إعلان

بلازما المتعافين

أمينة خيري

بلازما المتعافين

أمينة خيري
07:00 م الإثنين 08 يونيو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بلازما المتعافين أنارت ضوءًا أخضرَ ساطعًا أمام الحالات الحرجة المصابة بفيروس كورونا. وهذا الضوء الأخضر يعني مسؤولية إنسانية ومجتمعية على عاتق المتعافين من كورونا والذين تنطبق عليهم الشروط التي وضعتها وزارة الصحة والسكان، والمعتمدة على شروط عالمية معروفة مسبقاً.

ويعتقد البعض أن التبرع بالبلازما مسألة جديدة برمتها، لكنها ليست كذلك. كما يعتقد آخرون أن الأجهزة الطبية المستخدمة لهذا الغرض وفصل البلازما عن بقية مكونات الدم وإخضاعها للتحاليل حديثة ومعقدة، لكنها ليست كذلك.

لكن الكشف الكبير والعظيم والقادر على إعطاء قبلة الحياة للحالات الحرجة المصابة بكورونا يكمن في ثبوت قدرة بلازما من تعافوا من كورونا على تخفيف أعراض الفيروس والتعجيل بشفاء عدد لا بأس به من المرضى.

ومعروف طبياً أن جهاز مناعة المصاب بالفيروس حين يستجيب له يبدأ بتخليق أجسام مضادة بغرض مهاجمته.

وأوضحت وزارة الصحة أن التبرع بالبلازما له شروط، والغرض منه حماية كل من المتبرع والمتبرع له. فالبلازما تخضع لتحاليل عدة تؤكد عدم حملها لأمراض أخرى مثل الفيروسات الكبدية الوبائية والزهري ونقص المناعة والأورام وغيرها. وسيتم التأكد من أن المتبرع لا يعاني أمراضاً صدرية أو قلبية بالإضافة إلى أنماط معينة من السكري والضغط.

كما أن المريض الذي سيتم نقل البلازما إليه ليس أي مريض، بل تم تحديدهم بـ"أصحاب الحالات الحرجة" فقط. لماذا؟

لأن الأصحاء الذين يصابون بفيروس كورونا تستطيع أجهزتهم المناعية مقاومته بطريقة طبيعية بمساعدة البروتوكول العلاجي المحدد، أما المسنون والمرضى بأمراض أخرى فهم الأولى بهذا التدخل العلاجي الإنقاذي.

ونحمد الله كثيراً على أن دولاً عدة بدأت بالفعل تعالج مرضاها من أصحاب الحالات الحرجة ببلازما المتعافين، ومنها بريطانيا وأمريكا وفرنسا وغيرها، وهي علاجات أثبتت نجاحاً، لكن من وجوب الإشارة إلى أن التيقن من مدى النجاح والفاعلية وغلبة إيجابياتها على عوارضها السلبية ما زالت في بداية الطريق.

وأتصور لو كانت مصر قد مضت وحدها قدماً في هذا المسار، لخرجت علينا "الجزيرة" وأخواتها بإعلان أن "نظام السيسي يقتل مرضى كورونا من الحالات الحرجة" وأن "مصر تتاجر بدماء المتعافين" إلى آخر سوق الكلام وسوئه المعروفين مسبقاً.

ونعود إلى ما يهمنا في شأننا المصري الصحي، ونشير إلى أن وزارة الصحة عليها أن تولي المزيد من الجهد الإعلامي والتوعوي المركزين والسريعين لمخاطبة المتعافين، وذلك بالتعاون مع الإعلام بأشكاله من تقليدي وجديد (أي العنكبوتي). فالمناشدات عبر البيانات الرسمية أو مداخلات البرامج المسائية لا تكفي، خصوصا أن الوقت عامل حيوي.

وكم كنت أتمنى أن يكون الخطاب الموجود حالياً في هذا الشأن يعتمد على "مسؤولية المتعافي المجتمعية" و"حسه الإنساني" دون الحاجة إلى إصدار فتوى شرعية معقدة الصيغة، وتحمل تجريمًا شرعياً للممتنع عن التبرع، ووصفه بـ"الآثم"، لكن ما علينا!

وعلينا التنبه إلى احتماليات تلوح في الأفق لتمصير التبرع بالبلازما من قبل البعض، حيث فتح مزادات "من تحت الترابيزة" لها. وللعلم فإن مواقع التواصل الاجتماعي عامرة هذه الأيام بمناشدات تبدو أنها من أفراد يطلبون متبرعا متعافيا من كورونا تكون فصيلة دمه كذا لحالة حرجة.

المسألة بحاجة إلى تنظيم أكبر وأدق وأسرع من قبل وزارة الصحة، فالبعض "يلقح" كلاما هذه الآونة بأن المريض المتعافي الذي ظل يتصل بالأرقام المعلن عنها من قبل الوزارة دون أن يرد عليه أحد، أو طرق باب مستشفى دون أن يجد من يسعفه، أو بحث عن دواء حيوي دون جدوى، ثم منّ عليه الله بالشفاء - لن يهرع للتبرع بالبلازما.

إعلان