إعلان

إستراتيجية ترامب الانسحابية.. الفرص والتحديات! "6"

عصام شيحة

إستراتيجية ترامب الانسحابية.. الفرص والتحديات! "6"

عصام شيحة
07:00 م الثلاثاء 25 أغسطس 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

رغم شيوع فكرة تراجع السياسة الخارجية في قائمة أولويات الناخب الأمريكي، لصالح اهتمامه الأول بأحواله الاقتصادية والاجتماعية، فإن ما أثاره الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من توترات على الساحة الدولية أدى إلى أن تصبح السياسة الخارجية لبلاده أحد أهم ملامح الصراع الانتخابي مع المرشح الديمقراطي.

ولعل الحزب الديمقراطي أحصى على وجه الدقة المشكلات التي أرهقت السياسة الخارجية في عهد ترامب، فراح يزيد من تداعياتها السلبية على الداخل، تعظيماً لفرص إخراج ترامب من البيت الأبيض.

كما أن جائحة كورونا انحازت إلى الآن، ناحية بايدن، مع محاولات مستمرة من ترامب لتحييدها، أو حتى استمالتها جهته، إذا ما نجحت بلاده في إنتاج لقاح للوباء قبل إجراء السباق الرئاسي، 3 نوفمبر المُقبل.

يأتي ذلك في الوقت الذي يرجح فيه الخبراء أن تتشابه سياسات بايدن مع سياسات أوباما الذي أتي به نائباً له كتتويج لحياة سياسية حافلة، اكتسب بموجبها احترام المواطن الأمريكي إلى حد بعيد.

لكن الأمر لا يخلو من توقع حدوث جديد عن نهج أوباما، خاصة أن تركيز الأخير على القضايا الداخلية دون الخارجية كان مدفوعاً بهدوء المسارات الأمريكية إلى حد بعيد على الساحة الدولية، وهو أمر غير مُتحقق الآن، بفعل تداعيات جائحة كورونا، وبضغط من سياسات ترامب التي أثارت جدلاً واسعاً، وأحاطت بلاده بدوائر الشك بين حلفائه، فيما اعتبره الحزب الديمقراطي إضافة حقيقية إلى رصيد الصين التي توسع نفوذها كثيراً جراء انسحابات ترامب، وتشدده في أدوات الحرب التجارية التي استهدف بها الجميع تقريباً.

أما الآن، فإن بايدن لو فاز، ودخل البيت الأبيض، فسيكون مطلوباً منه استعادة توازن سياسات بلاده في العديد من الملفات الدولية، خاصة أنه يدرك كم أنها نِقاط ضعف حقيقية لخَصمه في مساجلاته الانتخابيةِ؛ ومن ثم سيركز عليها. وعليه فسيكون مطلوباً منه تحقيق تعهداته الانتخابية باستعادة هيبة بلاده، وتحسين أجواء العلاقات مع العديد من القوى الدولية.

وللتدليل على أن بايدن يقتفي أثر إخفاقات ترامب الخارجية، نجده يتعهد بتشديد قبضة بلاده في مواجهة الإرهاب، وشن حرب عالمية مفتوحة ضد البؤر الإرهابية، يستخدم فيها طائرات بدون طيار وقوات خاصة تخترق معاقل الإرهابيين الذين تخشاهم بلاده.

ورغم أن بايدن، عندما كان نائباً لأوباما كان من المؤيدين لتقليص حقيقي للجيش الأمريكي في أفغانستان، وعارض التورط عسكرياً في ليبيا، لكنه، وبغرض إنفاذ رؤيته ضد الإرهاب، لن يتجه لتحقيق خفض حقيقي في ميزانية الدفاع المتضخمة، التي بلغت الآن 100 مليار دولار، رغم أن بايدن الذي أيد في السابق استخدام الجيش الأمريكي في عدة صراعات خارجية، أصبح أكثر حذراً بعد العراق 2003، في عسكرة السياسة الخارجية الأمريكية.

من جهة أخرى، فإن بايدن سيعيد الدفء إلى علاقات بلاده مع الحلفاء في أوروبا، وستعود بلاده معه إلى العديد من الاتفاقيات الدولية، وسيؤكد على أهمية استمرار بلاده في العديد من المنظمات الدولية، كمنظمة الصحة العالمية، وسيعيد الهدوء إلى الاتفاقيات العسكرية مع روسيا.

لكن البعض يرى أن خبرة بايدن في الشؤون الخارجية لن تُسعفه لتحقيق سياسات خارجية فعالة على نحو يعزز بالفعل من تزعم بلاده النظامَ العالميَّ؛ إذ يعتمد الرجل علي فكرة تكوين علاقات شخصية قوية مع أهم القادة في العالم، بينما الفِكر والأيديولوجيات لا يستهويانه كثيراً؛ ومن ثم تبدو المسألة إلى حدٍّ ما غيرَ احترافية، ولذلك كانت وزارة الخارجية منافسًا شرسًا لبايدن وهو نائبٌ لأوباما، وكثيراً ما قلصت هيلاري كلينتون من دوره، وكذلك فعل جون كيري أيضاً.

أما العلاقات الأمريكية ـ الصينية فيما بين ترامب وبايدن، فنتابعها الأسبوع المُقبل بإذن الله.

***

للتواصل مع الكاتب:

Eshiha@yahoo.com

إعلان