إعلان

"صفقة القرن" والسلام مع إسرائيل.. هل يسير بايدن على درب ترامب؟

04:26 م الأحد 29 نوفمبر 2020

ترامب وبايدن

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت – إيمان محمود

كان عهد الرئيس الأمريكي المُنتهية ولايته دونالد ترامب بمثابة نكبة جديدة للقضية الفلسطينية، منذ بدأ في منح الاحتلال الإسرائيلي ما لا يملكه من خلال خطة روّج لها طوال فترة حكمه بأنها تُرسّخ السلام في الشرق الأوسط، وعُرِفت إعلاميًا بـ"صفقة القرن".

تمثل جزء من الصفقة -التي خطط لها صهر ترامب وكبير مستشاريه، اليهودي الأرثوذكسي جاريد كوشنر- في إعلان الولايات المتحدة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، وما تبعها من نقل للسفارات، وإعلان سيادة إسرائيل على الجولان السوري المُحتل في 2019، ووقف تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.

ثم أعلنت الولايات المتحدة في بداية العام الجاري، بنودًا أخرى للصفقة، كان من ضمنها أن تعترف بالمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المُحتلة، وأن تكون هناك دولة فلسطينية تعيش في سلام إلى جانب إسرائيل، لكن بدون جيش أو سلاح وبشروط صارمة.

بيد أنه وبعد إعلان فوز الديمقراطي جو بايدن في انتخابات الرئاسة الأمريكية، واقتراب مغادرة ترامب البيت الأبيض، استعاد الفلسطينيون آمالهم في أن تكون الإدارة الأمريكية المُقبلة أكثر حكمة لوقف الصفقة، وربما عودة المفاوضات بشأن حلّ الدولتين.

"تجميد الصفقة"

يرى إبراهيم المدهون، الكاتب والمحلل السياسي المُقرب من حركة حماس الفلسطينية، أن صفقة القرن قد تتجمد إلى ما وصلت إليه بخروج ترامب من البيت الأبيض، موضحًا أن الولايات المتحدة لديها استراتيجية واضحة بدعم الكيان الصهيوني والوقوف بجانبه، لكن إدارة ترامب كانت مُتطرفة في هذا الدعم وقامت بخطوات غير مسبوقة.

وقال المدهون في تصريحات لمصراوي، إن صفقة القرن بشكل عام كانت تهدف إلى "تصفية القضية الفلسطينية وتصفية حق اللاجئين وتجاوزت كل سياسات الولايات المتحدة السابقة المُتعلقة بحل الدولتين، بل أطلقت رصاصة الرحمة على حلّ الدولتين".

وأضاف أن الفلسطينيون يحتاجون إلى المزيد من الوقت للتأكد من سياسة بايدن تجاه قضيتهم، لكنهم في الوقت ذاته تنفسوا الصعداء بفوزه ورحيل ما وصفه بـ"غُمة ترامب".

وتوقع المدهون، أن يعود بايدن إلى سياسة الولايات المتحدة التقليدية تجاه القضية الفلسطينية، "وهي سياسة فيها دعم للاحتلال وتبنيّ لموقفه، لكن أيضًا متبنيه للمشروع الفلسطيني بحدّه الأدنى (دولة فلسطينية على أراضي 67)".

لكن في الوقت ذاته، شكك الكاتب الفلسطيني في قُدرة بايدن على العودة إلى مُربع ما قبل ترامب، قائلًا "نحن أمام تحدي وانتظار، هل سيعود بايدن عن كل الخطوات التي قام بها ترامب، لا نعتقد أن بايدن يستطيع العودة عن إعلان القدس عاصمة لإسرائيل مثلا".

في الوقت ذاته، توقع أن يكون هناك تواصل أكثر مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وأن يُرسل مبعوث سلام خاص جديد إلى الشرق الأوسط يدعو إلى حوارات جديدة ويبدأ بترسيخ مفاهيم الولايات المتحدة الجديدة القائمة على حل الدولتين.

"أطروحة كوشنارية"

من جانبه، أكد الباحث في الشؤون الدولية جمال رائف، أن صفقة القرن بالمفهوم الذي عُرف في عهد ترامب لن يعود على السطح في عهد بايدن، قائلاً: "صفقة القرن انتهت مع خروج ترامب من البيت الأبيض، أو بمعنى أدق مع خروج جاريد كوشنر مهندس الصفقة من البيت الأبيض، لأنها أطروحة كوشنارية في الأساس".

واستطرد رائف في تصريحاته لمصراوي: "ننتظر أداء ربما يعود بنا إلى الكلاسيكية الأمريكية المعهودة، صحيح أن تلك الكلاسيكية لم تكن متحيزة للعرب، لكنها كانت أكثر هدوءًا من سياسات ترامب".

وتوقع أن تُفتح أجواء أخرى للتفاوض والثقة في الإدارة الأمريكية الجديدة، خاصة بعد أن يُعيد بايدن تمويل "الأونروا"، الذي أعرب الديمقراطيين في السابق اعتراضهم على وقف ترامب له.

"رحيل مريح"

في السياق ذاته، أكد رئيس تيار الاستقلال الفلسطيني، اللواء محمد أبو سمره، أن رحيل ترامب أمر جيد ومريح، بعد أن قدم للكيان الصهيوني ما لم يحلموا به، من خلال فرض صفقة القرن.

وقال القيادي الفلسطيني في تصريحات لمصراوي: "بايدن سيوقف تنفيذ صفقة القرن، لكنه لن يستطيع إلغاء ما تم تنفيذه بالفعل، كما أنه سيعيد العلاقات مع السلطة الفلسطينية، ويلغي الكثير من القرارات والإجراءات التي اتخذها ترامب فيما يتعلق بالشؤون الفلسطينية، ولن يسمح بضمّ منطقة الأغوار وشمال البحر الميت والكتل الاستيطانية من أراضي الضفة الغربية المحتلة إلى الكيان الصهيوني".

لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن خيار العودة إلى مفاوضات ثنائية مع الاحتلال برعاية أمريكية "لم يعد مقبولاً على المستوى الفلسطيني"، والمطروح فلسطينيًا هو عقد مؤتمرًا دوليًا يقود إلى إطلاق مفاوضات برعاية الأمم المتحدة والرباعية الدولية والولايات المتحدة وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي".

واستطرد: "القيادة الفلسطينية أبدت استعدادها للتعاون مع بايدن قبل وعقب الإعلان عن فوزه بالانتخابات الرئاسية، وهناك اتصالات على مستويات عدة تجريها القيادة والسلطة الوطنية الفلسطينية مع بايدن".

والأمر يستدعي عدم الإفراط بالتفاؤل، لأنَّ الموقف الجذري للولايات المتحدة والدعم النوعي للكيان الصهيوني لن يتغير.

"بايدن وقطار التطبيع"

وفيما يتعلق باستمرار الوساطة الأمريكية لعقد اتفاقيات السلام بين إسرائيل والدول العربية، قال الكاتب إبراهيم المدهون: "بايدن يمكن أن يدعم موجة التطبيع، لكنه لن يمارس سياسة الضغط والابتزاز والترهيب على الدول العربية من أجل التطبيع، يمكن أن يشجعها دون ممارسة إملاءات أمريكية".

وطالب بأن يكون لمصر دورًا في وقف عقد اتفاقيات سلام جديدة، موضحًا: "يكفي أن تقود مصر الحالة العربية للعلاقة مع إسرائيل لأن مصر استثمرت العلاقة المصرية الإسرائيلية بذكاء، دون التورط مع الاحتلال بل حافظت على صورة الكيان الصهيوني كعدو للقومية العربية، ولهذا نخشى أن تكون بعض الدول تريد أن تتجاوز السياسة المصرية في التعامل مع الاحتلال وتبالغ في عقد اتفاقيات".

وخلال العام الجاري، وقعت إسرائيل –بوساطة أمريكية- ثلاث اتفاقيات سلام مع كلٍ من الإمارات والبحرين والسودان، وسط مخاوف فلسطينية من تأثير هذه الاتفاقيات إلى قضيتهم.

ورحب بايدن بهذه الاتفاقيات، وقال إنه سيدفع المزيد من دول المنطقة لاتخاذ خطوات لتنفيذ صفقات مماثلة، لكنه أكد معارضته للسياسة الأحادية التي حددت نهج ترامب تجاه إسرائيل والفلسطينيين.

واتفق القيادي الفلسطيني محمد أبو سمره، على أن بايدن لن يستخدم السياسة ذاتها فيما يتعلق بوساطة السلام بين إسرائيل ودول المنطقة، مرجحًا "ألا يمارس بايدنأي ضغوط على الدول العربية والإسلامية لتوقيع السلام مع إسرائيل".

فيما يرى الباحث جمال رائف، أنه من الممكن استكمال سلسلة اتفاقيات السلام مع الدول العربية في عهد بايدن، موضحًا أن هذه الاتفاقيات تصب في مصلحة الولايات المتحدة.

وأشار رائف إلى أن "بايدن أعرب في وقت سابق عن ترحيبه باتفاقيات السلام في المنطقة، وبالتالي فمن المتوقع أن يستكمل هذا المسار بعد رحيل ترامب".

فيديو قد يعجبك: