إعلان

من "رباط الحذاء" لـ"الذباب".. "الصادق" يروي حكايات " سعد الدين الشاذلي"

05:12 م الثلاثاء 14 أكتوبر 2014

رئيس الأركان سعد الدين الشاذلي - أسامة الصادق

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – يسرا سلامة:

لا يزال يتذكر "أسامة الصادق"، أحد أفراد سلاح المشاه في حرب أكتوبر، ذكريات مع رئيس الأركان حينها "سعد الدين الشاذلي"، والمعروف بالقوة والحسم والانضباط، والذي علم "الصادق" الكثير، امتنان يحمله الجندي وواحد من أبطال الحرب المتقاعدين، لأسطورة عسكرية طوتها عن التكريم سنوات طويلة.

في فرقة المظلات كانت المرة الأولى التي التقى فيها "الصادق" بـ"الشاذلي"، حين تسلم الأول شهادة البراءة في مدينة انشاص بالشرقية عام 1966، ثم تكرر اللقاء في موقع القنطرة شرق القناة، وبينما كان "الصادق" يتخذ موقعه في سلاح المشاة، وصلت له سيرة "الشاذلي" القائد الجديد قبل اللقاء، لا يزال يتذكر وكأنه بالأمس "كنت لسة منقول جديد من أسبوع على الجبهة قبل الحرب، كنا 120 عسكري"، وقتها قدم "الشاذلي" في مرور على الوحدات، عقب توليه منصب رئاسة الأركان، ليوجه السؤال إلى "الصادق" عن برنامج التدريب، وسؤال عن مهام الطابور الثاني والثالث بداخل الكتيبة.

لا ينسي "الصادق" عندما سأله رئيس الأركان عن اسم أحد المجندين تحت إشرافه، ليذكر له اسم خطأ "وقتها الشاذلي زعل، وحط إيده على كتفي وقالي يا أسامة الجندي اللي معاك ده هو روحك اللي هتحارب معاه، لازم تبقى عارفه وعارف اسمه"، تأكد من ذلك في وقت الحرب عندما تمت إصابته وأنقذه أحد الجنود الصغار، بحمله من خلال حقل ألغام.

"دليل الجندي".. كان ككراسة صغيرة تُصاحب "الصادق" وزملائه في درب التدريب للحرب، لكل رتبة في الجيش الدليل الخاص بها، يضع فيها "الشاذلي" النصائح للجنود منذ بداية يومهم وحتى نهايته "كانت بمثابة معلومات تكتيكية واستراتيجية من قائد الفصيلة إلى أصغر جندي"، يحكي "الصادق" أن الدليل كان يعلى من الروح المعنوية للجنود.

الاهتمام بالتفاصيل كان سمة "الشاذلي"، أراد زرعها في الجنود "كان بيهتم حتى برباط الجزمة، وأنه مهم للجندي إنه يربطه حتى لا يتسبب مثلًا في سقوطه"، وكذلك الاهتمام بالسلاح الشخصي للجندي ونظافته الدائمة، وأن يغطيه الجندي حفاظًا عليه، وفي إطار التفاصيل؛ لـ"الشاذلي" قصة معروفة مع "الذباب" يقصها "الصادق"، يحكى أنه كانت في مقرات إقامة الجنود في الصحراء مشكلة في وجود الذباب المنتشر بالموقع، نتيجة لقضاء حاجة الجنود فيها وعدم وجود دورات مياه لعدم كشفها للعدو، ليأمر "الشاذلي" شركة البلاستيك الأهلية لإنتاج آلاف من مضارب الذباب البلاستيكية، بواقع مضرب لكل جندي، لتصبح مجالًا للتندر بين الجنود، "قضينا عشرة أيام حتى قل الذباب من الجبهة"، يقول "الصادق": "فضلت لغاية ما كبرت استخدم مضرب الذباب لأنى اتعودت عليه".

ثمة مواقف حدثت في عام 1972 قبل الحرب ومرت بـ"الصادق" مع الطعام، كانت هناك كتائب تبعد مئات الكيلومترات في منطقة البحر الأحمر، وليست قريبة من أماكن المطابخ والتغذية، ليذكر أحد أفراد تلك الكتيبة أن الطعام يصل "حامض" للجبهة، ليهتم رئيس الأركان وقتها بالأزمة؛ فيأمر بأن تعد تلك الكتيبة طعامها بنفسها اعتمادًا على المأكولات البحرية والأسماك من البحر.

"كان متقد الذهن لأبعد الحد.. وضع كل خبرته العسكرية في التوجيه 41، وهو يحدد موقع الجنود ومهمتهم"، يوضح "الصادق" أن "الشاذلي" تعلم من المدرسة العسكرية الألمانية التي تهتم بالتفاصيل وراحة الجنود، وإعطاء الأولوية للعنصر خفيف الحركة للأسلحة مثل الطيران والمظلات، بما يتناسب مع إمكانيات الجيش حينها.

الاحترام المتبادل مع الضباط، وعلاقة المودة مع الجنود كانت قيمة مهمة لدى "الشاذلي" رسخها في العسكرية المصرية، يحكي "الصادق" أنه شاهد الضباط والجنود في علاقة مودة وحب، يعترفون لبعضهم بالأسرار وقت التدريب، خاصًة وسط ظروف صعبة، كما أن التشجيع والتحفيز كانت صفات تحملها زيارة "الشاذلي" للمعسكرات "كان يطلب من أحد الجنود أنه ينشن على أي هدف لاختباره، ممكن يرقيه أو يعطيه ميدالية هدية، كنوع من رفع الروح المعنوية له".

انتهت الحرب، لكن لم تنته العلاقة بين التلميذ والمعلم، عاد "الشاذلي" بعد رحلة غربة طويلة تقطعت بين البلدان، ودخل السجن فلم ينساه "الصادق"، ليكون أول اتصال بينهم في 2009، يعرفه "الصادق" بنفسه، فيشعر "الشاذلي" بالفخر قائلا "أنا بتبسط لما حد يكلمنى ويرجعنى لأيام الشباب"، لم تفلح محاولات اللقاء بينهم، حيث قال له أستاذه "فيه تحت البيت يا صادق ناس من الأمن الحربي، وأنا خايف عليك".

رغم ما مر على "الشاذلي" من أحداث جِسام، لم يشعر "الصادق" طوال فترة التواصل بينهما بمسحة من الغضب "هو عارف إنه عمل إنجاز للبلد، وإن حقه محفوظ من محبة الناس"، يذكر بطل أكتوبر-والذي ألف عدد من الكتب عن استراتيجيات حرب أكتوبر- أن "الشاذلي" تم التنكيل به من العدو لما فعله في أول 48 ساعة في حرب أكتوبر، رُفعت ضده القضايا في المحاكم الدولية بعد ما نفذه من عمليات، رغم عدم توازن الكفاءة بين الجيشين، إلا أن "الشاذلي سيظل في ذاكرة الشعب المصري الذي لا ينسى أبطاله"، على حد قول "الصادق".

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك: