إعلان

سكان بوتشا يروون فظائع عاشوها على يد القوات الروسية

08:33 م الأحد 10 أبريل 2022

وسط الدمار ، تهدد الألغام حياة الجنود وعمال الإغاث

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

(دويتشه فيله)

بعد مذبحة بوتشا، يحاول الناجون العودة إلى الحياة. لكن هناك صعوبة في ذلك، إذ إن أجزاء كبيرة من المدينة مغلقة والموت يتربص في كل مكان. مراسل DW زار المدينة لينقل معاناة السكان.

يستغرق الأمر الآن حوالي ساعتين بالسيارة من كييف إلى بوتشا لأن العديد من الطرق قد دمرت. قبل الغزو الروسي، كان من الممكن قطع المسافة بالسيارة في 15 إلى 20 دقيقة.

في الطريق إلى هناك، يمكنك رؤية العديد من المركبات المحترقة والمصابة بطلقات نارية، بما في ذلك تلك التي كُتب عليها "أطفال". تصطف على جانب الطريق طوابير كاملة من الآليات والدبابات العسكرية. بعد القصف المكثف والقتال العنيف وأكثر من شهر من الاحتلال الروسي، هناك العديد من الأنقاض في بوتشا نفسها.

قبل الحرب، كانت الضواحي، وخاصة تلك الواقعة في الشمال الغربي، لا تختلف كثيراً عن العاصمة كييف. كانت الحياة جيدة في بوتشا. العديد من سكان كييف كانوا يرسلون أطفالهم إلى هناك خلال العطلة الصيفية للاستجمام. قبل مغادرة مجموعة من الصحفيين، بمن فيهم مراسل DW، عُثر على خمسة قتلى من الرجال العزل وأيديهم مقيدة في قبو أحد دور النقاهة.

جثث أصيبت بطلقات نارية

الحافلة الصغيرة مع مجموعة الصحفيين تذهب إلى أحد الأماكن التي قُتل فيها مدنيون. ست جثث ملقاة في فناء منزل يصعب التعرف على الجثث المتفحمة.

يقول قائد شرطة منطقة كييف، أندريه نيبيتوف، الذي يرافق الصحفيين، إن المحققين عثروا على أربع نساء ورجلين. ويضيف نيبيتوف "قد يكون بينهم طفل لأن إحدى الجثث صغيرة. إحدى جثث النساء مصابة بطلق ناري". ووفقا له، لم يوضح الخبراء السبب الدقيق للوفاة بعد. ويضيف: "نظراً لعدم وجود أضرار ناتجة عن قصف مدفعية هنا، عليك أن تفترض أن هؤلاء الأشخاص كانوا من السكان المحليين، وأنهم أصيبوا بالرصاص وأن المراد كان حرق الجثث".

خطر الألغام الروسية

يقول وزير الداخلية الأوكراني دينيس موناستيرسكي، الذي يرافق الصحفيين، إنه يتم حالياً البحث عن جثث في بوتشا بأكملها. وبحسب الشرطة وعمال الإنقاذ والسكان، فإن العشرات من القتلى جراء القصف ما زالوا في منازلهم. كما أن هناك العشرات من القتلى في الغابات التي لم يتم الوصول إليها بعد، حتى يتم إزالة الألغام منها. وأضاف موناستيرسكي "أولئك الذين ارتكبوا كل هذا ليس لديهم تحضر ولا إنسانية".

وبحسب وزير الداخلية، "يتم العثور على آلاف العبوات الناسفة كل يوم"، من بينها قنابل يدوية وبقايا متفجرات وشراك ألغام. على سبيل المثال، ترك الجيش الروسي ألغاماً في منازل، رأوا فيها صوراً لجنود أوكرانيين أو لرموز الدولة الأوكرانية. لذلك، وفقًا لموناستيرسكي، لا يُسمح للسكان بالعودة إلى مدينتهم إلا بعد إزالة الألغام. كما أشار صراحة إلى الخطر الذي تشكله الألغام على الصحفيين وطلب منهم التحرك فقط على الطرق الأسفلتية.

في القبو لأكثر من شهر

ومع ذلك، ومنذ التحرير من القوات الروسية، تعود الحياة ببطء إلى المدينة. يقف بعض السكان بالقرب من سوبر ماركت مدمر في انتظار وصول المساعدات الإنسانية إلى المدينة من قبل المتطوعين والجنود. ويتحدث الناس عما مروا به أثناء الاحتلال الروسي.

