إعلان

انقلاب الأيام..!

محمد حسن الألفي

انقلاب الأيام..!

محمد حسن الألفي
07:01 م الثلاثاء 19 يناير 2021

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

غدًا الأربعاءَ- العشرين من يناير- في تمام الساعة الثانيةَ عشرةَ ظهرًا بتوقيت الساحل الشرقي للولايات المتحدة، سيشهد العالم مراسم تنصيب الرئيس الجديد جو بايدن، ٧٤ سنة، ليصير ترامب الرئيس السابق. يتحدثون عن رحيل الشخص وبقاء الفكرة، ويسمونها الترامبية، وهي مرتبطة بالرأسمالية والشعبوية معا .

بتنصيب بايدن، تبدأ البشرية العشرية الثانية مع حكم الديمقراطيين. كان حفل تنصيب باراك حسين أوباما في يناير أيضا عام ٢٠٠٩، كان يوما أسود كقلبه بالنسبة للعرب. ومع أكاذيبه ومخططاته وتآمره مع الإخوان أحرق المنطقة العربية بإعصار الخيانة والتخريب المسمى بالربيع العربي. وعمد عمدا مع قطر وتركيا إلى إسقاط الجيوش العربية الكبرى، وإشاعة الفوضى وتفتيت الأوطان وتمكين الإرهاب المسلح. هذا تاريخ أوباما الديمقراطي معنا.

وطيلة ثماني السنوات التى حكم فيها بالتآمر وتأليب الطوائف والمذاهب على بعضها كان جو بايدن نائبه، لكنه لم يكن من أنصار إسقاط الدولة الوطنية في مصر، وكان معترضا على ذلك، لولا غلبة وحماسة "شوية" الشبان في الخارجية الأمريكية، جاءوا في ركاب أوباما، وتولوا مناصب مؤثرة.

ومن المفارقات التاريخية أن نهاية العشرية الثانية من القرن الواحد والعشرين وبداية العشرية الثالثة تشهد دورة انقلابية، يعشقها التاريخ، ويمارسها في دورات وأزمنة.

فبينما تماسكت الدولة الوطنية في مصر بفضل ثورة الشعب في الثلاثين من يونيو واستجابة الجيش الوطني المصري لحمايتها، جاء ترامب ليحكم بأسلوب فريد لأربع سنوات انتهت بمظاهر فوضى عارمة مسلحة، اجتاحت الدهماء والغوغاء فيها قلعة الديمقراطية ورمزها الهائل في واشنطن.

وكما نذكر بكل "القرف والامتعاض والمرارة" يوم الخامس والعشرين من يناير، الذي أطلقه علينا أوباما عام ٢٠١١، سيذكر الأمريكيون بكل المرارة والذهول والانقسامات يوم السادس من يناير ٢٠٢١.

ذلك يوم أهينت فيه أمريكا، وتعرت، وانفضحت، وعربد في أرجاء الكونجرس من تسميهم اليوم بالغوغاء والبلطجية، بينما كانت تصفهم عندنا بالثوار السلميين... عجبا لانقلاب الأيام!

يتسلم بايدن السلطة، إذن، وسيتسلم أمة منقسمة تعاني حالة استقطاب حادة. هناك الآن فريقان بالملايين: الـ٧٥ مليونا الذين صوتوا لترامب، وأكثر منهم قليلا الذين صوتوا لبايدن. كل فريق يعتقد أن الآخر سارق ولص. ترامب وملايينه من المؤيدين، فيهم شعبويون وفيهم متطرفون يمينيون، ومسلحون- يعتبرون أن الديمقراطيين سرقوا الفوز المحتوم له، وأن الحكم ينبغي أن يكون للجمهوريين لأربع سنوات أخرى، ونلاحظ أن ترامب لم يتوقف حتى الآن عن ترديد كلمة سرقوا الصندوق: أي سرقوا الفوز المحقق له.

على الجانب الآخر، بايدن والحزب الديمقراطي والنخبة السياسية في واشنطن ومعظم نجوم هوليوود والمثقفون- كان يعتبرون أمريكا نفسها مختطفة ومسروقة وأن السارق هو ترامب.

ولا ريب أن طريقة تفكير ترامب ذات المسارين، أي الفعل وعكسه، والقرار ونقيضه، والتقلبات العنيفة، وإلقاء الاتهامات دون أدلة، ومعاداة الإعلام والخارجية والمخابرات، ورفض المهاجرين- كلها عكست صورة رجل يعاني مرضا عقليا من وجهة نظرهم.

تستقبل أمريكا العشرية الثالثة، إذن، تحت تهديد السلاح والإرهاب الداخلي منقسمة، متخبطة، مرتبكة اقتصاديا، مزعزعة التحالفات، موضع ارتياب وترقب .

هل يمر الغدُ (الأربعاء) في سلام تحميه كتائب من عشرين ألف جندي من الحرس الوطني، و٧٥٠ جنديا ينشرهم البنتاجون؟

قلب واشنطن مغلق، وكل المناطق حول مباني الكابيتول في الخمسين ولاية صارت تحت حصار أمنى صارم، بينما تحوم الجماعات المتطرفة بأسلحتها حول المشهد.

تستقر البراكين التي فجروها تحتنا في نهاية العشرية الثانية، وتتحرك من تحتهم هناك فوالق زلزالية

من الآثار الجانبية الحتمية لحالة التأمل فيما جرى لنا ويجري لهم أن تتحرك أمام عينيك مشاعر شماتة فيمن أحرق عليك وطنك، وشرد أولادك، وحرمك الأمان! ذوقوا ما جرعتمونا.

إعلان