إعلان

97 كيلومترا في مياه تايلاند تقف سدا منيعا أمام توسع بكين في ميكونغ

03:48 م الجمعة 10 يناير 2020

صورة ملتقطة في 20 أيلول/سبتمبر 2019 تظهر تمثالا عم

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

بانكوك- (أ ف ب):

تقف صخور منتشرة في مياه تايلاند على مساحة 97 كيلومترا حائلا أمام إحكام السيطرة الصينية على ميكونغ، أحد أهم أنهر آسيا، وسط مضيّ بكين في مشاريعها لجعله معبرا مائيا استراتيجيا متجاهلة انتقادات السكان المحليين وخبراء البيئة.

وفي هذا القسم من النهر، تعتزم الصين تحدي التيارات النهرية السريعة والتنقيب في قاع المجرى المائي ليصبح عميقا بما يكفي لتسيير سفن شحن ضخمة وحتى بوارج حربية.

وترمي هذه الخطوات إلى إقامة ربط نهري بين مقاطعة يونان الصينية والمياه المتنازع عليها في بحر الصين الجنوبي.

كما تسعى بكين إلى إحكام قبضتها على ميكونغ المسمى محليا "النهر الأم" الذي يشق طريقه من جبال هملايا في اتجاه الصين وبورما ولاوس وتايلاند وكمبوديا وفيتنام.

وتحت شعار "نتشارك النهر لمستقبل مشترك"، تنفي الدولة الآسيوية العملاقة أي مطامع توسعية، مؤكدة أن الغاية من الأعمال الضخمة التي تجريها في النهر تقتصر على التنمية المستدامة لهذا المجرى المائي الممتد على خمسة آلاف كيلومتر.

غير أن السكان المحليين والناشطين البيئيين يحذرون من أنشطة التجريف الصينية، متهمين بكين بإحداث تغييرات عميقة في نهر ميكونغ من خلال إنشاء سلسلة سدود كهرمائية لسد الحاجات المتنامية في مجال الطاقة لمنطقة جنوب شرق آسيا التي تشهد توسعا سكانيا واقتصاديا متعاظما.

ويشير هؤلاء إلى أن هذه الإنشاءات الهائلة لها أثر مباشر على النهر الذي يشكل موردا غذائيا أساسيا لحوالى 60 مليون نسمة في جنوب شرق آسيا.

وقد بلغ قاع النهر، وهو الملاذ الأهم عالميا بعد الأمازون للتنوع الحيوي المائي إذ يضم 1300 جنس من الأسماك، مستويات منخفضة مقلقة، ما أفسح في المجال أمام تكوّم صخور حمراء وتمدد مساحات من المياه الضحلة حيث تبدأ النباتات بالظهور.

ويسفر ذلك عن إفقار متسارع للأراضي الغنية بالمغذيات في دلتا فيتنام وانهيار كبير في حجم مخزون الأسماك.

أما القائمون على مشاريع السدود فيؤكدون أن الطاقة الكهرمائية من شأنها السماح لبكين بتقليص اعتمادها على مصادر الطاقة الأحفورية التي تصنف من أهم مسببات الاحترار المناخي العالمي.

المثلث الذهبي

وفي قرية سوب رواك (شمال شرق)، يلتقط سياح صورا ذاتية أمام لافتة تشكل مدخلا إلى "المثلث الذهبي"، وهي منصة لتهريب المخدرات في آسيا على الحدود بين بورما ولاوس وتايلاند.

وفي الأسفل ثمة قاع نهر ميكونغ المؤلف من صخور ومياه ضحلة.

في هذا الموقع، تعتزم الصين إقامة أول عملية تجريف للنهر للسماح بإبحار سفن قادرة على نقل أكثر من 500 طن من البضائع.

ويقول جانغ جينغجين وهو تاجر في بكين أتى مع مجموعة من السياح إلى المكان "إذا ما تمكن عدد أكبر من السفن من العبور، سينعكس ذلك ازديادا في عدد الزوار ونموا في التجارة".

أما بيانبورن ديتس من منظمة "إنترناشونال ريفرز" غير الحكومية فيرى أن بكين تسعى من خلال هذه المشاريع الضخمة إلى "تحويل نهر ميكونغ إلى طريق سريع للشحن".

وحتى اللحظة، لا تزال مشاريع بكين تراوح مكانها... فبعد كفاح استمر قرابة عقدين، نجح ناشطون بيئيون تايلانديون في انتزاع قرار في مارس بتعليق أعمال التجريف على مساحة الـ97 كيلومترا في الجانب التايلاندي من نهر ميكونغ.

ويؤكد الناشط البيئي نيوات رويكاوي الذي يؤدي دورا أساسيا في الحركة الاحتجاجية ضد المشاريع الصينية، لوكالة فرانس برس أن هذه الأشغال من شأنها أن تلحق ضررا هائلا على البيئة والأمن الغذائي وموارد البقاء لدى السكان.

ويقول "هذا سيهدد المناطق التي تعيش فيها الأسماك وتتكاثر وسيعقد عليها مهمة إيجاد القوت اللازم".

غير أن هذا النصر موقت وفق الخبراء البيئيين الذين يذكّرون بأن قلة من حركات الاعتراض المحلية استطاعت كبح طموحات البلد الآسيوي العملاق الذي يعتبر منطقة جنوب شرق آسيا برمتها قاعدته الخلفية.

وقد فرضت بكين وجودها على بعض أجزاء نهر ميكونغ في كمبوديا ولاوس، وهما بلدان حليفان أغرقتهما بكين بمليارات الدولارات من الاستثمارات.

انحسار مخزونات الأسماك

ويقول الصياد كومي ويلاي "لقد ألقيت شباكي مرتين اليوم ولم أصطد شيئا".

في هذه النقطة، جرى وقف مشروع التجريف ما أثار ارتياحا لدى السكان الذين يشيرون إلى أن مستوى مياه نهر ميكونغ بات يتراجع بواقع متر ونصف المتر إلى ثلاثة أمتار من دون سابق إنذار.

ويلقي هؤلاء باللائمة على السد الصيني المقام عند منبع النهر في جينغهونغ، وهو من بين أحد عشر سدا أقامتها بكين على هذا النهر في أراضيها.

ويقول رئيس المقاطعة براسونغ لا-أون "عندما يغلقون مدخل السد، الجميع على طول النهر يتأثر بذلك".

ومن خلال التحكم بمنسوب المياه في النهر، تمتلك بكين وسيلة ضغط كبيرة على جيرانها.

غير أن السفارة الصينية في بانكوك تؤكد ردا على سؤال أن بكين لا تحتجز المياه وهي "تعير أهمية كبيرة" لحاجة البلدان الواقعة في مصب ميكونغ.

وتوضح منظمة "تشاينا ووتر ريسك" غير الحكومية التي تتخذ مقرا لها في هونغ كونغ أن الصين لا تهيمن سوى على 12 % من مياه ميكونغ، موجهة أصابع الاتهام إلى تايلاند التي أنشأت أيضا سدودا عدة على النهر خصوصا في لاوس.

ويطمح هذا البلد الصغير غير الساحلي إلى أن يصبح خزان الطاقة في جنوب شرق آسيا وهو سمح لبلدان أخرى بتمويل عشرات الإنشاءات الكهرمائية عند نهر ميكونغ ومتفرعاته.

وفي الصين وتايلاند ولاوس، تسجل نتيجة واحدة تتمثل في الانحسار الكبير في مخزونات الأسماك في المياه العذبة، بينها سمك السلور العملاق التايلاندي الذي شارف على الزوال، وفق دراسة نشرت نتائجها مجلة "غلوبال تشاينج بايولوجي" في أبريل.

كذلك يواجه دلتا نهر ميكونغ في فيتنام تهديدا جراء ظاهرة التملح. فقد زال العائق أمام تسلل مياه البحر بسبب تراجع مستوى الرواسب التي تعيقها السدود المقامة عند منبع النهر.

مقاومة تايلاندية

وفي هواي ليك، يقف تكتل صخري أخير سدا منيعا أمام تحقيق بكين ما تصبو إليه من تطلعات في هذه المنطقة.

ويراقب زعيم القرية السابق ثونغسوك إينثافونغ الضفة المقابلة للنهر في لاوس حيث يرى قطع الأرض الصغير التي تباع واحدة تلو الأخرى للمستثمرين الصينيين بغية تحويلها إلى حقول واسعة لأشجار الموز.

وتواجه بكين الساعية لشراء مزيد من الأرضي، مقاومة أكبر في الجانب التايلاندي.

ويقول ثونغسوك "الصين تستخدمنا كلعبة بيديها. هذا الأمر يغضبني، لكننا سندافع عن حقنا حتى آخر نقطة من نهرنا".

فيديو قد يعجبك: