إعلان

فيلم ''روك القصبة'' ... للتمرد جلال

12:40 م الخميس 04 سبتمبر 2014

فيلم روك القصبة

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-رنا الجميعي:

يجلس الجميع بالنهاية مبتسمين، مستندين بحافة النافذة، عيونهم تفضح الفضول الذي تملكهم لرؤية الممثل الأجنبي القادم من أمريكا، زوج أختهم ''صوفيا''، جاء ليقدم عزاءه في والدها باليوم الثالث بعد وفاته، وليقطع التفكير على زوجته في ترددها للانفصال عنه، فيما يظهر بجانبهم بأفيش الفيلم المغربي ''روك القصبة'' للمخرجة ''ليلى مراكشي'' الذي يعرض بسنيما ''زاوية'' لأول مرة وجه ''عمر الشريف'' رب الأسرة بالفيلم مبتسمًا.

هموم النساء سواء، وعبراتها التي تسيل لم تختلف ملوحتها من بلد لآخر، من قهر رجل لم يعن له حريتها، وظل يقمع بما فيه داوخلهم، حتى أصبح الانصياع للأوامر وطأطأة الرؤوس هو السلوك القويم، والأفعال المتمردة تظهر بعد اختفاء الرجل أو وفاته.

ثلاثة أيام انقسم إليها الفيلم، اليوم الأول كان الجنازة، الرداء الأبيض هنا للزوجة ليس الأسود، يبدأ المشهد بتوتر الزوجة ''عائشة'' وهي تُعطي الأوامر للخدام لتنظيم المكان حتى يستقبل المعزين، غير أن الكلمات تنفرط منها ويزل الوعي المسيطر عليه زوجها ''حسن'' المُتوفي، محتدة بقولها كيف يمكن ل''حسن'' أن يشاهد الترتيبات غير المجهزة تلك، لتذكرها الخادمة ''ياقوت'' بموته.

موته المفاجئ أربك الأسرة، ف''عائشة'' مازالت تعيش تحت سيطرته، والفتاتان القاطنتان معه بالقصر الكبير، مازالا لا يُدركان وفاته، ''كينزا'' المتزوجة والبالغة الأربعين عامًا لا يُمكنها أن تدخن السيجارة في وجوده، فتزيل رمادها عن صورته الممسكة بها، و''مريم'' المتزوجة أيضًا والتي تمتاز بالكسل في كل شئ حتى في ثورتها، تراها بزجاجة البيرة أثناء ترتيبات العزاء، وهوسها بعمليات التجميل، مُغيبة عن الحدث الكبير.

مع توافد المعزين، تدخل الإبنة الثالثة ''صوفيا'' مع ابنها ''نوا'' الناطق بالإنجليزية، فصوفيا تزوجت ممثل أمريكي، وتعيش هناك، تظهر الفتاة الصغيرة بمشهد المتمردة على المجتمع المغربي، متزوجة من أجنبي، وتعمل ممثلة بهوليود، ترتدي الجينز وسط العزاء، تقوم والدتها بإعطاءها أحد العباءات المُلونة لتجلس بجوار أختيها، الحديث النسائي كان الحوار بين الفتيات، والضحكات المكتومة، فيما يجلس المنشدون بالأبيض في ترتيل آيات من القرآن.

الطبقة الغنية التي جاءت منها الأسرة، لم تشفع في تربيتهن، القمع هو سلو الوالد، رغم موته فهو موجود ك''شبح لطيف'' يظهر للحفيد ''نواه''، يريه الشجرة الأولى التي قام بزراعتها، ويجلس بجواره حينما تمر جثته في صف المشعين الذاهبين لدفنه بالقصبة.

أما الخادمة ''ياقوت'' الموجودة دومًا بخلفية المشهد، فهي حكاية أخرى، تخبرك العينان الحزينتان أن لها همًا كبيرًا، تنام بجوار جثة ''حسن'' في ليلته التي يقضيها وحيدًا مع أكياس الثلج، وحينما يعبر صف المشيعين تقف على الأطراف مودعة إياه.

الحكاية بدأت منذ أعوام طوال، أحب فيها ابنها ''زكريا'' ابنة السيد الغني ''ليلى''، لكن ليلى بعد تعنت الأب لارتباطها بابنة الخادمة كما يبدو، ذهبت إلى لندن وانتحرت هناك، يظل انتحار ليلي هو الغصة التي تعلق بحلق الجميع، ناشبة بعض المشادات على طاولة الأسرة وسط المعزين، في اليوم الثاني المسمي :الدفن.

رغم وجود الرجال بالفيلم في الخلفية، والنساء هن المتصدرات للمشهد، إلا أن القضية الأساسية هنا هو القمع المسيطر عليهن من قبل رب الأسرة، والتي لا تختلف حكاياهن كثيرًا عن المجتمعات العربية بشكل عام، والمصرية بشكل خاص، هنا فتاتين قامتا بتشكيل حياتهن مثلما أراد أباهن، وثالثة انتحرت لتمردها، والرابعة انتصرت لرغبتها، وأصبحت سيرتها النقمة التي تناقشها عائلتها لإرجاعها للطريق المستقيم.

لم تكن الجدة الكبيرة غائبة عن الحدث أيضًا، فهي سيدة متمردة بطريقتها، تأكل الوجبات السريعة وتدخن، لا تنس سقاية الزرع الذي لا ينتبه إليه أحد، وتوافق ''صوفيا'' في طريقها المختلف عن البقية.

الاختلاف هنا لم يكن فقط في ''صوفيا'' التي ابتغت سبيلًا مغايرًا، ولكن اللغة أيضًا، فاللهجة المغربية جزء من اللغات المتحدث بها، بجانب الفرنسية والإنجليزية، كما كانت الموسيقى مختلفة، بين الموسيقى الشرقية والأجنبية، وترتيل القرآن.

الطبيعة المغربية أيضًا كانت جزء من المشهد، البيوت البيضاء ونوافذها الزرقاء، الأشجار المهفهفة، وصخرة القصبة المدفون بها ''حسن'' المطلة على بيوت طنجة البيضاء.

الذروة التي جاءت في اليوم الثالث المسمي بالفراق، هو لم يكن فراقًا بالمعنى الحرفي، رغم استقرار ''حسن'' على صخرة القصبة والفتيات بالقصر الكبير، إلا أن المفاجأة التي زلزلت الأسرة بعد وفاة الوالد، كان من شأنها أن تُقرب العائلة مرة أخرى، رغم الشجارات، فحسن اعترف بزكريا كابن له من ياقوت، بعد انتحار ليلى، ورغم معرفة الزوجة ''عائشة'' بالأمر، إلا أنها ظلت كربة الأسرة، في ظنها حتى لا تنهار دعائم المملكة الصغيرة لها.

تلك الفجوة التي سببها ''حسن'' كانت سببًا في قرب الأسرة مرة أخرى، واجتماعهم سويًا بالقصر، لمشاهدة فيلم قديم يصورهم معًا في تلك الأيام القديمة بعيد ميلاد ''ليلى''، يظهر ''حسن'' بالمشهد الأخير في الفيلم مرتديًا قميص أبيض، فيما يتذكر نصيحة والدته ''لا تجعل امرأة تبكي لأن الله يعد دموعها''.

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان