إعلان

التغير المناخي.. هل يدمر الملايين من حجاج الأضرحة المقدسة في الهند البيئة؟

05:41 م الأحد 24 يوليه 2022

هناك العديد من مواقع الحج المقدسة في منطقة الهيمال

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

نيودلهي - (بي بي سي)

تضم منطقة الهيمالايا الهندية عددا من الأضرحة الهندوسية المقدسة، وهي تجتذب ملايين الزوار كل عام، وقد شهدت المنطقة عدة كوارث طبيعية على مر السنين أودت بحياة الآلاف.

ويقول دعاة حماية البيئة إن هناك حاجة إلى تبني نهج متوازن لحماية التقاليد القديمة، وكذلك الحفاظ على منطقة جبال الهيمالايا، وذلك بحسب تقرير مراسل بي بي سي شارانيا هريشيكيش.

عام 2021 أعلن رئيس الوزراء الهندي ناريندا مودي، أثناء افتتاحه عدة مشروعات في ولاية أوتاراخند الشمالية، إن عدد السياح الذين سيزورون الولاية خلال العقد المقبل سيكون أكبر من عدد الزوار في المئة عام الماضية.

وأضاف قائلا إن الكثير من الفضل في ذلك يعود إلى الدفعة التي تلقتها البنية التحتية من قبل كل من الحكومة الفيدرالية وحكومة الولاية، وهما بقيادة حزب بهاراتيا جاناتا الذي يتمتع بقاعدة دعم ضخمة بين المجتمع الهندوسي الذي يشكل الأغلبية في الهند، لتحسين الوصول إلى مواقع الحج الشهيرة في أوتاراخند.

وتعد هذه الولاية الجبلية، حيث توجد العديد من قمم جبال الهيمالايا والأنهار الجليدية، موطنا لبعض أقدس المواقع للهندوس، بما في ذلك مدن المعابد في كيدارناث وبادريناث ويامونوتري وغانغوتري، وهي البلدات التي تمثل مقاصد الحج الأربعة في منطقة جبال الهيمالايا، والتي يطلق عليها شار دهام ياترا.

وهناك مواقع مقدسة أخرى في منطقة الهيمالايا بما في ذلك ضريح كهف أمارناث ومعبد فايشنو ديفي في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية.

وقد تحدى المؤمنون، على مدى قرون، البرد القارس والطرق الجبلية الوعرة للصلاة في تلك الأضرحة، وبعضها مفتوح فقط لبضعة أشهر في السنة.

لكن الخبراء يقولون إن زيادة عدد الزوار المتدينين على مدى العقدين الماضيين، وهو ما يرجع جزئيا إلى سهولة التنقل والاتصال، وكذلك تطوير البنية التحتية لاستيعابهم، يضران بالتوازن البيئي الهش في المنطقة المعرضة للزلازل والانهيارات الأرضية.

ويقولون إن الحظر لا يمكن أن يكون حلا عندما يتعلق الأمر بتقاليد عمرها قرون، ولكن هناك عدة خطوات مثل التنظيم الذي يمكن القيام به دون ازدراء المشاعر الدينية.

ويقول كيران شيندي ، المحاضر البارز في جامعة لاتروب في أستراليا، والذي عمل لفترة طويلة في السياحة الدينية والتخطيط الحضري: "هناك تدخلات كثيرة ومتكررة للغاية في هذه المناطق الهشة، وفي وقت سابق، كان القرويون في المناطق النائية ينتظرون سنوات ليمتد إليهم طريق، لكن هناك توسع كبير الآن في المرافق غير أنها لا تلبي احتياجات السكان المحليين بقدر تلبية متطلبات أشخاص من ولايات أخرى".

وفي حين أن إدارة التجمعات الدينية الضخمة هي دائما مهمة صعبة، إلا أن الهند لديها أمثلة ناجحة مثل تجمع كومبا ميلا الذي يقام في 4 ولايات.

لكن القضايا في مناطق التلال المعرضة للخطر متنوعة ومتشعبة.

وقد واجهت العديد من مبادرات البنية التحتية في المنطقة، بما في ذلك مشروع توسيع طريق شار دهام الطموح، تحديات من قبل دعاة حماية البيئة والسكان المحليين لأسباب بيئية.

وقد استقال رافي تشوبرا، أحد كبار خبراء البيئة الذي ترأس لجنة شكلتها المحكمة العليا لدراسة المخاوف بشأن مشروع شار دهام، في فبراير/ شباط الماضي، وكتب في رسالة الاستقالة يقول إنه "أصيب بخيبة أمل" من أمر أصدرته المحكمة العليا تجاهل توصيات اللجنة بشأن الطريق المقترح".

كما كتب يقول: "تتطلب التنمية المستدامة مقاربات سليمة جيولوجيا وبيئيا، وبصفتي عضوا في اللجنة رأيت عن كثب انتهاك حرمة جبال الهيمالايا التي كانت منيعة في السابق".

وهناك مخاوف أخرى أيضا.

فقد قال فريق من الباحثين، درس كارثة فيضان مفاجئ أودى بحياة أكثر من 200 شخص في أوتاراخند في فبراير/شباط من عام 2021 في تقرير بهذا الشأن، إن ارتفاع درجات الحرارة يزيد من تساقط الصخور في جبال الهيمالايا مما يؤدي إلى تزايد معدل الخطر الذي يتعرض له الناس.

وتواجه الهند أيضا، مثل معظم البلدان، في كثير من الأحيان ظواهر الطقس المتطرفة، والتي ترجعها بعض الدراسات جزئيا إلى تغير المناخ.

وفي وقت سابق من يوليو/تموز الجاري، لقي ما لا يقل عن 16 زائرا مصرعهم بعد أن ضربت الفيضانات المفاجئة مخيماتهم المؤقتة بالقرب من ضريح أمارناث.

وقال أحد كبار علماء الطقس للصحفيين إن الفيضانات ربما تكون ناجمة عن انفجار سحابي مما أدى إلى "هطول أمطار شديدة الكثافة وعالية التركيز لم تتمكن محطة الطقس الآلية الخاصة بنا من رصدها".

وأضاف سونام لوتس، مدير إدارة الأرصاد الجوية بجامو وكشمير، قائلا: "ليس لدينا وسيلة لقياس هطول الأمطار هناك لأنها منطقة نائية للغاية".

وكانت بلدة كيدارناث قد تعرضت في عام 2013 لفيضانات مدمرة، ناجمة عن الأمطار الموسمية الغزيرة، التي جرفت الآلاف من الناس.

وفي حين أن الذكرى مازالت مؤلمة، إلا أنها لم تمنع الحجاج من زيارة الضريح، ومن المتوقع أن يتجاوز الإقبال هذا الموسم الرقم القياسي لعام 2019 البالغ مليون زائر، حسبما قال مسؤولون.

ومن المؤكد أن هؤلاء السياح يجلبون عائدات تشتد حاجة حكومات الولايات إليها، وذلك يمكن أن يقلل من الحافز لاتخاذ إجراءات صعبة.

ويقول الدكتور شيندي إنه غالبا ما يكون هناك "فراغ مؤسسي" عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع تداعيات السياحة الدينية.

وكتب في ورقة بحثية في عام 2018: "بينما يشارك الفاعلون الدينيون بنشاط في تعزيز وإدارة اقتصاد السياحة الدينية على المستويات المحلية، فإنهم بالكاد يتحملون مسؤوليات معالجة الآثار البيئية السلبية".

وفي حين سمحت زيادة إمكانية الوصول لعدد أكبر من الأشخاص من جميع أنحاء البلاد وحتى من الخارج بزيارة تلك الأضرحة المقدسة، يقول الخبراء إن العملية تحتاج إلى "إعادة التفكير بشكل جذري".

ويقول سريدهار رامامورثي، خبير البيئة: "يجب أن تكون المرحلة الأخيرة للوصول إلى الضريح أكثر صعوبة على الحجاج حيث تتعرض المقاصد، بل وحتى المواقع الوسيطة على الطريق، حاليا لضغط كبير".

كما يقول الدكتور شيندي إن السلطات بحاجة أيضا إلى التحدث إلى أصحاب المصالح لتطوير سياسات أفضل لمواقع الحج الهشة بيئيا.

وأضاف قائلا:"إن معظم اقتصاد الحج غير رسمي، من الكهنة المحليين الذين يقيمون احتفالات دينية للمصلين إلى الأشخاص الذين يأخذون الحجاج على المهور إلى الضريح، وتلك المهور تعرف التضاريس والطرق البديلة أفضل من معظم الناس".

ويتفق معظم الخبراء على أن تنظيم أعداد الحجاج وفقا لقدرة التضاريس أمر ضروري.

ويقول الدكتور شيندي إنه بالإضافة إلى ذلك يمكن أن تحدث برامج التوعية بعض الاختلاف.

ومضى يقول:"إن الرسائل الصحيحة مهمة، فالسلطات بحاجة إلى توفير معلومات مُنتظمة ومُحدثة من خلال الإعلانات ووسائل الإعلام التي تسلط الضوء أيضا على المخاطر التي تنطوي عليها الرحلة".

ويقول مراقبون إنه في حين قد تكون هناك مخاطر سياسية في الإعلان عن قيود على مثل هذا الموضوع الحساس، فإن مودي، السياسي الأكثر شعبية في البلاد، سيكون على الأرجح قادرا على فرض تلك القيود.

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: