إعلان

ترامب.. الحالم بنوبل الذي "صنع" الحرب و"السلام"

كتب : أسماء البتاكوشي

05:01 م 09/10/2025

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب

تابعنا على

منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ولايته الثانية، قدّم نفسه للعالم بوصفه "رجل السلام"، السياسي الذي استطاع ـ كما يقول ـ أن يُنهي 8 حروب في 8 أشهر، ويجنّب العالم مواجهات كبرى كانت على وشك الانفجار، ومع كل خطاب أو مؤتمر صحفي، كان الرئيس الأمريكي يذكّر العالم بأنه يستحق جائزة نوبل للسلام، حتى أنه قال في الأمم المتحدة: "الجميع يقولون إنني أستحق جائزة نوبل للسلام".
لكن في المقابل، كان ترامب يخوض حربًا من نوع آخر: حرب التعريفات الجمركية، والتهديدات الاقتصادية، والمواقف العدائية تجاه دول حليفة، ككندا، والمملكة المتحدة، بل وصل به الأمر إلى طرح فكرة ضمّ أراضٍ مثل جرينلاند إلى الولايات المتحدة.

لم يخفِ ترامب يومًا رغبته في نيل جائزة نوبل للسلام، وحرص على تكرار أنه أنهى "عدة حروب" منذ ولايته الأولى، ففي أغسطس، وخلال لقائه بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وعدد من الزعماء الأوروبيين في البيت الأبيض، قال ترامب إنه أنهى ست حروب، ليعود في اليوم التالي ويصحح الرقم إلى سبع.

وكان الرئيس الأمريكي يتحدث بثقة عن ترشيحه للجائزة منذ عام 2019، عندما قال إن رئيس الوزراء الياباني آنذاك، شينزو آبي، رشّحه بعد قمته مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون.

كما استعاد ترامب في أكثر من مناسبة ذكرى فوز سلفه باراك أوباما بجائزة نوبل عام 2009، قائلاً بسخرية: "أعطوها لأوباما، ولم يكن يعلم حتى لماذا حصل عليها".

في عام 2020، كرّر ترامب الشكوى نفسها، حين قال في تجمع انتخابي إن فوزه بجائزة نوبل كان مضمونًا "لو كان اسمه أوباما"، في إشارة إلى ما اعتبره معايير مزدوجة تمنع منحه التقدير الذي "يستحقه".
ومنذ ذلك الحين، ربط الرئيس الأمريكي طموحه بالفوز بالجائزة بجهوده في تسوية النزاعات الدولية، مؤكدًا أنه "أوقف الحروب دون إطلاق نار".

1

اتفاق غزة.. نموذج السلام الأمريكي

تمكن الرئيس الأمريكي من إبرام اتفاق سلام بين إسرائيل وحركة حماس، يُنهي الحرب الدامية التي استمرت عامين في قطاع غزة، الاتفاق، الذي تم التوصل إليه في الساعات الأخيرة بوساطة مباشرة من ترامب، ويشمل وقفًا لإطلاق النار وتبادلًا للأسرى، فبموجبه ستُفرج حماس عن جميع الأسرى الأحياء البالغ عددهم 20، مقابل إطلاق إسرائيل سراح نحو 2000 أسير فلسطيني، بينهم 250 محكومًا بالسجن المؤبد.

7 حروب في 7 أشهر

في أغسطس الماضي، أصدر البيت الأبيض قائمة بالصراعات التي قال ترامب إنه أنهىها، 6 منها في ولايته الثانية وواحد في ولايته الأولى.

أرمينيا وأذربيجان


من أبرز هذه النزاعات، اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجان في أغسطس، بعد نحو 40 عامًا من القتال حول إقليم ناجورنو كاراباخ، الإعلان عن الاتفاق تم في البيت الأبيض، حيث صافح ترامب الزعيمين الأرمني والأذربيجاني، وتم لاحقًا ترشيحه لجائزة نوبل من قِبلهما، الاتفاق الذي وُصف بأنه "إنجاز حقيقي".

تايلاند وكمبوديا

وفي جنوب شرق آسيا، نجح ترامب في التوسط بين تايلاند وكمبوديا، بعد اندلاع مواجهات دامية في يوليو الماضي، على خلفية نزاع حدودي، إذ هدد الرئيس الأمريكي بفرض تعريفات جمركية على البلدين ما لم يتوصلا إلى اتفاق، وبالفعل تم توقيعه في 7 أغسطس 2025.

وصف خبراء في تشاتام هاوس أسلوب ترامب بأنه "قائم على المعاملات التجارية"، حيث يستخدم أدوات اقتصادية للضغط نحو التسوية، دون معالجة جذور الأزمات.

2_2_11zon

رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية


في إفريقيا، استضاف ترامب وزيري خارجية رواندا والكونغو في البيت الأبيض لتوقيع اتفاق يعيد الالتزام بوقف إطلاق النار في يونيو، لكن محللين أشاروا إلى أن حركة التمرد M23 لم تشارك في الاتفاق، ما يجعل استدامته موضع شك.

إسرائيل وإيران


أما أكثر النزاعات حساسية فكان بين إسرائيل وإيران، بعد اندلاع الحرب في يونيو، أمر ترامب بضرب ثلاثة مواقع نووية إيرانية، قبل أن يعلن وقفًا متبادلًا لإطلاق النار بعد 12 يومًا، واعتبر مراقبون هذا التدخل "الوحيد" الذي استخدم فيه ترامب القوة العسكرية المباشرة، مؤكدين أنه أوقف الحرب دون حل أسبابها.


3_3_11zon

الهند وباكستان


في مايو 2025، أعلن ترامب أنه توسط في اتفاق لوقف إطلاق النار بين الهند وباكستان حول كشمير، رغم نفي نيودلهي لأي دور أمريكي مباشر.
ورأى خبراء أن هذا الادعاء "الأضعف" بين إنجازاته المعلنة، نظرًا لطبيعة الصراع التاريخية الممتدة منذ عام 1947.

مصر وإثيوبيا


كما أعلن ترامب أنه "منع حربًا" بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة، بعدما غرّد قائلًا: لو كنت مكان مصر، لأردت المياه في النيل"، لكنه زعم لاحقًا أن بلاده موّلت السد جزئيًا، وهو ما نفته أديس أبابا تمامًا.

4_4_11zon

صربيا وكوسوفو


أخيرًا، أشار ترامب إلى نجاحه في منع حرب جديدة في البلقان بين صربيا وكوسوفو، مؤكدًا أنه استخدم "التهديد التجاري" لإجبار الطرفين على الحوار، مستندًا إلى الاتفاق الذي وُقّع في البيت الأبيض عام 2020 لتطبيع العلاقات الاقتصادية.


الرئيس الذي يصنع السلام بالتهديد

ولم يكن أسلوب ترامب في "صناعة السلام" تقليديًا، فبدلًا من الحوارات الدبلوماسية الطويلة، استخدم لغة العقوبات، والرسوم الجمركية، والتهديد الاقتصادي، باعتبارها أدوات ضغط لتحقيق ما يسميه "السلام من موقع القوة".
وقد وصف محللون نهجه بأنه "سلام مقابل تجارة"، أي تسويات مؤقتة تُبنى على مصالح اقتصادية لا على تفاهمات سياسية عميقة.

وبالتوازي مع حديثه عن إحلال السلام، كانت إدارته تخوض مواجهة اقتصادية واسعة، فمنذ مطلع عام 2025، فرض ترامب تعريفات جمركية شاملة على السلع الواردة من عشرات الدول، رافعًا متوسط الرسوم من 2.5% إلى أكثر من 18%.


5_5_11zon
استهدفت الرسوم دولًا كالصين، الهند، البرازيل، كندا، وكوريا الجنوبية، وفرض على بعض السلع، مثل الصلب والألومنيوم، تعريفات وصلت إلى 50%.

برّر ترامب هذه السياسات بأنها وسيلة لتعزيز الصناعة الأمريكية وتقليص العجز التجاري، لكن معارضيه رأوا فيها "حربًا اقتصادية" تسببت في اضطراب الأسواق وارتفاع الأسعار عالميًا.

وحتى الآن، رُشّح ترامب أكثر من عشر مرات لجائزة نوبل للسلام، من قِبل زعماء كالإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ورئيس الوزراء الكمبودي هون مانيت، وعدد من المشرعين في النرويج والسويد والولايات المتحدة.

لكن لجنة نوبل لم تمنحه الجائزة حتى اليوم، رغم إشارته الدائمة إلى أن "السلام الحقيقي" الذي يسعى إليه لا يحتاج لتكريم رمزي بقدر ما يحتاج إلى "صفقات ناجحة تنهي الحروب وتنعش الاقتصاد".

فيديو قد يعجبك



محتوى مدفوع

إعلان

إعلان