خوفا من كورونا.. البحوث الإسلامية يوضح الرأي الشرعي في تأجيل الحمل بسبب الوباء
كتب- محمد قادوس:
توجه شخص بسؤال إلى مجمع البحوث الإسلامية حول الرأي الشرعي في تأجيل الحمل في ظل انتشار فيروس كورونا، لما في ذلك من آثار سيئة تؤثر على الأم والجنين، فهل يجوز للمرأة تأخير الإنجاب تخوفا من هذا الأمر؟
في إجابتها، أكدت لجنة الفتوى بالمجمع أن الإسلام شرع النكاح من أجل التكاثر البشري وإبقاء للنسل تحقيقا لقوله تعالى "إني جاعل في الأرض خليفة" (البقرة 30)، وقوله صلى الله عليه وسلم "تزوجوا الولود الودود ، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة".
وأضافت لجنة الفتوى، في،بيان فتواها عبر الصفحة الرسمية للمجمع على فيسبوك، أن الأصل كرهة العزل في الجماع ومنع الحمل إلا لعذر، فمع اختلاف الفقهاء في حكم العزل بين مجيز ومانع (البدائع ج 2 ص 334، تكملة المجموع ج 16 ص 422، الروضة الندية ج 2 ص 42)، فإن الأولى تركه إلا لعذر فقد روى عن أبي سعيد الخدري أنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن العزل، فقال عليه السلام: "لا عليكم ألا تفعلوا ذاكم، فإنما هو القدر (مسلم بشرح النووي ج10 ص 9)، وقد قال الإمام أحمد: قوله صلى الله عليه وسلم "لا عليكم" أقرب إلى النهي، وقال الحسن: والله لكأن هذا زجر، وقال الإمام النووي: هو مكروه عندنا في كل حال ... لأنه طريق إلى قطع النسل ....، ثم يجمع بين الأحاديث بأن ما ورد في النهي محمول على كراهة التنزيه، وما ورد في الإذن محمول على أنه ليس بحرام، وليس معناه نفي الكراهة (شرح النووي على صحيح مسلم ج 10 ص 9 ، 10).
وفي خلاصة فتواها، أكدت لجنة الفتوى بالمجمع أنه بتطبيق ما سبق على السؤال، فنفيد بأن أهل الذكر والاختصاص في ذلك هم الأطباء، لقوله تعالى "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون"، ذلك أن الفتوى تحتاج لمعرفة الواقع، ثم تنزيل الحكم الشرعي على هذا الواقع، ومن المعلوم أن الأطباء هم من يرجع إليهم لمعرفة أن الفيروس يؤثر على الأم والجنين أم لا .
وتابع: وبالرجوع إلى أهل الطب وجدنا وجهات نظر مختلفة بما مفاده أن الضرر احتمالي ومشكوك فيه، ولم يصل إلى الظن أو اليقين، ومن ثم فإذا كان الهدف من تأخير الحمل زمن انتشار فيروس كورونا هو الخوف على المرأة، أو الجنين حين الولادة فلا مانع من ذلك شرعا بشروط ثلاثة: الأول: ألا يكون المنع بوسيلة ضارة بدنيا أو نفسيا. والثاني: أن يكون الهدف تأجيل الحمل حتى تنتهي الجائحة، وليس المنع الكلي للحمل بتعقيم الرجال، أو استئصال رحم المرأة. الثالث ألا يكون تأجيل الحمل نظرة اجتماعية عامة، بل ينظر فيه كحالات فردية لكل امرأة على حدة حسب ظروفها الصحية، وما إذا كانت تعاني من أمراض مزمنة تزيد من الخطورة عليها حال إصابتها بالفيروس، وبما يقام الأمر مع الحمل.
ويمكننا الاستدلال لما سبق بما قاله الفقهاء من أن المشقة تجلب التيسير عملا بقوله تعالى: "وما جعل عليكم في الدين من حرج"، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "لا ضرر ولا ضرار في الإسلام" (رواه مالك مرسلا، والدارقطني، ابن ماجة)، لكن مع تقدير الضرورة والحاجة بقدرها، كما يستدل على مشروعية تأجيل الحمل حالة تأكيد الضرر من الأطباء، أو حتى إخبارهم بظن الخطورة والضرر بالقياس، حيث يقاس هذا الأمر على جواز فطر المرأة وعدم الصوم في رمضان خوفا على نفسها، أو جنينها، أو رضيعها، بل هنا أولى وأعظم .
وتبقى ملاحظة في ذلك، وهي التي تتعلق بإذن الزوج، وهنا ينبغي التفرقة بين حالتين: الأولى: حالة احتمال الضرر المتوقعة دون دراسات علمية تؤيد ذلك، بل يكون التأجيل من باب الاحتياط فقط، فهنا يستلزم التأجيل موافقة الزوج، بمقتضى ما له من حقوق زوجية، والحالة الثانية: أن يؤكد الأطباء الضرر أو حتي يقولون بغالبية الظن بسبب دراسات ومشاهدات أولية تفيد ذلك، أو أن تكون المرأة من أصحاب الأمراض المزمنة المتفق على خطورة أمرها حال الإصابة بالفيروس، وبما يجعل الحمل عبئا ضافيا، فلها تأجيل الحمل دون إذنه، إذ بالموازنة بين ضررها وبين ضرره، يكون ضرها أعظم، فيراعى دون غيره.
فيديو قد يعجبك: