كيف نجحت إسرائيل في اغتيال قادة إيران؟.. نيويورك تايمز تكشف التفاصيل
كتب : مصراوي
رئيسية
القاهرة - مصراوي
تمكنت إسرائيل من اغتيال شخصيات إيرانية رئيسية خلال الحرب التي اندلعت مع طهران في 13 يونيو الماضي واستمرت 12 يومًا، مستفيدةً من اختراق أمني واسع النطاق شمل تتبع هواتف محمولة كان يحملها حراس شخصيون لقادة بارزين ومسؤولين إيرانيين، وفقا لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية.
اجتماع سري تحت الأرض
في 16 يونيو، وهو اليوم الرابع من الحرب، انعقد المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني في مخبأ يقع على عمق 100 قدم غرب طهران، حضر الاجتماع الرئيس مسعود بزشكيان، ورؤساء السلطات الثلاث، إضافة إلى كبار القادة العسكريين والأمنيين، وسط إجراءات مشددة شملت منعهم من اصطحاب هواتفهم.
لكن بعد دقائق من بدء الاجتماع، استهدفت طائرات إسرائيلية المخبأ بإلقاء ست قنابل عند مداخله، ما أدى إلى مقتل عدد من الحراس، بينما نجا المسؤولون الذين تمكنوا لاحقًا من الخروج عبر فتحة ضيقة وسط الأنقاض، وتبين لاحقًا أن إسرائيل وصلت إلى الموقع عبر تتبع هواتف الحراس الشخصيين الذين رافقوا القادة.
ثغرة قاتلة
أجهزة الاستخبارات الإيرانية اكتشفت أن الهواتف المحمولة للحراس وسائقي المسؤولين، إضافة إلى نشاطهم على وسائل التواصل الاجتماعي، لعبت دورًا محوريًا في كشف تحركات كبار المسؤولين والعلماء النوويين، ما مكن إسرائيل من استهدافهم بالصواريخ والقنابل.

يقول ساسان كريمي، نائب الرئيس الإيراني السابق للشؤون الاستراتيجية: "المسؤولون لم يحملوا هواتف، لكن الحراس فعلوا، ومن هنا جاء الاختراق".
اغتيالات منظمة
وبحسب التقرير فإنه وفقًا لمسؤولين إيرانيين وإسرائيليين، فإن إسرائيل ركزت منذ نهاية 2022 على متابعة العلماء النوويين، وشكّلت ما سمته "فريق التصفية" الذي درس ملفات 400 عالم، قبل تقليص القائمة إلى 100 ثم إلى 13 عالِمًا بارزًا قُتلوا في الغارات.
بالتوازي، أطلقت إسرائيل برنامجًا باسم "الزفاف الأحمر"، استهدف كبار القادة العسكريين، بينهم العميد أمير علي حاجي زاده، قائد القوة الجوفضائية للحرس الثوري، وفي الضربة الافتتاحية للحرب، قُتل ما لا يقل عن 30 قائدًا عسكريًا.
تجسس متبادل
طهران اعترفت بعمق التغلغل الإسرائيلي، إذ قال مصطفى هاشمي طبا، نائب الرئيس السابق: "لقد وصل التسلل إلى أعلى مستويات صنع القرار لدينا"، ونتيجة لذلك، أعدمت إيران العالم النووي روزبه فادي بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، واعتقلت عشرات العسكريين ومسؤولي المخابرات.

من جهتها، عززت إسرائيل قدراتها التكنولوجية والاستخباراتية، فيما أكد الجنرال أحمد وحيدي أن العدو يعتمد على الأقمار الصناعية والتكنولوجيا لاختراق إيران.
إجراءات أمنية مشددة
المرشد الأعلى علي خامنئي أمر بتشديد الحماية وتقييد استخدام الهواتف المحمولة بين المسؤولين، لكن الخرق استمر مع أحد الحراس الذي حمل هاتفًا إلى اجتماع مجلس الأمن القومي في يونيو، ما سمح بضربة دقيقة جديدة.
ويقع عبء الحماية على وحدة "أنصار المهدي" التابعة للحرس الثوري، التي عُيّن قائدها الجنرال محمد جواد أسدي في أغسطس الماضي، وقد حذّر أسدي قبل أسابيع من الحرب عددًا من القادة والعلماء، بينهم محمد مهدي طهرانجي، الذي قُتل مع عالم نووي آخر في الأيام الأولى من الحرب.
حرب ظل مستمرة
الهجمات الإسرائيلية لم تقتصر على العلماء، بل استهدفت أيضًا مسؤولي الدولة، بينهم الجنرال حاجي زاده الذي قُتل مع فريقه القيادي، ابنه علي رضا قال إن والده كان حذرًا بشدة في التعامل مع الهواتف، لكنه لم ينجُ من الاستهداف.
كما أعلنت وزارة الاستخبارات الإيرانية أنها أحبطت 13 مؤامرة إسرائيلية لاغتيال 35 مسؤولًا، واعتقلت 21 شخصًا اتُّهموا بالعمل لصالح الموساد.
البرنامج النووي في صلب المواجهة
إسرائيل جعلت من اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين أولوية، حتى أنها لجأت إلى تسميم اثنين منهم، وبحسب مسؤولين إسرائيليين، تحولت الجهود منذ 2021 إلى "مجموعة الأسلحة" وهي نخبة من العلماء الذين يُعتقد أنهم يعملون على تصميم جهاز تفجير نووي، ما أطلق عليه الإسرائيليون اسم "عملية نارنيا".
بحلول 16 يونيو، كانت إسرائيل قد قتلت بالفعل شخصيات بارزة، بينهم طهرانجي وفريدون عباسي، وفي نهاية الحرب، رأت طهران أن الخسائر الأمنية والعلمية جسيمة، فيما وصفت تل أبيب العمليات بأنها نجاح استراتيجي.
وترى الصحيفة أن الهجوم على اجتماع الأمن القومي في يونيو كشف ثغرات خطيرة في المنظومة الأمنية الإيرانية، أبرزها اختراق هواتف الحراس، ورغم الإجراءات المشددة اللاحقة، فإن استمرار المواجهة بين إيران وإسرائيل في "حرب الظل" يشي بأن عمليات الاختراق والاغتيال ستظل جزءًا ثابتًا من الصراع بين الطرفين.