إعلان

محمد الجوادي ومُستطاع الدجال

د. أحمد عمر

محمد الجوادي ومُستطاع الدجال

د. أحمد عبدالعال عمر
08:32 م الأربعاء 08 يوليه 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

"الإخوان إن شاء الله عائدون، عائدون. وسيعودون بفضل ما تشخصونه على أنه أخطاء. فالبيولوجيا علم مختلف عن الرياضات، والسياسة علم مختلف عن الهندسة، والطب فن مختلف عن الطيران، والحب بالقلب لا بالعقل، والحظ بالنرد لا بالفرض، واليسار بالبركة لا بالحركة".

هذه الكلمات السمك لبن تمر هندي، التي تُذكرنا بالطلاسم السحرية التي كان يرددها الفنان أحمد زكي أو الأستاذ مستطاع الدجال في فيلم (البيضة والحجر) مستخدمًا الفهلوة والشعوذة للضحك على عقول البسطاء والجهلة والمغيبين، وإيهامهم بقدرته على فك الأعمال وشفاء الأمراض وتحقيق الأحلام، قالها على حسابه بموقع تويتر يوم 30 يونيو الماضي أبو التاريخ – كما يصف نفسه - الدكتور محمد الجوادي، أستاذ القلب بجامعة الزقازيق، الذي غادر مصر بعد سقوط حكم الإخوان، ويعيش الآن ما بين قطر وتركيا.

وهي كلمات تُلخص بدقة أسلوب جماعة الإخوان وإعلامها في التدليس على الناس، وقلب الحقائق، وإنتاج الهراء الفكري والسياسي المستمر.

كما تُلخص منطق تفكير قياداتها ورفضهم رؤية الواقع كما هو عليه والاعتراف بأخطائهم، بل خطاياهم في حق الدولة المصرية، ثم الكذب على أتباعهم والبسطاء والمغيبين المتعاطفين معهم بالكربلائيات الإخوانية الزائفة، ودراما صراع الحق والباطل، وحتمية نصرة الله للحق الذي يحملون هم لواءه، لضمان وحدة الأتباع والتفافهم حول الجماعة وقيادتها، والمحافظة على وجودها.

وليت قياداتِ الجماعة وأتباعَها يمارسون النقد الذاتي لمرة واحدة في تاريخهم، ويتوقفون عن رفع شعار: "لا تجادل ولا تناقش أنت إخوانجي!" ويعترفون بأن جماعة الإخوان المسلمين بأدبياتها وتنظيمها الدولي العابر للحدود تناقض مفهوم ومشروع الدولة الوطنية. ويقومون بحل الجماعة وإنهاء هذا الفصل الدرامي العبثي في تاريخنا السياسي والوطني!

وليتهم يدركون أنهم بعد عقود طويلة من الإعداد والتدبير والتمكين، والحلم بالاستيلاء على السلطة في مصر - قد فشلوا عندما وصلوا للحكم بعد ثورة 25 يناير في إدارة هذه الدولة العريقة! وأظهروا عداءً لمؤسستها الوطنية ونخبتها الفكرية والثقافية، وكانوا على وشك مسخ ثقافة مصر وهويتها، وإدخالها في تحالفات أقليمية ودولية مشبوهة، ولذلك ثار المصريون عليهم في 30 يونيو، وأسقطوا حكمهم.

وليتهم يدركون أن رفْضنا دورهم السياسي، وخصومتنا معهم ليست خصومة سياسية أو إنسانية، لأنهم ليسوا فصيلا سياسيا أصلًا، بل جماعة سرية، لها تنظيمها الخاص، واقتصادها الخفي، وعلاقتها الدولية والإستخباراتية المشبوهة!

وليتهم يدركون أن خصومتنا معهم كمصريين أصلاء ومثقفين نحمل ميراث وضمير الدولة المصرية تتأسس على قاعدة فكرية ووطنية، تجعلنا نرفض بالمطلق أدبياتهم، وأوهامهم وتنظيمهم، وتدليسهم على الناس باسم الدين للوصول للحكم، ودورهم السلبي في تاريخنا الوطني!

وليتهم يدركون أن ما أظهروه من عداء للدولة المصرية وشعبها بعد 30 يونيو، وما قاموا به من صدام مسلح مع مؤسستها الأمنية، ثم تحالفهم مع خصوم وأعداء الدولة المصرية في الخارج، وتوظيف إمكاناتهم وإعلامهم لخدمة المخططات القطرية، والأطماع التركية في المنطقة العربية، وموقفهم المشين من قضية سد النهضة، والتدخل التركي في ليبيا - قد جعلهم في خصومة مع الشعب المصري بجميع فئاته وطبقاته، وفي خصومة مع المؤسسات الوطنية العريقة والراسخة في الدولة المصرية، وليسوا في خصومة مع نظام حكم الرئيس السيسي!

وليتهم يدركون، في النهاية، أن كل ما سبق سوف يجعل عودتهم لممارسة دور سياسي في مصر- كما يتوهم الدكتور محمد الجوادي، أو الأستاذ مستطاع الدجال الإخواني- عودة مستحيلة! سواء أثناء حكم الرئيس السيسي أو بعده؛ لأن الشعب المصري بكل فئاته وطبقاته، وبنخبته السياسية والثقافية، وبمؤسساته الوطنية - أصبح على يقين من أنه لا وجود لجماعة الإخوان المسلمين في مصر مع وجود الدولة، ولا وجود للدولة المصرية مع وجود الجماعة.

إعلان