إعلان

اتصال تأخر أربعة أسابيع!

سليمان جودة

اتصال تأخر أربعة أسابيع!

سليمان جودة
07:00 م الأحد 21 فبراير 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

أخيراً.. بل أخيراً جدا.. أجرى الرئيس الأمريكي جو بايدن اتصالاً هاتفياً مع بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء اسرائيل، الذي كان قد جلس ينتظر هذه المكالمة ما يقرب من الشهر الكامل، وهو يضرب أخماساً في أسداس باحثاً عن سبب تأخرها.

الاتصال كان الأول من جانب بايدن مع مسئول سياسي في المنطقة كلها، فلم يحدث أن اتصل منذ دخوله البيت الأبيض في العشرين من يناير بأي من زعماء وقادة الدول في الشرق الأوسط، رغم حيوية منطقة كهذه بالنسبة للمصالح الأمريكية في العموم!

وكانت تل أبيب هي العاصمة الوحيدة التي أبدت قلقها الشديد من تأخر الاتصال، والسبب أن العادة قد جرت أن يبادر سيد البيت الأبيض الجديد بالاتصال برئيس وزراء إسرائيل. وعندما جاء ترامب مكتبه في العشرين من يناير ٢٠١٧، فاتصاله مع رئيس الوزراء الإسرائيلي كان في الثاني والعشرين من ذلك الشهر، وهذا هو الذي جعل نتنياهو يترقب المكالمة من بايدن منذ اليوم الأول له في مكتبه البيضاوي.

وقد طال انتظاره، وبدأت وسائل الإعلام تتحدث في الموضوع، وتتكلم عن خشيته من أن يكون تأخر الاتصال معناه أن تغيراً طرأ على طبيعة العلاقة بين البلدين.

وفي الثامن عشر من هذا الشهر جاء الاتصال المرتقب أخيراً، وبدا رئيس وزراء إسرائيل مبتسماً وهو يرد على المكالمة، ونقل الإعلام أن الاتصال دام ساعة كاملة، وأنهما تحدثا في قضايا عديدة، وأن بايدن أبدى التزام إدارته الصارم بأمن إسرائيل.

والحقيقة أن هذه العبارة الأخيرة ليس فيها أي جديد، لأنها تتكرر على لسان كل رئيس أمريكي جديد منذ قامت إسرائيل في الخامس عشر من مايو ١٩٤٨، ولو أن أحداً عاد إلى عدد صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الصادر في ١٥ مايو ١٩٩٨، فسوف يرى إلى أي حد كان الرؤساء الأمريكيون يصرحون بالعبارة نفسها عاماً بعد عام وبالصيغة نفسها.

يومها كانت إسرائيل تحتفل بمرور نصف قرن على نشأتها، وكانت الصحيفة الأمريكية ترصد مواقف الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين منها، ابتداء من الرئيس هاري ترومان الذي كان في البيت الأبيض يوم قيام الدولة العبرية، إلى الرئيس بيل كلينتون الذي كان في الحكم يوم أصدرت الصحيفة ملحقاً صحفياً متخصصاً عن مسيرة نصف قرن ممتدة.. جميعهم قالوا ما قاله بايدن خلال اتصاله، ومن بعدهم قالها بوش الابن وأوباما وترامب على التوالي.

وليست هناك مشكلة في أن يقولوها بالأمس ولا في أن يقولها غيرهم في الغد، ولكن المشكلة هي في أن يكون هذا الالتزام على حساب الفلسطينيين، أو أن يكون على حساب مبدأ حل الدولتين الذي لا يوجد مبدأ سواه يمكن أن يكون حلاً للقضية في أرض فلسطين.

ولم ينتهك هذا المبدأ أحد من الرؤساء الأمريكيين واحداً وراء الآخر، قدر ما انتهكه ترامب الذي طرح ما كان يسمى بصفقة القرن، منحازاً فيها إلى الجانب الإسرائيلي على طول الخط، ومتجاهلاً حل القضية بشكل عادل على طول الخط أيضا.

منتهى الأمل أن تكون إدارة بايدن وسيطاً نزيهاً بين الطرفين، فلا أحد يطلب منها أن تميل إلى صف الفلسطينيين.. فهذا ما لا ننتظره، ولا نتوقعه.. ولكن ما نريده، ونتمناه أن يصادف الفلسطينيين رئيس في البيت الأبيض يتطلع إلى القضية كما يجب أن تتطلع إليها إدارة أمريكية عادلة.

إعلان