إعلان

ارتفاع معدلات تلوث الهواء في أمريكا... هل ترامب هو السبب؟

10:23 ص السبت 09 نوفمبر 2019

دونالد ترامب

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

واشنطن- (د ب أ):

فيما يتعلق بالصحة العامة، تعتبر الجسيمات المادية الدقيقة من أخطر أنواع ملوثات الهواء. وخلال الفترة من 2009 حتى 2016، ارتفع متوسط مستويات هذه الجسيمات في الهواء بالولايات المتحدة بنسبة 2ر24 بالمئة... وهذا هو النبأ الجيد.

أما النبأ السيء فهو أنه خلال الفترة من 2016 حتى 2018، ارتفع متوسط مستويات هذه الجسيمات بنسبة 5.5 بالمئة.

ونتيجة لهذه الزيادة، تعرض 4900 مواطن أمريكي للوفاة المبكرة في عام 2017، وارتفع العدد إلى 9700 في 2018، حسب تقديرات الحكومة الأمريكية نفسها بشأن الأضرار المرجحة للتعرض للجسيمات الدقيقة.

وتعني هذه المعلومات باختصار أن الهواء في الولايات المتحدة كان أنظف بكثير في عهد الرئيس السابق باراك أوباما، وهو ما حال دون تعرض الآلاف لمخاطر الوفاة المبكرة، وأن الهواء أصبح أقذر كثيرا في عهد الرئيس الحالي دونالد ترامب.

وتقول وكالة "بلومبرج" للأنباء إن الحد من تلوث الهواء يعتبر من قصص النجاح الرائعة بالنسبة للحكومة الأمريكية، فقد حدث انخفاض كبير في مستويات الجسيمات الدقيقة بالهواء في الولايات المتحدة منذ عام 2000، وتم إحراز هذا التقدم في عهد الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش وسلفه باراك أوباما، حيث بلغت نسبة الانخفاض في المعدلات الوطنية للجسيمات الدقيقة 39 بالمئة.

وتأتي الجسيمات الدقيقة من مصادر عديدة مثل محركات السيارات ومحطات الطاقة التي تعمل بالفحم وحرائق الغابات، ويرجع الانخفاض في معدلاته بشكل أساسي إلى القيود التنظيمية التي تم فرضها في هذا الإطار.

وإذا ما نظرنا إلى الملوثات الأخرى وفق إطارات زمنية أطول، فسوف نرصد إنجازات تدعو للإعجاب بشكل أكبر، فتركيزات أكسيد النتروجين انخفضت بنسبة 61 بالمئة منذ 1980، وتراجعت تركيزات الرصاص بنسبة رائعة بلغت 99 بالمئة منذ ذلك الحين.

لقد أنقذ قانون الهواء النظيف الذي وقعه الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون للمرة الأولى في عام 1970 عشرات الآلاف من الوفاة، بشكل شبه مؤكد، وربما يصل عددهم إلى 230 ألف شخص، كما حال دون حدوث آلاف حالات الإصابة بأمراض القلب غير المميتة، وعشرات الآلاف من حالات دخول غرف الطوارئ بالمستشفيات، وأكثر من مليوني حالة إصابة بأعراض الربو.

واعتمد الخبيران الاقتصاديان كارين كلاي ونيكولاس مولر من جامعة كارنيجي ميلون في الولايات المتحدة في الدراسة التي اجرياها وأوردتها وكالة بلومبرج على قواعد بيانات تتضمن أكثر من 1.8 مليون قراءة لمعدلات التلوث من 653 مرصدا في الولايات المتحدة، لمعرفة ما حدث في عامي 2017 و2018، مع التركيز على الأنباء السيئة.

وتناول الباحثان ثلاثة احتمالات للوقوف على أسباب هذا الظاهرة، أولهما أن تكون الزيادة في حرائق الغابات هي السبب وراء ارتفاع معدلات التلوث بالجسيمات الدقيقة. ورغم أن هذه الحرائق ربما تكون أحد الأسباب بالفعل، لكنها ليست السبب الرئيسي لأنه في حالة استبعاد موسم حرائق الغابات من البيانات، فسوف نصل إلى نفس الصورة العامة ألا وهي انخفاض كبير في معدلات الجسيمات الدقيقة من 2008 حتى 2016، وزيادة ملموسة في 2017 و2018.

ويعتقد كلاي ومولر أن الزيادة في النشاط الاقتصادي ربما تكون هي السبب، ويختصان بالذكر الزيادة في استخدام الغاز الطبيعي والمسافات التي تقطعها السيارات باعتبارهما "الأسباب المرجحة وراء الزيادة في الجسيمات المادية الدقيقة" التي تعرف علميا باسم "بي.إم 5ر2".

ومن أجل تقبل هذه النتيجة، لابد من توافر دلائل على زيادة كبيرة في استخدام الغاز الطبيعي والمسافات التي تقطعها السيارات خلال عامي 2017 و2018، ولكن الباحثين كلاي ومولر لم ينجحا في تقديم هذه الأدلة. وبالرغم من ذلك، فإن تزايد النشاط الاقتصادي هو على الأرجح من العوامل التي تسهم في زيادة معدلات تلوث الهواء.

أما الاحتمال الثالث، فهو التراجع في تطبيق قوانين وكالة حماية البيئة. ويشير كلاي ومولر إلى أن أنشطة تطبيق القوانين، التي تتضمن سلسلة الإجراءات العقابية التي تفرضها الوكالة في حالة انتهاك قانون الهواء النظيف، قد تباينت باختلاف الوقت.

ولكن النتيجة الأكثر أهمية التي تم التوصل إليها هي الانخفاض الكبير في عدد إجراءات تنفيذ القوانين خلال الفترة من 2016 حتى 2018، وهي نفس الفترة التي ارتفعت فيها مستويات الملوثات في الهواء. وشهدت الفترة من 2011 حتى 2013 زيادة متواضعة في إجراءات تنفيذ القانون، مقابل انخفاض كبير في الفترة من 2013 حتى 2015، علاوة على زيادة أخرى متواضعة من 2015 حتى 2016.

ومن الصعب معرفة ما إذا كان الانخفاض من 2016 حتى 2018 هو نتيجة ارتفاع معدلات الاستجابة للقوانين، وهو ما يقلل من الحاجة إلى فرضها بالقوة، أم أن وكالة حماية البيئة قد انكمش دورها. ولكن كلاي ومولر يشيران إلى أنه بالنظر إلى الزيادة الكبيرة في معدلات الجسيمات بعد 2016، فإن التراجع في أنشطة فرض القوانين "يدعو للقلق".

وفيما يتعلق بالصحة العامة، فإن أهم الأسئلة المطروحة ببساطة هو ما هي الإجراءات التي يمكن اتخاذها للتصدي لهذا الاتجاه الأخير. فإن تعزيز أنشطة تطبيق القوانين سيكون فكرة ممتازة، وإذا ما كان الهدف هو حماية الصحة العامة، فإنه يتعين على وكالة حماية البيئة استهداف أكثر المناطق تلوثا والتي تقطنها أعداد كبيرة من السكان.

وفي ضوء التدهور الكبير في جودة الهواء بسبب السيارات، لابد أن تتراجع وكالة حماية البيئة مع وزارة النقل عن خططهما الكارثية لتخفيف المعايير المعمول بها حاليا بالنسبة للسيارات والشاحنات الخفيفة، حيث أن هذه المعايير تساعد في الحد من مستويات كثير من الملوثات، بما في ذلك الجسيمات المادية الدقيقة، فضلا عن الغازات المسببة للاحتباس الحراري، كما أن تخفيف هذه القوانين سيؤدي إلى زيادة في حالات الوفاة المبكرة.

وخلصت بلومبرج إلى أنه بصرف النظر عن مصدر الزيادة الأخيرة في مستوى الجسيمات المادية الدقيقة، فقد حدث ذلك في عهد الرئيس ترامب، ولذلك لابد أن تنهض الإدارة الأمريكية للتصدي لهذه المشكلة بشكل عاجل ودون تأخير.

فيديو قد يعجبك: