إعلان

بيزنس المساجد

بشير حسن

بيزنس المساجد

بشير حسن
07:01 م الخميس 03 سبتمبر 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

قال صديقي المهموم بقضايا الوطن والغيور عليه.. إذا أردت معرفة المساحات المنهوبة من أراضي الدولة.. ومدى نفوذ من فازوا بهذه الأراضي في غيبة من القانون.. انظر على جانبي طريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي، فإذا رأيت مسجدًا كبيرًا ملاصقًا للطريق.. فهذا دليل على أن المساحة المنهوبة كبيرة، وبناء المسجد ضمانة لحماية الأرض وتثبيت لحدودها، فالحكومة لن تجرؤ على هدم مسجد، كما أنها لن تفكر في إزالة ما وراءه، وهو في الغالب بنايات سكنية أو مصانع ومخازن، أما إذا وجدت مسجدًا صغيرًا فهذا دليل على أن المساحة المنهوبة صغيرة، وبُني المسجد؛ لتثبيت حدودها وحمايتها.

ما قاله صديقي له استثناءات، فالتعميم يظلم بعض من بنوا المساجد ابتغاء مرضاة الله، لكن النظر على جانبي الطريق يؤكد أن الغالبية ينطبق عليهم ما قاله الرجل، هذا إضافة إلى تحويل النشاط من زراعي إلى سكني في مساحات كبيرة من الأراضي المنهوبة، وكلما علت المآذن والأسوار.. كانت المساحة المحول نشاطها من زراعي إلى سكني كبيرة. وطريق القاهرة الإسكندرية الصحراوي لم يتفرد بهذه الحيلة (بناء المساجد لحماية حدود الأرض المنهوبة)، لكن أغلب الطرق الصحراوية عممتها، وكم من مساجد في الصحراء بدون مصلين، وكم من مصلين في مناطق مزدحمة ضاقت بهم المساجد فافترشوا الشوارع.

بيزنس المساجد زحف إلى قرى مصر ونجوعها، حيث انتشر في العقدين الأخيرين بناء (الزوايا) في الأراضي الزراعية، أغلبها لم يكن ابتغاء مرضاة الله، لكنها لأسباب يعرفها سكان القرى، أبرزها تحويل المنطقة المحيطة بالمسجد الصغير أو (الزاوية) إلى منطقة سكنية، وبذلك يقفز سعرها إلى عشرة أضعاف سعرها الزراعي، أما السبب الأكثر انتشارًا فهو ضمان وظيفتين على الأقل في وزارة الأوقاف لمن يبني المسجد أو الزاوية، فالفلاح الذي يبني زاوية أو مسجدًا على (قيراط) زراعي، يفوز بوظيفتين على الأقل لأبنائه، أحدهما مؤذن والثاني عامل.

الغريب أن الكثير من هذه (الزوايا) يغلق فور افتتاحه، وكثير منها لم يتم تجهيزه بشكل جيد، ولن أبالغ إذا قلت إن بعضها تاهت معالمه.

كنت أتمنى استبدال بعض هذه المساجد بمدارس، خاصة أن كثافة الطلاب في زيادة مستمرة، كما أن ابتغاء مرضاة الله موجودة أيضًا في المدارس، لكن العاملين في هذا النوع من البيزنس يعلمون أن بناء مدرسة يحتاج إلى (فدان) على الأقل، كما أنه لن يضمن وظائف لأبنائه في المدرسة، ويسري على المدارس ما يسري على المستشفيات، التي تحتاج هي الأخرى لمساحات كبيرة، لذلك سقطت من حساباتهم.

أعلم أن الكتابة في هذا الموضوع محفوفة بالمخاطر، ومن يتصدى لها كمن يقبض على سلك كهرباء عار، لكنها الحقيقة التي لا ينكرها إلا مرتجف، لسنا ضد بناء المساجد، لكن.. ابنوها في أملاككم، لا في أملاك الدولة، فالله أغنى من أن يُبنى له بيتٌ في أرض منهوبة.

****

للتواصل مع الكاتب:

besheerhassan7@gmail.com

إعلان