إعلان

"عندما غضبت حفصة فأغضبت النبي".. قصة طلاق الرسول وابنة الفاروق

04:19 م الأحد 24 نوفمبر 2019

سورة التحريم

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت- آمال سامي:

جاء عمر إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- شاكيًا صاحبيه أبي بكر وعثمان (رضي الله عنهم)، فقد عرض عليهما تزويجهما من ابنته حفصة ولم يقبلا بها، فابتسم النبي وقال مسريًا عنه: "يتزوج حفصة من هو خير من عثمان ؛ ويتزوج عثمان من هي خير من حفصة"، ثم خطبها النبي.

إنها حفصة بنت عمر بن الخطاب، رضي الله عنها- الصوامة القوامة، والتي نزل الوحي فيها مرتين، معاتبًا، ثم مزكيًا لها، آمرًا النبي صلى الله عليه وسلم من فوق سبع سماوات أن يراجعها بعد تطليقها.

ما بين قصة الزواج، والطلاق، ثم المراجعة، الكثير من العبر.. كيف أخطأت ابنة الفاروق؟ وكيف تعامل الرسول صلى الله عليه وسلم مع هذا الخطأ؟ وكيف شفع لها صيامها وقيامها بعد أن أفشت سر رسول الله، فنزل الوحي يراجعه في تطليقها؟

بداية الطريق.. عمر يبحث عن زوج صالح

بعد وفاة خنيس بن حذافة، زوج حفصة، وهو أحد السابقين الأولين في الإسلام، كان أبوها عمر بن الخطاب رضي الله عنه يرغب في أن يزوجها أحد أصحابه الصالحين، فعرض زواجها على عثمان بن عفان رضي الله عنه، وعلى أبي بكر أيضًا، لكن كليهما رفض ذلك، وفي صحيح البخاري يروي لنا حديث ابن عمر: حدث أن عمر بن الخطاب حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوفي بالمدينة فقال عمر بن الخطاب أتيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة فقال سأنظر في أمري فلبثت ليالي ثم لقيني فقال قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا قال عمر فلقيت أبا بكر الصديق فقلت إن شئت زوجتك حفصة بنت عمر فصمت أبو بكر فلم يرجع إلي شيئا وكنت أوجد عليه مني على عثمان فلبثت ليالي ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها إياه فلقيني أبو بكر فقال لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك شيئا قال عمر قلت نعم قال أبو بكر فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت علي إلا أني كنت علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلتها.

"إفشاء السر" هو ما جعل أبو بكر يفضل أن يغضب قليلًا منه صاحبه عمر، على أن يفشي سر رسول الله، وهو ذاته ما خلق مشكلة كبرى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجته حفصة بعد ذلك، إلى الحد الذي نزل فيه وحيًا!

إفشاء السر.. ذروة الخلاف وتدخل الوحي

كانت حفصة رضي الله عنها، كغالب النساء، شديدة الغيرة على زوجها، صلى الله عليه وسلم، فحدث ذات يوم أن الرسول قد خلا بمارية القبطية في بيتها وفي يومها، فغضبت بشدة من ذلك، فحرمها رسول الله على نفسه بيمين أنه لا يقربها طلبًا بذلك رضا حفصة بنت عمر، لكنه طلب منها ألا تخبر بذلك أحدا، يروي الطبري في تفسيره لآيات سورة التحريم ذاكرًا أن هناك عدة روايات حول ذلك، لكن كل ما ذكره الطبري يتفق في نهايته أن حفصة خرجت بعد ذلك لتخبر عائشة بالبشرى: كانت حفصة وعائشة تظاهران على نساء النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فانطلقت حفصة إلى عائشة، فأسرّت إليها أن أبشري أن النبي صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم قد حرّم عليه فتاته، فلما أخبرت بسرّ النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم أظهر الله عزّ وجلّ النبيّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم، فأنـزل الله على رسوله لما تظاهرتا عليه "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ...إلى قوله: وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ".

في تلك الحادثة، طلقت حفصة، حيث غضب الرسول صلى الله عليه وسلم لإفشائها سره، يخبرنا بذلك الطبري في تفسيره لآيات سورة الطلاق، وآية: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ..."، وكانت حفصة عندما طلقت ذهبت إلى أهلها.

هذا ومن المعروف أن من حقوق الزوجين في الإسلام أن يحفظ كل منهما سر الآخر ولا يفشيه، وليس هذا خاصًا فقط بأمهات المؤمنين ونساء النبي، فيقول الإمام محمد عبده في تفسير آية "فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ": الغيب هنا هو ما يستحي من إظهاره، أي حافظات لكل ما هو خاص بأمور الزوجية الخاصة بالزوجين فلا يطلع أحد منهن على شيء مما هو خاص بالزوج.

كيف راجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة؟

كان ذلك وحيًا أيضًا، بعد أن طلق النبي حفصة، حزن عمر حزنًا شديدًا، وقال: ما يعبأ الله بعمر وابنته بعد هذا، فنزل جبريل في اليوم التالي على الرسول صلى الله عليه وسلم قائلًا: إن الله يأمرك أن تراجع حفصة.. فإنها صوامة قوامة وإنها زوجتك في الجنة.

فيديو قد يعجبك: