إعلان

عرض فيروسي: متلازمة الخوف وتفادي الموت!

محمد حسن الألفي

عرض فيروسي: متلازمة الخوف وتفادي الموت!

محمد حسن الألفي
08:45 م الثلاثاء 16 يونيو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

نعمل، أم نحزن؟ نكتئب، أم نتفاءل؟ نخرج إلى الحياة، أم نخرج من الحياة؟ ننشر التفاؤل وأسبابه ليست قوية، أم نعترف بأن صفحات الوفيات تتصدر المشهد؟ نترحم على الأيام الخوالي- أيام كنا نتلاقى، ونتزاحم، ونتشارك، ونتخامس أكواب الشاي وفناجين القهوة، ونتحاضن، ونتبادل القبلات- أم نترقب ضوءًا يهبط علينا من قلب الظلمات؛ يضيء، ويبشر؟

وسط المحن، تكون هذه المشاعر المتسائلة طبيعية؛ لأنها باحثة عن إجابة، ليس لها من دون الله مجيب. المشاعر المرتجفة تتوسل إلى صاحب الأمر والنهي والقطع في عليائه بأن يرضى، وأن يغفر، وأن يعفو.

خبرات البشر مع الفيروسات المهلكة تغيرت بتغير القرون والطفرات العلمية والعلاجية. ظن إنسان القرن الواحد والعشرين أنه القادر، فكشف عورته العلمية والعقلية فيروس خفي، حيّر البشر، وأنزلهم أحجامهم الحقيقية. هل استرد الإنسان بسبب من الخوف ورجاء النجاة- تواضعه؟!

لم يسترد الإنسان أي قدر من التواضع والتسامح. بالعكس؛ فإن التفجيرات بسبب الإنسان وأطماعه، في أماكن كثيرة من العالم، تمضي متوازية مع الوفيات بسبب الفيروس ومضاعفاته.

اختناق الإنسان بالقيود يحوله إلى طاقة غضب ورفض، بشكل هيستيري. لو القيد أصفاد بالمعاصم والأرجل عمل على تحطيمه.

لو القيد سجن في البيوت خوفَ الخطر الخارجي (تلامس أو مخالطة مرضى) تطلع الـ"بني آدم" إلى كسر الجدران والفرار.

وبينما انتقل مركز القتل بالوباء من أوروبا، نسبيا، إلى البرازيل والمكسيك، مع إطلالات ثقيلة، متنوعة، على الشرق الأوسط، نحن فيها، فإن الشعور العام الجارف هو التحدي. تلك طبيعة البشر. إذا كان من الموت بد، فلا بد أن تكون حياة.

وهكذا يتهيأ الناس في مصر لاستقبال الشهر القادم بالتمني، ينتظرون فيه أول علاج مصري فعال. وأول علاج ياباني فعال (أفيجان) وأول إنتاج لدواء أمريكي (ريمديسيفير) في مصانع مصر. الخروج إلى الحياة ليس مجرد مغادرة بيتك والنزول إلى الشارع.

الطمأنينة شرط الحياة. أن تعيش في خوف، وفي توجس، وفي ترقب، وفي توزع وفي هواجس- ذلك هو الموت الحقيقي.

اليوم نتحسر جديا، وبإخلاص، على ما كنا فيه. كم سخطنا. وكم زفرنا. وكم لعنّا. وكم طهقنا. وكم سببنا. وكم شققنا الهدوم. كنا في نعمة الاعتياد والتواتر. انقلبنا إلى جحيم التوتر. سكون باب الشقة أمان. الخبط على باب الشقة كل حين يجعلك معلق البصر بالباب. تتساءل: "خير يا رب"؟!

الوضع الذي أنا وأنت فيه حاليا هو وضع مليارات من البشر. أتصور أن السماء ترقبنا في أسًى، وترقبنا في تأمل. وتسخر منا وتستهزئ بنا.

لكن الله الذي خلقنا يعلم ما في الصدور وما في الجوارح. وهو (سبحانه) يعلم متى سينقلب الآدمي المتمسكن حاليا إلى وغدٍ شرير إن أذاقه الله نعمة الرحمة، بإزالة الوباء.

نعم، نحن كذلك يا ألله! قتل الإنسان ما أكفره بالنعم. أنت خالقنا. وأنت مولانا. وأنت ربنا. ونحن البائسون. اليائسون، المتطلعون إلى أبواب رضاك.

نحب الحياة؛ لأنك خالق الحياة، ونرضى بالنهايات؛ لأنك خالق النهايات. فقط أسبغ علينا الرضا والأمان حتى يحين الأجل.

إعلان