثيرها فيه إلى أن "أطلق عليه (رباط البغدادية) ومن بعدها أصبح عادة أن تُسمى شيخة الرباط بـ (البغدادية) عليها أيضًا"، وفقا لما ذكر في (المواعظ والاعتبار) للمقريزي .

- وفاة فاطمة البغدادية

توفيت في حي الظاهر بالقاهرة بعد أن تجاوز عمرها الثمانين عاما في يوم عرفة من عام 714 هـ.

فيديو قد يعجبك: