إعلان

الأهلي وبايرن ميونيخ.. الأهداف في شباك المرمى أم الشبكات الاجتماعية؟!

أحمد الشيخ

الأهلي وبايرن ميونيخ.. الأهداف في شباك المرمى أم الشبكات الاجتماعية؟!

أحمد الشيخ *
07:00 م الأحد 07 فبراير 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

ماذا لو طالع لاعبو الأهلي الشبكات الاجتماعية قبل لقاء بايرن ميونيخ في كأس العالم للأندية؟

هل تنهار معنوياتهم بسبب المهارات غير العادية التي تنشرها حسابات بايرن ميونيخ باللغة العربية؟

هل يحزن لاعبو الأهلي عندما يعلمون أن القاهرة هي أحد مواقع إدارة الحسابات؟

هل يفقدون الثقة بأنفسهم عندما ينشر الجمهور المصري أن قيمة روبرت ليفاندوفيسكي تبلغ 75 مليون دولار، بينما تقترب قيمة مروان محسن من المليون الواحد؟

كل هذه أسئلة طرحها مشجعون أوفياء للأهلي وأرادوا منها حث الجمهور على تحفيز اللاعبين.

والحقيقة أن كل هذه الأسئلة تبدو وجيهة، ولكنها غير منطقية، أو يجب أن تكون غير منطقة، فهي تفترض أن لاعبي الأهلي يستعدون لمباراة البايرن وعيونهم على شاشات هواتفهم، وهذا يجب ألا يحدث في المقام الأول.

فالأندية الكبرى تعزل لاعبيها عن كل المؤثرات الخارجية خلال المعسكرات المهمة، وتتحكم إدارة الفريق في وصول الأخبار والمعلومات للاعبين، ولا يفترض أن يشاهد اللاعبون أي مواد إعلامية غير التي تعدها إدارة الفريق بهدف الإعداد أو التحفيز.

طالعت مقابلات للاعبين بارزين، من بينهم كريستيانو رونالدو، تحدثوا فيها عن كيفية الاستعداد للمباريات الكبرى، فأجمعوا على الاستسلام لنظام روتيني تضعه إدارة الفريق، ويشمل التدريب والراحة والغذاء الصحي، وركزوا جميعا على أهمية تهدئة الأعصاب والنوم يوميا للفترة المعتادة أو ربما لفترة أطول. قال رونالدو إنه ينام ثماني ساعات يوميا، ولكنه لم يخفِ أنه يصاب بالأرق لفترات قصيرة قبل المباريات المهمة، وفي يوم المباراة يخصص ساعة للاسترخاء يستمع فيها إلى الموسيقى.

وحتى في غير المعسكرات المهمة يبدو استخدام الشبكات الاجتماعية مصدر قلق لمسؤولي الأندية الكبرى؛ فهناك مخاوف من أن ينصرف اللاعبون عن المنافسة داخل الملعب ويهتموا بالسباق على إثارة التفاعل وحصد المعجبين، وخصوصا أن زيادة الشعبية على المنصات الرقمية تتحول لاحقا إلى امتيازات مالية، فهي تجذب انتباه المعلنين ووكالات التسويق.

نائب رئيس نادي مانشستر يونايتد أعرب صراحة عن مخاوفه من تأثير الشبكات الاجتماعية في لاعبيه، وفقما نقلت صحيفة ديلي ستار الإنجليزية. قال إن قضاء اللاعبين وقتا طويلا مستخدمين الهواتف قد يؤثر سلبا في قدرات التواصل الإنساني؛ الأمر الذي دعا النادي إلى طلب نصائح متخصصين في علم النفس والشبكات الاجتماعية وأيضا مسؤولين في أندية أخرى.

وهناك دراسة أجريت على فريق برازيلي، ونشرتها مجلة جورنال أوف سبورتس ساينسز العام الماضي، شملت تقسيم اللاعبين إلى مجموعات على أن تقوم كل مجموعة لمدة ثلاثين دقيقة بممارسة واحد من ثلاثة أنشطة قبل المباريات وهي استخدام الشبكات الاجتماعية ومشاهدة مقاطع فيديو وممارسة ألعاب إلكترونية.

حرص الباحثون على إبلاغ اللاعبين بأن الهدف من المباريات هو اختيار أفضل اللاعبين للمشاركة في المباريات الرسمية، وبالتالي وفروا للمشاركين في الدراسة أفضل حافز. وجدت الدراسة أن لاعبي المجموعات الثلاثة يرتكبون أخطاء في التصويب والتمرير، بينما لم يرتكبوا نفس العدد من الأخطاء عندما تجنبوا النشاط الإلكتروني، وخلص الباحثون إلى أن استخدام الشبكات الاجتماعية أو ألعاب الفيديو يزيد معدل النبضات الكهربائية في بعض مناطق المخ، وهو ما يؤدي إلى إبطاء معدل معالجة المعلومات، الأمر الذي يتسبب في تراجع دقة اتخاذ القرار.

ووجد الباحثون أن النتيجة تنطبق أيضا على رياضيين آخرين وليس لاعبي كرة القدم فقط. وإذا لم تحظر الأندية استخدام الشبكات الاجتماعية في المعسكرات، فيجب أن ترفع وعي اللاعبين بشأن استخدام المنصات الرقمية والتعامل مع طوفان التعليقات والانتقادات والسخرية، فيستوعب اللاعب أن الشخصية العامة تدفع ضريبة الشهرة، وتتجسد في السخرية اللاذعة أحيانا، ويدرك الفارق بين الانتقادات المنطقية والهجمات المنظمة، وأيضا الفارق بين المشجعين المخلصين والحسابات الوهمية.

لاعبوا الدوري الإنجليزي مثلا يتلقون دعما في هذا المجال من الاتحاد الإنجليزي والأندية ورابطة اللاعبين المحترفين، وتحاول الأطراف الثلاثة مساعدة اللاعبين على عدم الانزلاق إلى مخالفة قانونية أو ملاسنة إلكترونية، والأهم أن تظل الحسابات على الشبكات الاجتماعية مصدرا لزيادة الشعبية والدخل للاعبين والأندية.

وتدافع الأندية الإنجليزية عن لاعبيها إذا تعرضوا لإساءة عنصرية. والاتحاد الإنجليزي لكرة القدم لا يتردد في فرض العقوبات، والحكومة البريطانية أعدت مشروع قانون يعاقب الشبكات الاجتماعية في حال أخفقت في وقف الإساءات العنصرية، ويشمل مشروع القانون اتخاذ إجراءات جنائية ضد الشبكات الاجتماعية والشركات المالكة لها ورؤساء الشركات وفرض عقوبات مالية كبيرة على الشركات.

ولا يتوقف دعم اللاعبين على مواجهة الضغوط القادمة من شاشات الهواتف المحمولة، وإنما توفر الأندية خبراء في علم النفس يتولون إعداد اللاعبين قبل المباريات، وخصوصا المواجهات الحاسمة، وينصحون اللاعبين بالتركيز على المنافسة وليس على المنافس، فيجب ألا يقارن كل لاعب نفسه بنظيره في الفريق المنافس، وإنما يجب أن يركز كل اللاعبين على تكامل قدراتهم ومواهبهم لتشكيل فريق ناجح؛ فمن غير المنطقي أن يقارن حارس المرمى نفسه بحارس المنافس؛ لأنهما لن يخوضا نزالا مباشرا على طريقة منافسات الملاكمة، وإنما كل منهما سيقف في أبعد نقطة عن الآخر.

وينصح الخبراء - اللاعبين أيضا بعدم التفكير في النتيجة، وإنما بالتركيز على مراحل المباراة كما قسمها وشرحها المدرب، لأن التركيز على النتيجة هو استباق للأحداث.

كما تتجلى مهمة الخبراء علم النفس في وضع المباراة في حجمها، فمهما كانت المباراة مهمة أو صعبة فهي مجرد مباراة واحدة وجزء من بطولة واحدة، بينما يخوض اللاعبون عشرات المباريات وينافسون على عدة بطولات في الموسم الواحد.

كل هذه عوامل تعزل اللاعبين عن المؤثرات الخارجية خلال الاستعداد للمواجهات المهمة، وتضمن تركيز اللاعبين اهتمامهم على إحراز الأهداف في شباك المرمى وليس الشبكات الاجتماعية.

إعلان