إعلان

محللون سوريون: إدلب تتعرض للذبح قصفا وبردا ... وأردوغان يتوعد أوروبا فقط

02:40 م الأربعاء 01 يناير 2020

أردوغان

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

القاهرة- ( د ب أ):

مع تفاقم الأوضاع الأمنية والإنسانية بمحافظة إدلب يوم تلو الأخر جراء القصف البري والجوي المكثف الذي تتعرض له على مدى شهرين وأكثر على يد قوات النظام السوري وحليفته روسيا ، تتفاقم أيضا الانتقادات والأسئلة بل والشبهات حول صمت تركيا إزاء ما يحدث على أرض تلك المحافظة والتي تعد آخر معاقل المعارضة السورية، فرسالة أنقرة الرئيسية أكتفت فقط بتهديد وتخويف دول أوروبا بموجات جديدة من النازحين السوريين، دون أي حديث حول مسؤولية روسيا عن ما يتعرض له أهالي إدلب من قتل وتشريد ونزوح في ظل شتاء شديد البرودة.

وبات التساؤل هل تنازلت انقرة مسبقا عن إدلب بموجب تفاهمات مع روسيا لتأمين حدودها شرق الفرات من الخطر الكردي، أم أنها تتطلع لحصد تفاهم جديد معها لتأمين مصالحها الاقتصادية وإن كان هذه المرة في ليببا.

المتحدث الرسمي باسم هيئة التفاوض السورية وعضو اللجنة الدستورية عن المعارضة السورية يحيى العريضي عبر عن انزعاجه وعدم تفهمه لهذا الصمت التركي تجاه عملية التصعيد العسكري التي تشنها قوات النظام السوري وحليفته روسيا على إدلب الواقعة شمال غرب سوريا.

وأوضح في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية ( د.ب.أ) " لا نتفهم الصمت التركي إزاء ذبح إدلب قتلا وبردا ...فتركيا هي أحد الضامنين لمنطقة خفض التصعيد في المحافظة التي عقدت بالأساس لحماية المدنيين وهناك اتفاقيات بينهم وبين الروس والإيرانيين بهذا الشأن ومن اجله أقاموا 12 نقطة مراقبة ...نحن نستغرب ونسألهم أيضا بكل صراحة لماذا لم يحركوا فصائل المعارضة الموالية لهم لنجدة أهالي إدلب ، تلك الفصائل التي تقدمت ورافقت العملية التركية (نبع السلام ) في شرق الفرات ضد الوحدات الكردية في أكتوبر الماضي...هل تحريكهم لن يجدي أمام قوة الطيران الروسي وسياسة الأرض المحروقة المتبعة حاليا بالمحافظة..عليهم التوضيح؟!"

ودعا العريضي لتحرى الدقة حول الأخبار والمعلومات المتداولة بشأن قيام تركيا بتجنيد وإرسال مقاتلين ينتمون لفصائل المعارضة السورية المسلحة إلي ليبيا ليشاركوا كمرتزقة في الدفاع عن حليفتها حكومة الوفاق ، مشددا " لو ثبتت صحة تلك الأحاديث فلا يوجد وصف لها عندي سوى أنها فعل حقير من قبل الفصائل التي سمحت بذلك ،وهو تصرف مدان مئة بالمئة...ولكن نحتاج للتأكد بصور و وقائع ، لأنه ربما يكون الهدف من وراء ترويج تلك الأخبار هو نسف مصداقية من يقاوم الاستبداد .

وفي رده على ما يتردد عن وجود تفاهم مسبق بين الروس والأتراك قبل عملية نبع السلام يقضي بإطلاق يد تركيا شرق الفرات، مقابل ترك إدلب لروسيا والنظام ، أجاب العريضي "كل الاحتمالات تبقى ورادة ...ولكني لا أميل لمثل هذه التحليلات السهلة ، وبرأيي أن كثرة اللاعبين الدوليين تحديدا بالساحة السورية وتقاطع المصالح فيما بينهم هو ما يدفع إلي أن تقع منطقة سورية ما بقبضة هذا الطرف أو ذاك ".

أما فيما يتعلق بما يتردد حول أن أحد أسباب الصمت التركي هو الرغبة في التخلص من عبء محاربة الفصائل المتطرفة بالمحافظة، وترك هذه المشقة للنظام وروسيا، قال العريضي " وجود عناصر جبهة النصرة المدرجة على لوائح الإرهاب الدولية ضمن صفوف هيئة تحرير الشام الفصيل صاحب الهيمنة الأوسع على إدلب يدعم بطبيعة الحال ذرائع النظام وروسيا ليستمروا في عملياتهم العسكرية تحت غطاء محاربة الإرهاب، وربما لم ترغب تركيا التورط بالأمر، ولكننا نعتقد أنه كان بإمكانها التحرك مبكرا حيال هذه المعضلة والضغط على النصرة والضغط على روسيا أيضا ،خاصة وأن الجميع يعلم أن البلاء الأكبر جراء هذا التصعيد الراهن ينصب على المدنيين الأبرياء نساء وأطفال."

وأبدى الأكاديمي السوري أسفه إزاء اقتصار الدور التركي على اكتفاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بصب جام غضبه على الأوربيين فقط ، وتهديدهم بالتلويح بأن بلاده لن تتحمل المزيد من اللاجئين السوريين ، موضحا "الدول تتحرك عبر مصالحها ،ولا أعتقد أنه يوجد من هو مستعد لأجل صالح السوريين أن تتأثر علاقته بدول كبرى كروسيا ... الجميع شاهد وفودا تركية ذهبت لروسيا وتم الحديث عن مناقشة وقف القصف ، ولكننا للآن لم نشهد أي ترجمة على الأرض لتلك المناقشات لم نسمع أن منسوب الدم والدمار قد أنخفض".

من جانبه وصف النائب السابق بهيئة التفاوض السورية خالد المحاميد المتطلعين لأي دور للجيش التركي لمواجهة التقدم الروسي وإنقاذ أهل إدلب برواد" عالم الأوهام".

وأوضح المحاميد في تصريحات لــــ ( د.ب.أ) " إدلب تقتل ...وأردوغان يكرر مشهده السينمائي بتهديد الأوروبيين بالنازحين أو جحافل البرابرة كما يصورهم الذين سيغزون لشواطئهم ...والحقيقة أنه تفاهم مع روسيا بشأن اجتياح الأخيرة لإدلب، بالأساس هذا التفاهم كان قد تأجل تنفيذه لفترة طويلة لحين الانتهاء من خطر داعش في عموما سوريا، والآن ومع بدء العملية لم يعد أمام أردوغان سوى توجيه رسائل للاستهلاك الإعلامي فيما يتعلق بالتشاور مع الروس لإيقاف الضربات والقصف ...او تصريحات قياداته بالإبقاء على نقاط المراقبة التركية بالمحافظة ، بالطبع طول هذا الإبقاء يتحدد وفقا للسعر الذي سيعرض عليه مقابل إخلائها ".

وفند المعارض البارز الأسباب التي دفعت تركيا للتخلي عن إدلب رغم ان ذلك يحرمها من نفوذ استراتيجي مهم داخل سوريا بالمستقبل ، موضحا " أعين السلطان العثماني باتت مركزة بالقفز على الفرصة الراهنة في ليبيا وشواطئ البحر المتوسط الجنوبية عبر إنقاذ رئيس حكومة الوفاق فايز السراج الذي يغرق ويحتاج إلى أي حبل للنجاة ووجد ضالته بالسلطان العثماني وما سيوفره له من سلاح ومرتزقة ...كما ان ادلب اليوم ليست من ضمن المناطق الجاهزة التي يحتاجها أردوغان اليوم لإعادة اللاجئين السوريين في بلاده إليها ، خاصة مع تصاعد التوتر والضغط الشعبي التركي ضدهم".

ووجه المحاميد انتقادات حادة لمؤسسات المعارضة السورية المتعاقبة ،محملا إياهم جزءا من مسؤولية المأساة التي تعيشها المحافظة اليوم .

و أوضح " لقد تجاهلوا نداءاتنا وتحذيراتنا كمعارضة وطنية من خطورة الفصائل المسلحة والجهادية التي تبادلت السيطرة و التلاعب بمقدرات إدلب خلال سنوات الثورة الأولى ،والتي كان أغلبها ممولا قطريا ومدربا بتركيا ، كما تجاهلت القيادة الراهنة لتلك المؤسسات في السنوات الأخيرة تحذيراتنا من خطورة تحول إدلب لإمارة وملجأ لكل المتطرفين من كل أنحاء سوريا لقد حولوها لقندهار جديدة وتم وصمها وأهلها بالإرهاب... ونحن الآن نسال من ملوا أذاننا بالحديث عن الخيرات والمساعدات الإنسانية القطرية والتركية أين الجميع مما يعيشه أهل إدلب من كارثة إنسانية والنزوح والمبيت بالعراء والتواجد بأشباه المخيمات في ظل موجات الصقيع ،فضلا عن الحدود التركية المغلقة بوجوههم ".

المحاميد - الذي قدم استقالته من موقعه نهاية عام 2018 اعتراضا على سلوك مؤسسات المعارضة طبقا لقوله – استنكر بشدة تصوير بعض قيادات المعارضة لأنفسهم بموقف المتفاجئ من الخطوة التركية بتجنيد مقاتلين سوريين وإرسالهم كمرتزقة إلي ليبيا ، موضحا " الكثير من قيادات المعارضة حملوا الأعلام والرموز التركية بأكثر من محفل ، ولذا فليس بمستغرب ان تتحول الفصائل إلي مرتزقة عند الأتراك ويحملون العلم التركي بلا خجل في معاركهم بالداخل السوري ...اليوم أردوغان يقدمهم للعالم أجمع في صورتهم الحقيقة كمرتزقة لمن يدفع الثمن سواء ليبيا أو غيرها ،فأين المفاجأة ؟! ... تلك الفصائل فقدت شعبيتها واحترامها بالداخل السوري ...وللأسف لا يوجد من يحاسب قيادات المعارضة على هذا الخطأ أو غيره".

ولم يبتعد المعارض المستقل سمير النشار عن الرأي السابق ،في التأكيد على أن ابتلاع النظام والروس لمناطق خفض التصعيد وآخرها إدلب خلال العامين الأخرين قد تم بمباركة تركية صامتة.

وأوضح النشار في تصريحات للوكالة الألمانية "صانع القرار التركي حصل عبر عملياته العسكرية الثلاث في سوريا على التوالي أي درع الفرات، وغضن الزيتون، ونبع السلام على المواقع التي تشكل أولوية له، بدلا من مناطق خفض التصعيد التي سمح بابتلاعها ...أقصى ما تخشاه تركيا الآن هو أن يتم تجميع الألاف من السوريين من ادلب بالقرب من حدودها المغلقة بوجوههم، أي أن يشكلوا كارثة إنسانية ربما يهتز لها العالم ويتم إلقاء اللوم عليها...ولذا تهدد بشدة بورقة النازحين، ولكن الأوربيين بالمقابل يدركون جيدا أن تركيا لن تفتح أبوابها بالأساس لهؤلاء اللاجئين ليتدفقوا من شواطئها لبلادهم ،وأنها فقط تحاول ابتزازهم للحصول على مساعدات مالية أو دعمهم لها في نزاعها مع كل من قبرص واليونان حول مصادر الطاقة بالبحر المتوسط ."

وتابع " تركيا تسعى جاهدة للآن ورغم التصعيد السوري الروسي المكثف على إدلب بالعمل على إقناع الفصائل الموالية لها هناك بفتح الطرق الدولية " دمشق حلب" والتي كان اردوغان قد اتفق مع بوتين على فتحها في سوتشي في سبتمبر 2018 ورفصت الفصائل مرارا هذا الأمر ...إذ ان فتح هذه الطرق هو الهدف الرئيسي للتصعيد العسكري كونها تمثل حلقة محورية بالغة الأهمية في محاولة إحياء الاقتصاد السوري المتداع على إثر الحصار والعقوبات الدولية، فضلا عن أن سيطرة النظام على إدلب ستدعم موقف النظام السوري وحلفائه بأي مفاوضات وكذلك في المطالبة بخروج القوات الأجنبية التي دخلت وتمركزت بمناطق سوريا دون موافقة منه أي الأتراك والأمريكان".

وأردف " الأتراك والروس يحافظون بدرجة كبيرة على سياسات التهدئة بينهم، واتوقع أن تستمر التفاهمات التي تصب في صالحهما في الساحتين السورية أو الليبية وذلك رغم اختلاف الأهداف والحلفاء في كل ساحة".

فيديو قد يعجبك: