إعلان

توقف عن البحث عن شغفك

د. أسماء إمام

توقف عن البحث عن شغفك

07:19 م الأربعاء 27 أبريل 2022

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع


بقلم.. د. أسماء إمام
مدرس مساعد بجامعة الأزهر

قد تبدو الفكرة متناقضة- للوهلة الأولى- مع ميولنا ورغبتنا في البحث عن ما نحن شغوفين به ومحاولتنا المستميتة للعمل به أو من خلاله، خاصة مع توفر عدد من الكتب والتدريبات والدورات في هذا المجال، والتي قد لا تفيد صاحبها إذا لم يكن على دراية كاملة برغباته ومدى مهارته بها. وهنا أنا لا اقصد أبدًا التقليل من شأن هذه الاستشارات والتدريبات التي ساعدت البعض، ولكن علينا أن ندرك ونعي ماهية الشغف؛ لكي لا نفقد ما نحن عليه وقد يجانبنا التوفيق فيما نسعى إليه.
فالشغف ليس ذلك الشئ المادي الذي نبحث عنه ونضع له خطة، وإنما هو شعور، والشعور يتغير، فما نحن شغوفون به اليوم قد يتغير في اليوم التالي، والبعض منا إن لم يكن معظمنا مر بهذه الحاله وغير وجهته أكثر من مره – وهذا ليس عيبا وإنما أراه تنوع مهارات واكتساب خبرات توسع من مداركنا ونظرتنا للأمور والحياة – ومع ذلك ما زلنا نستخدمه كمعيار لنقدر به كل شئ، فلا بد من أن يكون لدينا ما نتحدث عنه في تجمعاتنا ولقاءتنا.

فكرة حتمية السعي عن الشغف خاصة عندما لا نعرفه ونكون على يقين منه، أعتقد أنها فكرة محدودة جدا، وهنا تكمن خطورتها على تصوراتنا عن الحياة والنجاح بشكل عام، حيث إن التركيز عليه فقط يجعلك تستبعد أي فرص متاحة قد تلبي شغفك بشكل ما، أو تحقق الهدف من وجودك في مكان ما، خاصة عندما يُفرض علينا بشكل أو بآخر تحديده والعمل وفقا له- كونه يشكل جزءا من هويتنا كما يُعتقد- فهو أمر مرهق للغاية، بالإضافة إلى أنه يفوت علينا فرص كثيرة في حال عدم وجود أي عمل آخر اعتقادا منا أنها ليست ما نبحث عنه وسنضل عندها، والواقع أننا لن نخسر عند اختيارها ولكن الخسران الحقيقي عند تركها، ما يدريك أننا سنسمر فيها للأبد!. فنحن لا نصنع حياتنا ثم نعيشها، نحن نصنعها بالعيش فيها.
فليست جريمة أننا لا نعرف شغفنا، فهذا ليس يعني أننا غير مثيرين للاهتمام، أعتقد أن الشغف الحقيقي هو أن نوجه انتباهنا الكامل وكل طاقتنا في أي شئ موجود أمامنا، وبغير ذلك سنفقد الكثير من الفرص التي ربما تغير حياتنا، فنحن لا نعلم تحديدا ماذا سنفعل غدا؟ فلا تنغمس في البحث عنه. ولا أجد ثمة مشكلة في ذلك، حيث ما زال هناك الكثير من العلاقات والوظائف المرضية القادرة على إبهارك.
افعل ما تود القيام به مثل تغيير مسارك المهني، أو كتابة كتاب إلخ، ولكنك لا تجلس منتظرا أن تجد شغفك. ضع تركيزك في ما لديك الآن، كن مفيدا، ساعد غيرك، تحلى بالكرم والأخلاق الحميدة، وقتها ستجد مردود ذلك؛ فالنجاح يغذي شغفنا أكثر من أن يغذي الشغف النجاح.

فقط ابدأ لكي تعيش حياة مليئة بالقيم والمعاني.

وأخيرا، لا تتبع شغفك بل شغفك هو من يتّبعك.

إعلان