فلاديسلافا وزوجها أولكسندر وطفلاهما متواجودون في المدينة منذ بدء القتال. وتقول فلاديسلافا: "طارت القنابل اليدوية في فناء منزلنا والمنازل المجاورة. شعرنا بقوة الاصطدام. تحطمت النوافذ والأبواب، وانهار السقف. كنا نعلم أننا في خطر كبير". ثم رأت السيدة الأوكرانية دبابات روسية تطلق النار في كل الاتجاهات وقالت إن أصوات الرشاشات كان يمكن سماعها.

"اضطررنا إلى الفرار، ولكن إلى أين؟ كان الرصاص يتطاير وصوته مسموعا في كل مكان. توجد روضة أطفال مقابل منزلنا. ركضنا إلى هناك. علمت أن هناك قبواً. جلسنا في هذا القبو طوال أيام الاحتلال تقريبا، رغم أنه ليس من المناسب أن يبقى الناس به لفترة طويلة لأن به رطوبة وبارد"، تقول المرأة. لكن حارس العقار جلب أسرة للأطفال داخل القبو لذلك لم يضطر الأطفال على الأقل للنوم على الأرض مباشرة.

وأفاد سكان بوتشا أنه ليس لديهم معلومات عما حدث. لم تكن الهواتف المحمولة لتعمل بدون كهرباء. وأضافت فلاديسلافا: "لم نعد نعرف ما إذا كان الوقت نهاراً أم ليلاً. كان هناك إطلاق نار مستمر وقتال مستمر".

"البسكويت كان خلاصنا الوحيد"

وأفاد شهود عيان أن الجيش الروسي أقام مقرا له في مدرسة في شارع فوكسالنا. تعيش لاريسا سافينكو البالغة من العمر 72 عاماً في نفس الشارع. وتقول: "أثناء القتال، اشتعلت النيران في الشارع بأكمله". ولا يزال هناك رتل من المركبات العسكرية المحترقة. وتضيف: "في 27 فبراير، اندلع قتال رهيب. كنا نائمين في الشونة (مخزن للغلال وعلف الحيوانات) عندما بدأت القذائف تتطاير فجأة". وواصل الروس إطلاق النار من مواقع مختلفة ودمروا كل شيء.

تقول لاريسا إنها كانت تأكل مرة واحدة في اليوم أثناء الاحتلال وتتابع: "كانت قطع البسكويت هي خلاصنا الوحيد". لم يكن الخبز الطازج متاحاً إلا بعد تحرير المدينة. وقالت السيدة "ما زلنا نبكي عندما نرى الخبز".

"الصدمة تحرمك من النوم"

تقول ناتاليا، 58 عاماً، إنه بعد انقطاع التيار الكهربائي في 27 فبراير، أجبرت على الطهي في الخارج فوق مدفأة. تتذكر قائلة: "كنا نتناول الحساء، أحيانًا حتى أثناء إطلاق النار". وتقول إن الجنود الروس أخذوا أثاثًا وأغراضًا لزوجاتهم من المنازل وأخذوها معهم. وتضيف ناتاليا: "رأى الناس هنا كل شيء. في أحد الأيام جاء إلينا عشرة رجال، ونظروا إلى جميع الغرف، الحظيرة والقبو. لم يقولوا ما الذي كانوا يبحثون عنه، لكنهم نظروا في كل شق".

عندما انسحبت القوات الروسية من بوتشا، سمعوا المحركات تعمل طوال الليل من 30 مارس إلى 31 مارس. "لم نكن نعرف ما يمكن توقعه. كنا قلقين للغاية في تلك الليلة، أكثر من أي مكان يقع فيه القصف. لم نرغب في تصديق أنهم ذهبوا. لم نصدق ذلك حتى رأينا جنودنا وشرطتنا"، تضيف ناتاليا.

حتى الآن، بعد تحرير المدينة من الاحتلال الروسي، ما زالت غير قادرة على استعادة وعيها. وتقول ناتاليا: "نستيقظ في الليل ونستمع أولاً ما إذا كان الوضع هادئاً، ثم يمكننا الخلود مجدداً إلى النوم. نأمل أن تعود ابنتنا وحفيدتنا قريباً ويمكننا معانقتهما".

هذا المحتوى من

فيديو قد يعجبك: