إعلان

ألمي ملكي!

حسام زايد

ألمي ملكي!

حسام زايد
07:00 م الثلاثاء 30 سبتمبر 2025

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

تابعنا على

في حوار عابر، يلامسنا صدى عميق يتردد بين شخصين. أحدهما يرى في الألم عدوًا يجب معالجته، والآخر يراه جزءًا من هويته، يرفض التخلي عنه. يقول "ألف".. "لا، أريد ألمي، لأن ألمي يخصني". هذه الكلمات قد تبدو غريبة للوهلة الأولى، لكنها تحمل في طياتها حكمة عميقة وجريئة عن جوهر الإنسانية.

إننا نعيش في عالم يخشى الحزن، ويعتقد أن السعادة هي الهدف الأوحد. يهرع الكثيرون لدفن أحزانهم أو يتفاخرون بها كأنها أوسمة، لكن قلة منهم تدرك أن احتضان الألم هو الطريق الوحيد نحو التحرر. "ألف" فقد أحبته، وتجرع مرارة الفقد التي يخشاها الجميع، لكنه لم يهرب. بدلاً من ذلك، اختار أن يعيش مع هذا الألم، وأن يتخذه رفيقًا لا عدوًا.

يقول "ألف" عن ألمه.. "هؤلاء الناس يظنون أنهم يريدون الهروب من حزنهم... عائلتي، أفتقدهم كثيرًا كل يوم. لا أريد ألا أفتقدهم، أن أنسى أنهم رحلوا". هنا تكمن قوة رسالته. ألمه ليس مجرد شعور سلبي، بل هو جسر يربطه بمن أحبهم. إنه تذكير حي بالحب الذي عاشه، وبوجودهم الذي كان يملأ حياته. أن يتخلى عن ألمه يعني أن يتخلى عن ذكرياته وعن جزء من نفسه.

لقد وصل "ألف" إلى مكان لم يعد فيه الفقد مصدر خوف، بل أصبح مصدرًا للقوة. يوضح ذلك بقوله.. "الشيء الذي يخافه الجميع... قد حدث لي، نعم هناك ألم لكن لا يوجد خوف من الفقد، لأنني فقدت بالفعل، فلا يوجد ما أخشاه". هذه الشجاعة الناتجة عن المواجهة لا الهروب، تمنحه حرية فريدة. إنها حرية من قيود الخوف من المستقبل، حرية تجعله يرى نفسه ككيان واحد متكامل، ليس مجرد ضحية للألم، بل ناجٍ منه.

"ألف" ليس مجرد شخص حزين، بل هو صبي كان محبوبًا وفقد هذا الحب، وهذا الفقد هو جزء من قصته، وليس كل القصة. ألمه جعله أكثر إنسانية، وأكثر قدرة على فهم الحياة بكل تعقيداتها. رسالته تذكرنا بأن الشفاء لا يعني النسيان، بل يعني القدرة على العيش مع الألم دون أن يسيطر علينا. إنها دعوة للاعتراف بأن أحزاننا جزء لا يتجزأ من تكويننا، وأن احتضانها يحررنا لنصبح النسخة الأكثر صدقًا وقوة من أنفسنا.

إعلان

إعلان