إعلان

رسائل أحمد منسي.. ورسائل المكفرين!

محمد حسن الألفي

رسائل أحمد منسي.. ورسائل المكفرين!

محمد حسن الألفي
08:59 م الثلاثاء 12 مايو 2020

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

من أول مشهد حقق مسلسل الاختيار عن بطولات الصاعقة المصرية ونجمها وشهيد الوطن الراحل العقيد أركان حرب أحمد صابر منسي - الخطفة الأولى المطلوبة لبناء العلاقة الممتدة بين الجمهور والعمل الدرامي.

بدون هذا التجاذب الأول، يقع التردد والتململ وربما الانصراف. مسلسل أم كلثوم للنجمة صابرين حقق هذه الخطفة المغناطيسية الجاذبة.

يستمتع الناس، إذن، بعمل درامي وطني من طراز رفيع، في الأداء، وفي الإنتاج وفي الإخراج وفي الكتابة، وفي التصوير والموسيقي المصاحبة للعمل.

يقدم العمل جملة من الرسائل على الجانبين. رسائل البطل الشهيد أحمد منسي انعكاس للرومانسية الوطنية المعززة بالقوة وبالإصرار. أحمد منسي حالم ودارس وعارف ومذاكر تاريخ بلده وتاريخ أرض العمليات. هو مثال المقاتل المتكامل. هو يعي أن سيناء مفتاح مصر وأهل سيناء هم مفتاح سيناء. أهم رسالة هنا هي الحفاظ على الثوب الوطني الأبيض للمواطنين المصريين في سيناء، أهلها الذين قدموا بطولات وتضحيات مع جيشهم في مواجهة العدو الإسرائيلي وقت الاحتلال. يحرص المسلسل على إظهار السجل العريق لأبطال سيناء وخدماتهم في الإعاشة والإخفاء والاحتواء وتقديم المعلومات. يبرئهم مما قد يلحق بهم من تشويه بسبب حفنة منحرفة العقيدة، دينية أو وطنية، وهذه القلة موجودة في الوادي وفي أي مكان. لم يرضعوا من ثديٍ طاهر!

الرسالة الثانية هي ضرورة تلاحم الجيش مع الطلاب والتلاميذ والتعريف بالعدو الجديد وخطورته، فاللقاء بين البطل منسي وتلاميذ المدرسة في أحد الفصول هو درس في بناء الانتماء وتحديد العدو وتعريف الأولاد بدورهم وتجهيز وجدانهم للتمييز لاحقا بين صحيح الدين وفاسد العقيدة وصحيح الوطنية وخائنها.

الرسالة الثالثة أن ما أذيع علينا من بيانات المتحدث العسكري هو صورة بالنتائج وليس صورة للأعمال. المعارك الرهيبة، وعمليات التخطيط والتدبير والمناورة والاقتحام وطلقات الرصاص وتربص الرجال، وتربص الموت. وسقوط الزملاء والأصدقاء، ورجفة قلب الأم والزوجة، والأبناء، وصرخاتهم. هذا كله نعيشه لحما ودما ودخانا ودموعا.

الصدق المطلق في الإخراج والأداء حقق تلك الرغبة الدافعة بقوة نحو طلب التطوع والتجنيد والعمل الوطني في سيناء.

الرسالة الرابعة أن هؤلاء المقاتلين هم في عز شبابهم، ملازم وملازم أول ونقيب ورائد ومقدم. شباب وأولادهم أطفال وصبية، وزوجاتهم في عز شبابهن، وآباؤهم مرضى وأمهاتهم في جزع إذا أطل عليهن، بل عليهم جميعا، نبأ استشهاد فلان وفلان وفلان وفلان.

تبقى ملاحظات نتمنى تلافيها فيما تبقي من حوار بالمسلسل، لاحظت أن الكلام على لسان منسي خطابي، بلاغي، احتفالي، بالطبع تمت معالجته بالأعمال الفدائية والقتالية البارعة التي وازنت وصححت وأقنعت المشاهدين من شبابنا بأن الوطنية ليست أناشيد وأغانيَ. لكن مطلوب تخفيف البلاغة الخطابية وتضمين الحوار نظرة أعمق.

على الجانب الآخر، جانب المكفرين، فإن الكاتب العزيز باهر دويدار تعمق كما هو ظاهر في دراسة فكرهم الفاسد، وهو ما ظهر بجلاء في عمق الحوار بين القادة وتابعيهم من المكفرين، حوار أبو عبد الله (الإرهابي فريج زيادة) مع هشام عشماوي وزميله، وحوارات عمر رفاعي سرور مع عشماوي، هذه الحوارات صحيحة، لكنها تنطوي على أثر عكسي خطير، فهي بما تحتويه من دلالات وثواب، أقله نساء الجنة وخمرها وأنهارها تعد رسائل تجنيد جاذبة.

ملاحظة أخيرة، يبدو أهل الشر في المسلسل أكثر جاذبية وقبولا من أهل الوطنية والخير، ولولا أمير كرارة وتجسيده الفائق الفاهم لدوره ورسالته، ولولا ضيوف الشرف من النجوم محمد رجب ومحمد عادل إمام وعمرو سعد، وأدوارهم القتالية والمؤثرة، لأتى المسلسل بأثر عكسي، الكاستنج هو المسئول.

نتابعه بشغف وفخر بالعمل وإنتاجه وإخراجه، ونتمنى المزيد من بطولات الجيش المصري، فالسجل زاخر وعطر وفواح بالدماء الزكية، والأرواح الطيبة الخالدة.

تحية لأداء النجوم أحمد العوضي، وضياء عبد الخالق، ويبقى الممثل أحمد المغربي موضع ريبة، قدم سماجة حازم إسماعيل باقتدار. مخزون السلفية فيه وفير لذا ندعو للتحقق مما نسب إليه من تاريخ معهم.

إعلان