إعلان

مصيبة بلس!

محمد حسن الألفي

مصيبة بلس!

محمد حسن الألفي
07:00 م الثلاثاء 22 يونيو 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

من المؤكد أن الشخص الذي ترك لنا الحكمة التقليدية: "المصائب لا تأتي فرادى" كان شبع مصائب، مصيبة تلو مصيبة تعقبهما مصيبة، والعداد شغال، وهو صابر صامد.

ولدت الفلسفة من رحم الصدمة، وترك لنا هذه المقولة شاهدا على ما جرى له وبرهانا على صحتها؛ لأن المصائب لا تزال تتواتر فوق أدمغتنا بلا هوادة وبلا هدنة.

نحتاج أمثلة؟

راجع ما يحدث، وسوف يحدث. حادث قطار واحد بعد فترة سكون، سوف يعقبه حادثان وثلاثة وأربعة، خصوصا حين يكون هناك تعمد وقصد بالإضرار.

حادث طائرة ركاب يعقبه حوادث مماثلة في الجو أو عند الإقلاع. صحيح أن الفعل الإرهابي التخريبي انعدم تقريبا، وأن الفعل إلهي مقدور، لكن الأصح أنه متكرر متلاحق.

على المستوى الشخصي، كنت أرفض السفر بالطائرة، ولو بعد الحجز، لو قرأت حادث سقوط إحداها، وصحيح أن الأعمار بيد الله الواحد الأحد، لكن الأصح أن الهسهس كان سيطيح بعقلي، ويحتل كل خنادقي فأنهار من التوجس والتوقع وصور التحطم المتلاحقة ومنظري وأنا أصرخ والطائرة تهوي محترقة!

على المستوى الإنساني البشري العام بدأنا سنة ٢٠٢٠ من أواخر سنة ٢٠١٩، بدأناها بالمصيبة الغريبة المريبة (كوفيد -١٩) واسمها العالمى الشائع كورونا.

كم ارتعبنا، وجزعنا، وخفنا، وتواءمنا. وصبرنا، واجتزنا الموجتين الأوليين، ودخلنا في عام ٢٠٢١، فإذا بكورونا يستنسخ، ويستحدث نفسه بالتحورات، فيداهمنا بالمستحدث الجنوب أفريقي، ثم البرازيلي، حتى إذا اطمأنت البشرية إلى لقاحات فعالة راوغهم وتوالد بنسخ أشرس، في فيتنام، ثم أشد شراسة في بلاد الهندوس.

هنالك ولد المتحور الشرس دلتا، ثم دلتا بلس الفتاك. قضى على أرواح مئات الألوف، وبات العالم يحبس الأنفاس، ويترقب، ويمنع الهنود ومن سافر ومن تلامس ومن خالط من الدخول ومن الخروج.

ومع التطمينات بأن اللقاحات لا تزال فعالة وشغالة، ومع فرحة كانت تنمو في صدور البريطانيين بقرب الانفتاح والانشراح، إذا بدلتا الشرس يتحور ويتحول إلى دلتا الفتاك، ويحمل الاسم دلتا + أي دلتا بلس.

انقبضت الصدور من جديد في بريطانيا، وضرب الفتاك صدور ٩٩٪ من البريطانيين، وحتى الملقحين بأسترازينيكا أو فايزر في أمريكا، فالحماية ٣٣٪.

يا إله السماوات والأرض، رحماك!

العادي كان ينقل الإصابة من شخص لأربعة، ومدة الإصابة والتعافي ١١ يوما للمحظوظ، وكان الانتقال إلى المرحلة الحادة يقتضي من ستة إلى ثمانية أيام .

أما كورونا بلس الفتاك، فينقل الإصابة من شخص إلى ستة وسبعة، وينقل المريض إلى الحالة الحادة في يومين!

لا أحد يعرف نهاية مسلسل التحورات. حلقات متجددة من فيروس لا يرى، يتحدى كل عقول وعجول البشر، ويذكرهم فى كل مصيبة ومصيبة بأن الله ساخط غاضب على شيوع المظالم وعبادة الظالمين ومداهنتهم.

كل مصيبة تلد مصيبة أعمق وأعلى وأرفع تكلفة، لكن بنسماتٍ من رضا الله وغفرانٍ لنا نحن (الحمقى، بل أحمق مخلوقاته) سوف تنزاح الغمة، وتعود الوجوه المطمئنة.

إعلان